لندن: تنوعت اهتمامات الصحف البريطانية اليوم، لكنها التقت في تناولها لشؤون الشرق الأوسط حول الملف العراقي. فيما أطل ملف لوكيربي مرة أخرى في الصحافة بعد غياب طويل.

في الصنداي تلغراف المنشورة هذا الأحد كتب رئيس أركان الجيش البريطاني السابق الجنرال سير مايك جاكسون يقول إن العنف الذي حل بالعراق بعد غزوه عام 2003 تسبب فيه بشكل كبير quot;الفراغ الأمني الذي خلقته واشنطن بقرارتها الكارثية الخاصة بحل الجيش وقوات الأمن العراقيةquot;.

وقال قائد الجيش البريطاني وقت غزو العراق وما تلا تلك الفترة إن السياسة الأميركية لاجتثاث البعث من العراق تسببت في مضاعفة الوقت المخصص للوصول إلى النقطة التي تسمح لقوات التحالف بالتفكير في الانسحاب من العراق.

وأضاف الجنرال أيضا أن الدعم الإيراني للمسلحين الشيعة، وهو التطور الذي أدى إلى سقوط المئات من جنود الجيش البريطاني قتلى، عقد المناخ الذي تلا الحرب بصورة أعمق.

وانتقد رئيس الأركان السابق أيضا الحكومتين الأميركية والبريطانية على فشلهما في quot;فهم تعقيد الوضع في العراق بشكل كامل والفشل في الخروج بخطة إعادة بناء صحيحةquot;.

لكن الجنرال سير جاكسون قال إن دول التحالف التي أسقطت نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين حققت quot;نجاحا كبيراquot; بالتصويت على دستور عراقي جديد وإجراء انتخابات وإنشاء قوات أمن عراقية والحؤول دون الوصول إلى حالة الحرب الأهلية الشاملة.

وحول قتلى الجيش البريطاني في العراق قال القائد السابق للجيش إن quot;تضحياتهم لم تذهب سدى ولكنها بذلت من أجل قضية نبيلة وهي صنع مستقبل أفضل للعراق وللمنطقة بأكملهاquot;.

وفي الموضوع ذاته أيضا ولكن عبر زاوية أخرى كتب جايمس هانينج في صحيفة الانبندنت أون صنداي يقول: quot;قواتنا تعرف العراق.. دعنا نستمع إليهمquot;.

بعد استعراض الكثير من التحولات السياسية والعسكرية التي رافقت وجود القوات البريطانية في العراق يصل هانينج إلى القول إن quot;العراق لا يمكن أن يتحول خلال ليلة. لم يكن علينا أن نذهب إلى هناك، لكن بما أننا ذهبنا، وخصصنا أعدادا كبيرة من الرجال والموارد، فإنه كان علينا فعل المزيد من أجل استقرار الأوضاع.quot;

quot;لكن هذا لم يكن ليروق لسياسينا من أصحاب استراتيجية quot;الحرب نصف المطبوخةquot;. هل حدث ذات مرة وسمعوا عن الحقيقة حول خياراتنا وهي إما التوسع في الوجود العسكري هناك أو الخروج؟ هذه الحكومة لا تحترم من يقولون الحقيقة لها.quot;

ويختم هانينج مقاله بالقول: quot;دعنا نأمل أن نكون قد تعلمنا بعض دروس الحرب في العراق ونحن نعد أنفسنا للبقاء طويلا في أفغانستان.quot;

quot;العراق والبقاء على حافة الحرب الأهليةquot;

وفي الشأن العراقي أيضا يكتب توبي دودج، المحاضر في سياسات الشرق الأوسط في جامعة الملكة ماري في لندن يقول إن الرئيس الأميركي جورج بوش قام بزيارة العراق وتبعه رئيس الوزراء البريطاني جوردن براون. وكان بوش حريصا على التأكيد على التقدم الذي حدث في العراق.

وبعد التصريحات التي حاول فيها بوش أن يثبت أن العراق أصبح مكانا أفضل يقول دودج أن quot;هناك خطرا كبيرا من أن تعظيم الأخبار الجيدة القادمة من العراق، من قبل بوش وبراون، سيجعل من إمكانية العودة إلى وضع الحرب الأهلية قائما بقوة.quot;

ويكتب دودج قائلا إن quot;الإعلانات الانجلو أميركية عن التقدم والاستقرار يجب التعامل معها بحذر. فحتى اليوم، مازال العراق بعيدا عن السلام. في المتوسط يقتل 500 شخص كل شهر، ما يجعلها واحدة من أخطر البلدان في العالم. بغداد في نهاية 2008 مدينة مقسمة بشدة. فالأحياء جرى تطهيرها عرقيا ودينيا من خلال موجة من العنف التي اجتاحت المدينة قبل 2007، وقد جرى التأكيد على هذا التقسيم الطائفي من خلال التمترس خلف صفوف من الحوائط الأسمنتية التي تهدف إلى امتصاص الانفجارات.quot;

ثم يعرج دودج على دور الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما في حل الأزمة العراقية وينصحه في النهاية بالطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مساعدته في الاشتراك أكثر في الملف العراقي وإنقاذ البلاد من دوامة الانقسام الطائفي بدلا من التصريحات المبالغ في تفاؤلها من قبل بروان وبوش.

quot;المقراحي ليس الرجل الذي فعلها..quot;

وحول شؤون الشرق الأوسط أيضا كتب هيو ميلز في الاندبندنت أون صنداي، متناولا ملفا لم تعد وسائل الإعلام تتناوله وهو ملف طائرة الركاب الأميركية التي فجرت فوق بلدة لوكيبري الاسكتلندية.

وفي العنوان قال مايلز: quot;لوكيبري: هل كانت إيران؟ أم سورية؟ كل ما أعرفه أنه لم يكن هذا الرجل القابع في السجن..quot;، وذلك في إشارة إلى ضابط الاستخبارات الليبي عبد الباسط المقراحي الذي يقضي عقوبة السجن في سجن اسكتنلدي.

وفي عنوان فرعي يكتب مايلز: quot;أناس نافذون كثيرون سيحرجون إذا الحقيقة، أيا كانت، خرجت إلى النورquot;.

يبدأ ميلز مقاله بالقول إن بريطانيا شهدت الأسبوع الماضي العديد من القضايا التي أثبت فيها أخطاء في المحاكمة والإدانة، quot;ولكن خلال عطلة أعياد الميلاد فكروا في ضحية أكبر خطأ قضائي في تاريخ القضاء الاسكتلندي وهو عبد الباسط المقراحي، الرجل المدان بتهمة تفجير طائرة بان آم الأميركية رحلة رقم 103 المتجهة من لندن إلى نيويورك قبل عشرين عاما من اليوم.quot;

وبعد أن يسرد مايلز بإيجاز ما حدث منذ تفجير الطائرة وحتى إدانة المقراحي في 31 يناير 2001، يقول إن إدانته quot;كانت صدمة. حيث لم تقدم أي أدلة مادية إلى المحكمة تربطه بالقنبلة، كما لا يوجد دليل على أنه وضع القنبلة على متن الطائرة أو أنه سلم أية متفجرات. حتى الادعاء نفسه شكك فيما بعد في مصداقية الشهود.quot;

ويسرد مايلز حقائق مثيرة مثل أن quot;الركن الأساسي في قضية الادعاء كانت أن المقراحي وضع القنبلة داخل حقيبة مليئة بالملابس قبل أن يضعها على متن طائرة متنجهة إلى مالطا، دون ركوبها. ويدعي الادعاء أن الحقيبة نقلت بعد ذلك في فرانكفورت إلى لندن وبعدها وضعت على متن طائرة متجهة إلى نيويورك.quot;

quot;سنتين بعد حادثة تفجير الطائرة قام تلفزيون جرانادا البريطاني بإذاعة برنامج يتضمن إعادة تمثيل للأحداث. وقد تضمن البرنامج شخصا في دور عربي شرير المظهر يضع حقيبة على متن طائرة للخطوط الجوية المالطية دون ركوبها. وقد أثار ذلك الخطوط الجوية المالطية التي خشيت على سمعتها فقامت بمقاضاة المحطة التلفزيونية وقدم محاميها ملفا مليئا بالوثائق التي تثبت أن كل الحقائب التي كانت على متن الطائرة رافقها أصحابها، وأنه لا توجد حقيبة واحدة اتجهت إلى لندن. وكانت الأدلة القوية إلى الدرجة التي اضطرت معها القناة إلى تسوية المسألة خارج المحكمة.quot;

ويصل مايلز إلى الذروة بسرد الصفقة المرتقبة بين الحكومتين البريطانية والليبية حول هذا الأمر، حيث يقول إن المفوضية الاسكتلندية لمراجعة القضايا الجنائية قررت في يونيو عام 2007 أن هناك خللا في الأدلة التي أدين وفقها المقراحي وأن من حقه إعادة محاكمته.

quot;وكانت الحكومة البريطانية على مدى 11 عاما تجادل بأن فتح تحقيق في قضية لوكيربي قد يعيق العدالة. ولكن بعد إدانة المقراحي عكست الحكومة البريطانية الحجة وقالت إنه لا توجد مصلحة عامة في فتح تحقيق في القضية. ولكن لو أعيدت المحاكمة ولم أثبتت برائته فإن تحقيقا عاما يجب أن يتم. لكن بالنسبة للمقراحي فإن ذلك لن يكون قريبا بما فيه الكفاية. ففي سبتمبر الماضي تم اكتشاف أنه مصاب بسرطان البروستانا في مرحلة متقدمة.quot;

quot;الحكومتين الليبتين والبريطانية يعدان لتسليم المقراحي إلى ليبيا لقضاء ما تبقى له من عقوبة. هذا بالطبع سيمنع فرص إجراء أي تحقيق جدي في القضية. ولا يمكن تسليم المقراحي إلى ليبيا إلا بعد الانتهاء من إجراءات الاستئناف التي تقدم بها المقراحي، ما يعني أنه يوجد احتمال أن يتخلى المقراحي عن ذلك حتى يموت في وطنه. والشهر الماضي وقعت ليبيا وبريطانيا اتفاقية لتبادل السجناء، ما يفسح الطريق لمثل هذا الأمر. وسيتم التصديق على الاتفاقية في يناير القادمquot;.