حكومة كردستان ترفض انتقادات المالكي لها وتتهمه بتجاوزات :
زرع الفتنة وخرق الدستور وأستغلال الجيش وسياسة نفطية كارثية
أسامة مهدي من لندن :
بعد هدوء استمر لأسبوعين عاد التراشق بين حكومتي كردستان والحكومة المركزية في بغداد الى العلن من جديد حيث رفضت الاولى انتقادات وجهها لها مؤخرا رئيس الوزراء نوري المالكي واتهمته بخرق الدستور مشيرة الى ان مجالس الاسناد التي يشكلها غير قانونية وتؤدي الى زرع الفتنة وضرب استقرار اقليم كردستان واكدت ان عقود النفط والغاز التي توقعها وممثلياتها في السفارات العراقية قانونية وتتماشى مع بنود الدستور واشارت الى ان القيود التي تضعها على العراقيين الداخلين الى الاقليم تهدف الى حفظ الامن من عمليات الارهابيين وقالت إن تحركات الجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها تهدف الى تغيير واقع هذه المناطق داعية الى الاحتكام الى الدستور في حل المشاكل العالقة بين الحكومتين .
واضافت حكومة كردستان ان المالكي قد صب مؤخرا جام غضبه على الإقليم quot;ومن أجل وضع النقاط على الحروف وشرح خلفية جميع المسائل التي اشار اليها ارتأينا الرد على تلك الإتهامات وبصورة تفصيلية لكي يكون الرأي العام العراقي على بيّنة من الحقائق والوقائعquot;.

مجالس الاسناد
اكدت حكومة كردستان ان موقفها من انفراد المالكي بتأسيس ما يسمىquot; بمجالس الاسنادquot; وقالت إن مكتب رئيس الوزراء حاول الاتصال بالعديد من الاشخاص في إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها الخاضعة للمادة (140) والذين كانوا إبان عهد النظام السابق جزءاً من القوة النظامية التي كانت مرتبطة بالاجهزة الامنية والاستخباراتية لذلك النظام . واشارت الى هؤلاء الأشخاص - وبعضهم كانوا من رؤساء العشائر في كردستان - قد حملوا السلاح ضد ابناء جلدتهم فشاركوا الاجهزة الامنية والعسكرية القمعية في عهد النظام السابق في قتل وتشريد الكرد وتدمير القرى وبعد انتفاضة عام 1991 اصدرت قيادة الجبهة الكردستانية عفواً عاماً عنهم مشترطة عليهم الا يعودوا ابداً الى صفوف الخيانة.
وقالت ان مكتب رئيس الوزراء بدأ بالاتصال حتى ببعض الخونة من الكرد ايضاً الذين شاركوا النظام البائد في عمليات الانفال السيئة الصيت والذين لاذوا بالفرار الى الخارج ابان انتفاضة اذار عام 1991 هاربين ولم يشملهم حتى قرار العفو العام الصادر من لدن قيادة الجبهة الكردستانية.

وقالت ان عدم العودة الى السلاح والتحكم به وصيانة كردستان التي اصبحت في تلك الفترة (1991ndash; 2003) المنطقة الوحيدة المحررة من العراق والاندماج مع عموم ابناء المنطقة في العملية السياسية كانت تجربة عمقت ثقافة التسامح والاستفادة من اخطاء الماضي وعدم تكرارها.

اذن فالتعامل مع تلك الفئة الكردية المسلحة التي خانت القضية الكردية والعراقية في مرحلة معينة، كان على اساس نبذ الماضي وفتح صفحة جديدة وكان خطوة مهمة لشعب كردستان والحفاظ على أمنه.
واشارت الى انه بفضل تلك السياسة الحكيمة اصبحت كردستان مأوى للعديد من القادة العراقيين من المعارضين للنظام السابق ومنطلقاً للعديد من النشاطات والفعاليات الحزبية المناهضة للنظام واكثرية هذه الاحزاب هي الان مشاركة في العملية السياسية والحكومة في العراق. واضافت ان تجديد الاتصال بالعديد من رؤساء تلك الافواج المسلحة سابقاً في كردستان والمناطق الخاضعة للمادة (140) من الدستور العراقي لتأسيس ما يسمى مجالس الاسناد بتلك الطريقة التي يسلكها مكتب السيد رئيس الوزراء قد يؤدي الى :

1- خلق حالة من عدم الاستقرار وتقويض الانسجام في المجتمع الكردستاني اللذين كانا مفقودين ابان النظام السابق.
2- خلق فجوات وثغرات في بناء المصالحة الوطنية على مستوى الإقليم والتي تم وضع الاسس لها منذ سنة 1991 بناءً على العفو العام الذي اعلنته قيادة الجبهة الكردستانية آنذاك.
3- خلق فجوات امنية في الإقليم والتي تسهل للعصابات الارهابية التسلل من خلالها.
4- خلق ميليشيات في المناطق الخاضعة للمادة (140)، وبالتالي زعزعة الامن وزرع بذور الشقاق والتفرقة في تلك المناطق.
واضافت ان مجالس الاسناد تشكلت من دون ان يكون لها غطاء دستوري او قرار توافقي من مجلس الوزراء ومن دون التشاور مع الحلفاء والشركاء .. quot;وهنا يجب القول ان من واجب رئيس الوزراء ومكتبه خلق جو للمصالحة الوطنية وليس هدم ما بني من المصالحة وخلق جو لبناء المسيرة الامنية وليس العمل على هدم ما بني، وخلق جو لبناء مسيرة التسامح وليس ارضية للتفرقةquot;.
وحذرت من ان تشكيل مجالس الاسناد هي في الواقع اعادة صياغة افواج الطوارئ والقتل والدمار في كردستان .. فهل quot;المراد من هذه المحاولات استهداف الإقليم واجهاض عملية البناء والنمو في هذا الجزء المهم من العراق؟ هل من واجب الحكومة الاتحادية حماية الامن ام زعزعته؟ هل الاستقرار في كردستان لصالح العراق والمسيرة السياسية في العراق والحكومة الاتحادية ام لا؟ أوليس من واجب القيادة الكردستانية الدفاع عن البناء الشامخ للمصالحة الوطنية في الإقليم ضد من يريد هدمها وتحطيمها؟

وشددت حكومة كردستان على ان quot;عهد خلق الانشقاق والخيانات في صفوف ابناء كردستان قد ولى واذا كانت هناك محاولات من هذا القبيل فان تلك المحاولات تأتي من القوى المضادة للمسيرة السياسية في العراق ولا يتوقع المرء ان تأتي تلك المحاولات من قيادة quot;حكومة المشاركة والائتلافquot; في بغدادquot;.

المسائل الدستورية
واوضحت ان المالكي هاجم العديد من مفاصل المؤسسات والاعمال الدستورية في الدولة بضمنها الإقليم quot;والعجيب ان دولة رئيس الوزراء يحتمي بالدستور حينما يهاجم الاخرين ويناقض الدستور ويدعو الى تغييره حينما يقوم ببعض الممارسات التي ينفرد بتنفيذها ايضاً وهو الذي اقسم بالحفاظ على الدستور ولقد اتهم حكومة الإقليم بأنها قامت بأعمال مخالفة للدستورquot;.

واتهمت المالكي بالتناقض وقالت انه يتكلم عن الالتزام بالدستور ولكنه من الداعين الى تغييره وتساءلت قائلة quot;هل من الصحيح ان يتحرك رأس العملية التنفيذية في حدود دستور التمنيات وليس دستور واقع الحال، والدستور المتفق عليه؟ هل يستند في عمله الى الدستور الحالي أو الدستور الذي يعده للمستقبل؟quot; . واشارت الى ان هناك خلطا واضحا لدى المالكي بين العمل والإلتزام بالدستور والعمل والإلتزام بالأفكار المناقضة للدستور quot; أما أن يتحرك الآن خارج الدستور لأن تمنياته تملي عليه ذلك فهذا خطأ دستوري كبير فهو ملتزم بتطبيق ماهو موجودquot;. وقالت انه في هذا المجال quot;تطرق الى المكاسب الدستورية للإقليم و يضعه في إطار (ان ما تحت يدي لي، وما عندك أنا شريك فيه)، وكأنما مكاسب الكرد ليست مكاسبه وكأنما بغداد كحكومة اتحادية له فقط لكننا نؤكد ان بغداد للجميع وعاصمة الجميع وليس لفئة معينةquot;.

واوضحت ان الإقليم والدولة يستند كل منهما الى نظام دستوري ففي الباب الأول والمادة الأولى في الدستور تم تثبيت مايلي: quot;جمهورية العراق دولة إتحادية... وهذا الدستور ضامن لوحدة العراقquot;. فهل يتفق دولة رئيس الوزراء مع هذه المادة من الدستور؟ فإذا كان كذلك، عندئذ نتبع الدستور ونرى ما هي الصلاحيات الحصرية للحكومة الأتحادية وصلاحيات الإقليم. ففي المادة 110 من الدستور تم تثبيت و تشخيص الإختصاصات الحصرية الخاصة بالسلطات الإتحادية والتي تتعلق بتسعة مجالات : السياسة الخارجية، الأمن الوطني، السياسة المالية، المقاييس والمكاييل والاوزان، التجنس والاقامة والهجرة، سياسة الترددات البثية والبريد، الموازنة العامة والسياسة المتعلقة بمصادر المياه و احصاء وتعداد السكان.
أما صلاحيات الأقاليم فقد تم تثبيتها في المادة 121 كما يلي:

quot; لسلطات الأقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لأحكام هذا الدستور، بإستثناء ما ورد فيه من إختصاصات حصرية للسلطات الإتحاديةquot;.

عقود النفط و الغاز
وردت حكومة كردستان على تأكيدات المالكي بان عقود النفط والغاز التي توقعها غير قانونية قائلة ان المادة (112) من الدستور تنص علي :
quot;اولاً: تقوم الحكومة الإتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محدودة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، و ينظم ذلك بقانون.

ثانياً : تقوم الحكومة الإتحادية و حكومات الأقاليم و المحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الإستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي معتمدةً أحدث تقنيات مبادئ السوق و تشجيع الإستثمارquot;.
واشارت الى انه في ما يخص الحقول غير المنتجة و الاستكشاف و التطوير المستقبلي ان النص الخاص في المادة (115) ينطبق عليها و الذي ينص على quot;كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في إقليم، و الصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم، تكون الاولوية فيها لقانون الاقاليم و المحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهماquot;.

واوضحت ان المادة (141 ) من الدستور تؤكد استمرار العمل بالقوانين التي تم تشريعها في إقليم كردستان منذ عام 1992، و تعد القرارات المتخذة من قِبل حكومة إقليم كردستان، بما فيها قرارات المحاكم والعقود نافذة المفعول، ما لم يتم تعديلها أو إلغاؤها حسب قوانين إقليم كردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور.
واضافت ان عقود النفط التي تم توقيعها فإن هناك عقوداً قد وقعت قبل كتابة الدستور و هذه المادة اي ( 141 ) تغطي شرعية تلك العقود و بصورة واضحة، أما العقود التي تم توقيعها بعد كتابة الدستور والخاصة بالحقول غير المنتجة فانها جاءت وفقا للمواد الدستورية (111 و115) المتعلقة بالنفط في ظل غياب قانونٍ للنفط والغاز العراقي.

وقالت انه إذا تم تحليل العقود النفطية في كردستان من وجهة نظر اقتصادية وصناعة نفطية فانه يتبين :
1- إن هذه العقود هي عقود تطوير واستكشاف وبناء القدرات النفطية في كردستان، وهي جزء من العراق.
2- إن انتاج النفط في كردستان، يؤدي إلى زيادة الإنتاج في العراق.
3- إن واردات النفط سواءً كانت في كردستان أو البصرة أو اية منطقة اخرى في العراق، تدخل ضمن واردات الدولة العراقية، وهل زيادة الإنتاج وزيادة القدرات النفطية في المستقبل هما لخدمة العراق ام لا؟
4- أن السياسة النفطية للحكومة الإتحادية و البناء التحتي للصناعة النفطية لم يتقدما قيد أنملة في بقية أنحاء العراق نتيجة السياسة النفطية الكارثية ورغم صرف حوالى (8) ثمانية مليارات دولار على الصناعة النفطية، والنتائج ملموسة و سلبية، حيث تراجعٌ في الأنتاج والتصدير وارتباكٌ في التخطيط .

وقالت quot;فإذا كانت حالة السياسة النفطية في بغداد هي هذه، فهل من الواجب علينا أن نصبح جزءاً من هذا الفشل الذريع، أم نستمر في السياسة النفطية في إقليم كردستان حيث بناء القدرات الفنية و جلب الخبرات، لكي تصبح كلها ذخيرة مستقبلية لبناء سياسة نفطية سليمة في العراق ككل. فما عملناه في كردستان، إنما في الواقع يصب في مصلحة الحكومة الأتحادية اولاً و إقليم كردستان ثانياًquot;.

القواعد العسکرية الاميرکية في إقليم کردستان
وحول انتقاد المالكي لدعوة رئيس اقليم كردستان باقامة قواعد عسكرية في الاقليم اشارت حكومة كردستان الى ان بارزاني كان قبل الكثيرين من السياسيين العراقيين يدعو الى عدم رفض الأتفاقية بين العراق والولايات المتحدة الاميركية وكان ينطلق دوماً من المصلحة العراقية الصرفة quot;فالكل يعلم من أنه لايوجد الآن أي تواجد عسكري أو قاعدة عسكرية في كردستان وإذا وُقّعت الأتفاقية واذا كانت هناك رغبة لبناء قاعدة هنا فإن الإقليم لا يعارض فهل يعارض رئيس الحكومة هذه المسألة؟ وهو الآن من دعاة دعم الإتفاقية و نتيجة للأتفاقية سوف تكون هناك إعادة لنشر القوات الأميركية في العراق وإذا طُلب من الإقليم إحتضان بعض الوحدات العسكرية أو قاعدة عسكرية فإنه يتجاوب إيجابياً مع العرض فاين هو عدم الدستورية؟ quot; .

السفر الى إقليم کردستان
وحول موضوع التقييدات التي تضعها حكومة كردستان على السفر الى الاقليم اوضحت حكومة كردستان انه quot; ربما من يسمع هذا الكلام يصل إلى نتيجة من ان الإقليم ضد دخول الآخرين الى المناطق الكردستانية ومن المهم أولاَ إعطاء بعض المعلومات عن الإخوة العرب الساكنين في الإقليم والذين هربوا من جحيم الإرهاب في بقية مناطق العراقquot;.

واضافت ان الإحصائيات تشير إلى أن هناك (10559) عشرة الاف وخمسمائة و تسع وخمسين عائلة عربية وتركمانية وكردية ومسيحية قدمت وسكنت في حدود محافظة اربيل و(17980) سبعة عشر الفاً وتسعمائة وثمانون عائلة في محافظة دهوك و(6312) ستة آلاف وثلاثمائة واثنتا عشرة عائلة في السليمانية. وهناك (1900) الف وتسعمائة استاذ جامعي و(3740) وثلاثة آلاف وسبعمائة وأربعون طالباً وطالبة جاءوا من بغداد والموصل وبقية أنحاء العراق ودخلوا الجامعات الكردستانية، بالاضافة الى (14543) أربعة عشر ألفاً وخمسمائة وثلاثة وأربعين عاملاً يعملون الان في حدود محافظة اربيل و(9500) تسعة آلاف وخمسمائة عامل يعملون الآن في حدود محافظة دهوك، فهذه الحقائق تعبرعن نفسها وبالأرقام.

واضافت انه حينما يأتي شخص الى كردستان سواء كان هذا الشخص كردياً، ام عربياً ام من اي قومية أخرى، فإذا لم يكن معروفاً لدى اية جهة، فإننا عندئذ نطلب منه التعريف بنفسه، فهذه هي إجراءات أمنية يتخذها الجميع. فهل الحفاظ على الأمن و حياة الناس والأستقرار عمل ضد الدستور؟ quot; . واوضحت انه في الصيف الماضي كانت الفنادق في المدن السياحية في دهوك و شقلاوة والسليمانية كلها محجوزة تماماً من قبل المصطافين الذين أتوا من بغداد والجنوب، أوَ ليس من واجبنا الحفاظ على حياة هؤلاء الذين يريدون قضاء بعض الوقت بعيداً من أزيز الرصاص و الانفجارات؟quot; . وقالت quot;إن القوانين التي تخص الإقليم والدستور العراقي تسمح لنا، بل تطلب منا ان نحافظ على الأمن في الإقليم، فالمسألة هي أمنية من أجل حماية حياة الجميع، فكردستان دوماً كانت ملجأً للآخرين الذين فرّوا من قمع النظام السابق حيث إحتضنتهم جبال كردستان، والعديد من القادة العراقيين الحاليين كانوا من ضمن هؤلاء، والآن فإن مناطق الإقليم هي مفتوحة أمام الجميع، فالمسيحيون الذين هربوا من بغداد، وصل العديد من عوائلهم الى كردستان، والصابئة وجدوا أمانهم بين أحضان شعب كردستان، فأبوابنا مفتوحة للجميع ماعدا الإرهابيينquot;.

المواجهة بين القوات الکردستانية والقوات الاتحادية
وعن مسألة تحرك قوات الإقليم لمواجهة القوات الإتحادية قالت حكومة كردستان إن هذه قضية تُطرح من قبل رئيس الوزراء quot;وكأننا عصاة وهو يمثل الشرعية، إن السيد رئيس الوزراء يعلم جيداً ان قوات الإقليم كانت في خدمة المسيرة السياسية في العراق، و في بداية المسيرة كانت القوة الوحيدة النظامية والتي ساعدت على التصدي للإرهابيين و الخارجين عن القانون والمسيرة السياسية وإذا كان السيد رئيس الوزراء يشير الى الوحدات العسكرية الكردية المندمجة في الجيش العراقي و يَعتبر تلك القوات قواتٍ غيرعراقية، فهذا امر غريب، أما اذا كان رئيس الوزراء يشير الى قوات حرس الإقليم، فإن هذه القوات دستورية كما ورد في الفقرة الخامسة من المادة ( 121 ) من الدستور حيث تقول المادة :- (( تختص حكومة الإقليم بكل ماتتطلبه إدارة الإقليم، و بوجه خاص إنشاء و تنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة و الأمن و حرس الإقليم))، إذاً فإن القوات الأمنية و حرس الإقليم ( البيشمركة ) هي مؤسسة دستورية كالمؤسسات العسكرية الاخرى في بقية أنحاء العراق. واذا كانت هناك مواجهة فإنها لاتتعلق بكون المؤسسة دستورية من عدمها، وإنما تتعلق بالأوامر و مرجعية القرار، و ما حدث في خانقين quot;حيث الأشارة من رئيس الوزراء الى تلك الحالة ومن دون تسميتهاquot;، يعود بنا الى مناقشة موضوع حدود الإقليم و حدود المناطق المتنازع عليها و مسألة تطبيق المادة ( 140 )quot;.

وشددت على ان اساس المشاكل في هذه المناطق هو عدم الجدية في تطبيق تلك المادة الدستورية حيث عملية التطبيق تقع على عاتق الحكومة الاتحادية حيث ان الفقرة الاولى من المادة المذكورة تقول: quot;تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لأستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتهاquot;. وتنص الفقرة الثانية من المادة (140): quot;المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية، والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، تمتد و تستمر الى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستور على ان تنجز كاملة....quot;.

واشارت الى ان عدم تطبيق المادة والتلكؤ في تطبيقها من قبل الحكومة هما اللذان ادّيا الى بقاء هذه المناطق في حالة التذبذب بين المرجعيات الادارية. وقالت ان هناك إقليما فيدراليا وحسب الدستور وفي المادة (117) في الفقرة الاولى تم الاقرار بذلك حيث: quot;يقر هذا الدستور، عند نفاذه، إقليم كردستان وسلطاته القائمة، إقليماً اتحادياً.quot;

واضافت انه quot;حيثما يتم الحديث عن الإقليم او حتى المحافظة، فهناك حدود ادارية للإقليم او المحافظة، والسؤال هو: أين الحدود الادارية للإقليم وكيف تحدد ومن يحددها؟ .. الجواب هنا واضح و يوجد في الدستور حيث تشير المادة (143) من الدستور الى ما يليquot; يُلغى قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وملحقه، عند قيام الحكومة الجديدة، باستثناء ما ورد في الفقرة (أ) من المادة (53) والمادة (58) منهquot;.

واوضحت ان الفقرة (أ) من المادة (53) تقول quot;يُعترف بحكومة إقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للاراضي التي كانت تُدار من قبل الحكومة المذكورة في 19/ اذار/2003 الواقعة في محافظات دهوك و اربيل و السليمانية و كركوك و ديالى و نينوى .. فمصطلح quot;حكومة إقليم كردستانquot; الوارد في هذا القانون يعني المجلس الوطني الكردستاني و مجلس وزراء كردستان والسلطة الإقليمية في إقليم كردستانquot;. واوضحت ان هذا quot;اعتراف بما هو موجود دستورياً، ولكن الدستور نفسه ثبت المادة ( 140 ) وأعترف بأنّ هناك مشاكل عالقة ويجب حلها بالطرق الدستورية، فكانت المادة (140) هي خارطة الطريق لتثبيت حدود الإقليم، وعدم تطبيق تلك المادة من قبل الحكومة الاتحادية ادى الى التضارب في المرجعيات الادارية، علماً ان المناطق الخاضعة للمادة ( 140 ) هي التي تعرضت وبشدة الى عمليات التطهير القومي والتدمير في زمن النظام السابقquot;.

وشددت على ان عدم تطبيق المادة 140 يخالف ايضا البرنامج السياسي للحكومة العراقية الذي اكد فيه دولة رئيس الوزراء في حزيران 2006 على ان quot; تلتزم الحكومة بتنفيذ المادة 140 من الدستور والمعتمدة على المادة 58 من قانون ادارة الدولة و المتمثلة بتحديد مراحل ثلاث: التطبيع و الاحصاء والاستفتاء في كركوك و غيرها من المناطق المتنازع عليها، و تبدأ الحكومة إثر تشكيلها في إتخاذ الخطوات اللازمة لإجراءات التطبيع بما فيها إعادة الأقضية و النواحي التابعة لكركوك في الأصل و تنتهي هذه المرحلة في 29/3/2007 حيث تبدأ مرحلة الاحصاء فيها من 31/7/2007 و تتم المرحلة الاخيرة و هي الاستفتاء في 15/11/2007quot;.
وتساءلت حكومة كردستان قائلة quot; فلماذا تراجع دولة رئيس الوزراء عن هذا الالتزام؟ ان محاولة ارسال قوات الجيش و خلق ميليشيات باسمquot; مجالس الاسناد quot; هي محاولة لوضع عقبات امام تطبيق المادة وإجهاضها. فالمسألة ليست تحركاً عسكرياً وأنما الغاية منها هي الالتفاف على الدستور وتغيير الواقع وحسب رغبة بعض المسؤولين في بغدادquot;. واكدت quot;ان كردستان لم تواجه الجيش العراقي، لأن الجيش العراقي هو جيش الجميع، نحن واجهنا التوجيهات و الأوامر التي تنفرد بالجيش و لغاية سياسية بحتة، و هذا يشكل خطراً على العراق وعلى الجيش العراقيquot;. وقالت إن توجيه الجيش نحو الداخل و حسم الأمور السياسية من خلال إستغلال الجيش هما على النقيض من الدستور، بل يعتبران خرقاً للدستور الذي يقول في الفقرة الأولى من المادة ( 9 ) (تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها و تماثلها دون تمييز أو إقصاء، و تخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون أداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية ولا دور لها في تداول السلطة).

مکاتب تمثيل إقليم کردستان في الخارج
واشارت حكومة كردستان الى انتقاد المالكي فتح مقرات لبعثات دبلوماسية للإقليم في الخارج فاوضحت ان الفقرة الرابعة من المادة ( 121 ) في الدستور تقول quot; تؤسس مكاتب للإقليم و المحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والأجتماعية والإنمائية quot; وهو نص دستوري يسمح بتأسيس مكاتب دبلوماسية للإقليم وتم تحديد عمل هذه المكاتب.
واضافت ان الإقليم حاول بناء التمثيل الإقليمي في بعض الدول، و ممثلو الإقليم والأحزاب الكردستانية في الخارج كانوا من أنشط الكوادر السياسية في خدمة القضية العراقية، بل و نتيجة تواجد جاليات كردية كبيرة في الغرب و معرفة التعامل مع الثقافة الغربية، كان لهم الدور الاكبر في تعبئة الرأي العام الغربي ضد النظام السابق و كانوا دوماً في خدمة كل أطراف المعارضة ومن ضمنها حزب رئيس الوزراء. وطالبت بتأطير هذه الممثليات دستورياً وقالت quot;نحن نرغب في ذلك و حبذا لو تم حل هذه المسألة وبالسرعة الممكنة، وإننا مستعدون لأخذ المبادرة و وضع الرؤيا لكيفية العمل وخاصة بعد تبني مجلس النواب العراقي قانون عمل الخدمة الخارجيةquot;.

الالتزام بالدستور
وحول التزام الدستور في حل المشاكل العالقية اوضحت حكومة كردستان أنها ورئاسة الإقليم على اتمّ الأستعداد للدخول في النقاش والحوار من أجل حل المسائل العالقة و إستناداً الى الدستور وقالت انه خلال الاجتماعات الأخيرة في بغداد تم اقرار تشكيل خمس لجان لدراسة المسيرة، لأن اطرافا عديدة ومن ضمنها حزب الدعوة جناح رئيس الوزراء شعرت ان سكة المسيرة تسير نحو الاتجاه غير الصحيح، لهذا تم تشكيل لجنة لدراسة وضع الحكومة و مفهوم الشراكة و مسألة إتخاذ القرار و مبدأ التوافق و دراسة الوضع العسكري والأمني و مؤسسات الجيش والأمن، بالإضافة الى تشكيل لجنة تتعلق بالمناطق المتنازع عليها، ولجنة للعلاقات الخارجية، ولجنة لدراسة قضايا النفط والغاز والمالية.

واضافت ان هذه اللجان الخمس والتي تم تشكيلها، تتكون من ممثلي الحزبين الكرديين والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي وحزب الدعوة quot;ونحن سوف نلتزم بقرارات هذه اللجانquot;. وحذرت من ان quot;القضية خطرة، حيث يطلب السيد رئيس الوزراء من الاخرين الالتزام بالدستور الذي وصفه بنفسه في سنة (2006) بأنه quot; ارقى الدساتير في العالم، لأنه يكرس مفاهيم الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وبناء مؤسسات الدولة وسيادة القانونquot; ثم ويتراجع عنه الآن ليقول في كلمة ألقاها في 8/11/2008 من quot; ان الدستور كُتب في اجواء الاستعجال والخوف من الماضي ووضِعت فيه قيود على سلطات المركز ويخشى ان تصادر الفدراليةُ الدولةَ....quot;.

واشارت الى ان المالكي بهذا وهو الذي اقسم على حماية وتطبيق هذا الدستور، يرى الان ان الدستور هو المشكلة، بينما الواقع يؤكد انّ عدم الالتزام بالدستور هو المشكلة .. كما انه يرى ان المركزية (ولا يعطي مفهوماً واضحاً بما يعنيه بالمركزية) هي الحل، بينما الواقع التاريخي للعراق اثبت ان المركزية ادت الى اختزال الوطن في جماعة معينة وبالتالي في حزب و فرد معينquot;. وقالت ان المركزية لاتؤدي الى تقوية الدولة في العراق، وإنما الى السيطرة، والسيطرة كانت دوماً ضد الجميع من خلال القتل والدمار والحروب الداخلية.

ودعت حكومة كردستان المالكي الى العمل من اجل :
1- تغيير الدستور، وأذا لم يكن في الامكان تغيير الدستور فإنه يجب تعطيل العمل به عملياً، وهذا الواقع نراه ونتابعه يومياً، ومن المؤسف ان رئيس الوزراء والذي شارك في كتابة الدستور ومدح الدستور، اصبح بعلمه او من دون علمه جزءاً من هذه العملية، وعملية تعطيل تطبيق الدستور خطرة جداً. لأن مسألة التعديل واردة وضمن اطار العملية الدستورية ومن خلال مجلس النواب. ان ما يريده السيد رئيس الوزراء هو التعطيل وليس التعديل، وهذا مرفوض من جميع الفئات وحتى الذين عارضوا الدستور.
2- اتخاذ القرارات من خلال التنظيمات الحزبية ولمصلحة حزب الدعوة وتأطير القرارات وكأنها قرارات الحكومة، وهذا خرق للدستور، وخرق للاتفاقيات مع الاحزاب الاخرى، والاهم هو خرق لمنهاج الحكومة الاتحادية الائتلافية.
3- محاولة عسكرة المجتمع وخلق كيانات باسم مساندة الدولة، ولكن في الواقع هي كيانات من حزب واحد، وهذا من حق الحزب اذا كانت ضمن اطار تنظيمات المجتمع المدني، ولكن يجب ان لايكون باسم الدولة.

4- عدم اعتماد عمل الحكومة على قانون لمجلس الوزراء، بل ان مجلس الوزراء يعمل ومن دون نظام داخلي متفق عليه، فلذا نرى ان القرارات تطبخ في مكتب رئيس الوزراء من قبل ( القياديين من حزب الدعوة ) اولاً وبعد ذلك يطرح على مجلس الوزراء.
5- ان رئيس الوزراء يكرر ان له السلطة التنفيذية، بينما حددت المادة (66) من الدستور، السلطةَ التنفيذية بما يلي:quot; تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية، من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانونquot;.
فالدستور أعطى الصلاحيات التنفيذية لمجلس الوزراء، و السيد نوري المالكي هو رئيس لهذا المجلس، أي أن القرارات الأساسية يجب أن تؤخذ من قبل مجلس الوزراء برئاسة المالكي، و ليس من قبل المالكي لمجلس الوزراء . وشددت حكومة كردستان على ان من يرأس مجلس الوزراء لايحق له اتخاذ القرارات الفردية، كما نوضح له بأنه يتولى هذا المنصب نتيجة توافق سياسي.

وقالت حكومة كردستان في الختام quot;ان مرجعنا هو الدستور وفي كل امر نحتكم اليه وحَسَناً فعلتم دولة الرئيس عندما قلتم ان زمن المجاملات قد انتهى لذا فنحن بدورنا ايضاً لن نقبل بعد اليوم ما يخالف الدستور سواءً لنا او عليناquot;.
وجاء بيان حكومة كردستان هذا ردا على انتقادات وجهها لها رئيس الوزراء العراقي بخرق الدستور واتخاذ قرارات مخالفة للقانون ومنها الدعوة لاقامة قواعد اميركية في كردستان وتوقيع عقود لتصدير النفط والغاز من دون الرجوع الى الحكومة المركزية وفرض قيود صارمة على العراقيين الراغبين في الدخول الى كردستان داعيا الى تغيير الدستور بالشكل الذي يقوي من سلطة المركز ويقلل من صلاحيات الاقاليم ومجالس المحافظات .

واكد المالكي في مؤتمر صحافي عقده في العشرين من الشهر الماضي ضرورة اعادة كتابة الدستور بطريقة موضوعية تمنح الحكومة المركزية الصلاحيات الكافية لادارة الدولة بالشكل الصحيح وليس للحكومات المحلية. وقال إن الدستور كتب quot;عام 2005quot; في اجواء كانت فيها مخاوف quot;لكننا ذهبنا بعيدا في تكريس المخاوف والتطلعات واشار الى ان بعض مواد الدستور خلقت مخاوف وكتفت الحاضر والمستقبل . واضاف quot;اننا وضعنا قيوداً ثقيلة لكي لا يعود الماضي ولكنها كتفت الحاضر والمستقبل لذلك أصبحنا بحاجة الى مراجعة الدستور.. وعلينا ان نضع نصب اعيننا ان لا تكون اللا مركزية هي الدكتاتورية مرة اخرى وان لاتصادر الدولة من قبل الفيدراليةquot;. وحذر من الدخول مما قال quot;من باب الفيدرالي الاتحادي وننتهي بالتقسيم او بمركزيات متعددة ودكتاتوريات متعددةquot;.