الياس توما من براغ: لم يؤدي سقوط الأنظمة الشيوعية في دول أوروبا الشرقية خلال عالم 1989 إلى خلق واقع جغرافي سياسي جديد في القارة العجوز أوروبا وإنما أيضا إلى بدء عملية توحيد القارة وتعزيز قوتها ومكانتها عبر توسيع رقعه الاتحاد الأوربي و توسيع المنظمة العسكرية السياسية الأقوى في العالم وهي حلف الناتو.

وعلى الرغم من أن المستفيد الأكبر من سقوط الأنظمة الشيوعية كان الغرب ونظامه الرأسمالي إذ أزال من طريقه تحديا سياسيا وعقائديا وعسكريا كبيرا كان يتمثل في الكتلة الشرقية إلا أن العديد من شعوب أوروبا الشرقية قد استفادت أيضا من تواري النظام الشيوعي وبناء اقتصاد السوق فيها الذي فتح أمامها أبواب السفر وممارسة الأعمال الحرة وتعدد الخيارات رغم انه حمل أيضا ولاسيما بالنسبة للمسنين الكثير من الهموم والمصاعب بسبب تراجع مستويات المعيشة بالنسبة لهم وتراجع الضمانات الحياتية التي كانت تتوفر لهم في ظل النظام الشرقي.

وبالنظر للفارق الكبير الذي كان قائما بين دول المعسكر الشرقي في المستويات الحياتية والاقتصادية وحتى النضج الحضاري فان تقييم سقوط النظام الشيوعي من قبل سكان هذه البلدان بعد 19 عاما من سقوط الشيوعية عكس أيضا هذا الأمر حيث أكد استطلاع أوروبي جديد أن التشيك كمواطنين وكدولة كانوا أكثر من انتفع بسقوط النظام الشيوعي في بلدهم في عام 1989 من بين دول أوربا الشرقية إلى جانب الألمان الشرقيين والسلوفاك.

ويشير الاستطلاع الأوربي إلى أن 71 بالمائة من التشيك قد استفادوا من تغيير النظام بشكل شخصي فيما تتراجع النسبة إلى 60 بالمائة لدى الألمان والسلوفاك أما البولنديون فقد قال 38 بالمائة منهم فقط أنهم استفادوا بشكل شخصي من سقوط النظام الشيوعي في بلادهم بينما تتراجع نسبة الذين استفادوا من التغيير السياسي في المجر إلى 30 بالمائة فقط وفي استونيا إلى 28 بالمائة.

و بالتوافق مع هذا التقييم أشار الاستطلاع إلى أن تشيكيا كدولة قد استفادت أكثر من غيرها من جراء سقوط الشيوعية تلاها الشطر الشرقي من ألمانيا ثم سلوفاكيا ثم بولندا فالمجر.

ويقول الباحث الاجتماعي التشيكي ييرجي هيرزمان الذي تولي قيادة البحث المتعلق بتشيكيا بأنه يصعب التعبير عن المشاعر التي سادت لدى التشيك والألمان والسلوفاك أثناء سقوط الشيوعية ومن ثم توحيد الألمانيتين غير أن هذه الشعوب تمكنت من استغلال فتح الحدود في أوروبا بأفضل شكل من بين شعوب أوروبا الشرقية.

ويشير الاستطلاع إلى انه لا تسود إلى اليوم نشوة من سقوط الأنظمة الشيوعية في الدول الغربية التي كانت تتواجد على الطرف الآخر من الستار الحديدي بدليل أن أربعة أخماس النمساويين يعتبرون أن سقوط الشيوعية لم يكن مناسبا لهم على الصعيد الشخصي في حين يرى ذلك ثلاثة أرباع الفرنسيين وثلثي البريطانيين والإيطاليين والألمان الغربيين أما الأقل انتفاعا من سقوط الشيوعية فهم سكان اليونان حيث قال 11 بالمائة منهم فقط بأنهم استفادوا من سقوط الشيوعية أما اليونان كدولة فقد استفادت من هذه العملية برأي 21 بالمائة من سكان اليونان.