الدوحة: كشفت المدير العام للمؤسسة القطرية لمكافحة الاتجار بالبشر مريم المالكي النقاب عن أنَّ المؤسسة انتهت من مشروع قانون مكافحة الاتجار، مؤكّدة حرص دولة قطر على احترام حرية الإنسان وحماية حقوقه والتزامها بالعهود والمواثيق الدولية المتعلقة بهذا الشأن.

وأشارت إلى أن السبب فى ظهور العبودية هو الفقر والبطالة وغياب أنظمة الحكم وانتشار الجريمة المنظّمة وسهولة انتقالها.

جاء ذلك خلال ندوة quot;الاتجار بالبشر، عبودية القرن الحادي عشرquot; التي نظّمتها المؤسسة القطرية لمكافة الاتجار بالبشر، أمس، تزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة الرق، الذي أقرّته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18ديسمبر 2002.

كما كشفت، خلال الندوة، ممثّلة مركز التنمية في سوريا منى غانم أنَّ 27 مليون إنسان يتاجر بهم، 80% منهم من النساء والأطفال، ويعيشون في ظل العبودية الحديثة أو مايعرف بتجارة البشر، مشيدة بدور قطر لاعتمادها سياسة وقائية واستباقية فى هذا المجال، تمثّلت في إعداد استراتيجية وطنية منذ العام 2003، كان من ثمارها سنّ منظومة من التشريعات وإنشاء العديد من المؤسسات المعنية بحماية حقوق الإنسان لبناء صرح اقتصادي واجتماعي يسهم فى دفع عملية التنمية.

وأكّدت أن قطر كانت سبّاقة في إصدار قانون زراعة الأعضاء، لحماية الأشخاص من المتاجرة بأعضائهم، واصفة نظام الكفالة المتّبع في دول الخليج بأنه ضرباً من ضروب الاسترقاق.

وشهدت الندوة، التي استمرت 4 ساعات جدالاً ونقاشاً ساخناً على التقارير التي تصدرها الولايات المتحدة عن حقوق الإنسان، مستثنية فيها نفسها، لا سيّما التقرير الأخير الذي صنّف دولة قطر في الفئة الثالثة، حيث أوضح عدد من الخبراء أنَّ التقرير كان مُسيّساً، ويفتقر إلى المصداقية، لعدم أخذ القائمين عليه مبادرات دولة قطر في إرساء مبادئ حقوق الإنسان بعين الاعتبار.

بدوره، طالب عميد كلية القانون في جامعة قطر حسن السيد بضرورة إعادة النظر في قانون الإجراءات المتعلّق بتحريك الدعوى القضائية، الذي يخوّل فقط المجني عليه لتحريك الدعوى، لاسيّما أن هناك العديد من النساء المستضعفات اللاتي يخشين على أنفسهن من رفع دعاوى ضد الجناة ليخدم بذلك القانون الجاني وليس المجني عليه.

كما ناقشت الندوة محاور أربعة شدّدت على ضرورة معالجة جرائم الاتجار بالبشر، من منظور استراتيجي، وليس فقط من منطلق إجراء قانوني لحماية العمالة، كما ركّز المشاركون في الندوة على قانون الكفالة المطبّق في دول الخليج.

من جانبها، قدمت منى غانم، من سوريا، التي قدمت ورقة عمل بعنوان quot;الاتجار بالبشر من منظور جندري عاملات المنازلquot; معتبرة فيها أنَّ تجارة البشر أكبر تجارة لاشرعية في العالم، حيث قدّرت منظمة العمل الدولية في آخر تقرير لها أرباح استغلال النساء والأطفال جنسياً بـ28 مليار دولار سنوياً. كما قدّرت أرباح العمالة الإجبارية بـ 32 مليار دولار سنوياً.

ولفتت غانم إلى أنَّ الاتجار بالبشر ليس جديداً، إلا أنه مشكلة تتصاعد بشكل سريع، إذ شهد المجتمع الدولي في الآونة الأخيرة إزديادا في وتيرة حدوثها، مؤكّدة أنه مع غياب الاحصائيات الدقيقة يصعب التحدث عن هذه الظاهرة، حيث إنَّ معاناة النساء تفوق أي معاناة. كما أنَّ المفهوم الخاطئ عن النساء أدّى بالكثير منهن إلى سوق النخاسة والدعارة.

وتحدثت غانم عن الاتجار بالبشر في الدول العربية، معرّجة على التقرير الأميركي الصادر عن الولايات المتحدة في عام 2006 عن انتشار الاتجار بالبشر في 139 دولة، بينها 17 دولة عربية، هي السعودية، وقطر، والكويت، وعمان، والأردن، ومصر، وليبيا، والمغرب، والإمارات العربية المتحدة، ولبنان، وسوريا، وتونس، واليمن، والجزائر، والبحرين، وموريتانيا، والسودان.

حيث صنّف التقرير الدول إلى 3 درجات، وفقاً لجهودها في مكافحة الاتجار بالبشر، فدول الدرجة الأولى تلتزم بأدنى المعايير التي نص عليها قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر لعام 2000، ودول الدرجة الثانية لا تلتزم بأدنى المعايير، ولكنّها تسعى إلى سبيل معالجة المشكلة. أما دول الدرجة الثالثة فلا تبذل جهداً ملحوظاً لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث كشف التقرير أنَّ عاملاً واحداً ينتحر سنوياً في لبنان بسبب سوء المعاملة.

وتطرّق عميد كلية الاقتصاد في القاهرة سيف عبدالفتاح، خلال ورقته التي حملت عنوان quot;الحرية في مواجهة العبودية، رؤية من منظور الشريعة الاسلاميةquot; إلى صور الرقّ فى العصر الراهن، معتبراً أن الاستبداد وهيمنة القوى الكبرى والاحتلال ونهب ثروات الشعوب صور جديدة للرق، لافتاً في حديثه الى ان الفقر والمجاعات والحروب وتجارة السلاح والمخدرات والجنس بوابات جديدة نحو الرق والاستعباد والاتجار بالبشر.

واستعرض المستشار القانونى في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان القطرية محمد فؤاد بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية حول الرق والاتجار بالبشر، مسلطاً الضوء على بعض صور الرق فى الوقت الراهن وعناصره، ومشيراً الى الاركان الثلاثة للاتجار بالبشر وهي الفعل والتهديد بالقوة والاستغلال بمختلف صوره واشكاله.

ودعا الدول والحكومات العربية إلى الانضمام الى المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الرق والاتجار بالبشر وحقوق العمال.

واوصى بضرورة وضع خطط وطنية، تشارك فيها مختلف الجهات لحماية حقوق الانسان، وتفعيل دور المجتمع المدني، وتنقيح التشريعات الوطنية، وإيجاد آليات وطنية لحماية الضحايا.

من جانبه، أوصى عميد كلية القانون في جامعة قطر حسين السيد بضرورة مراجعة القوانين والتشريعات المحلية ودارسة مدى توافقها مع المواثيق والاتفاقيات الدولية، والزام ارباب العمل بتزويد الوزارات المعنية بعقود عمل خدم المنازل، داعياً الى تجريم تأخّر ارباب العمل في صرف رواتب واجور العمال.

مؤكداً ان المشّرع القطري لم يتجاهل قضية الاتجار بالبشر بصوره واشكاله كافة، مستعرضاً بعض مواد الدستور القطري التى نصّت على حماية الحرية الشخصية وتجريم التعذيب. كما نصت على حماية النشء، وبيّنت العلاقة بين العمال وأرباب العمل.

وتطرق فى ورقته الى قانون العقوبات القطري، وما تضمنه من عقوبات بشأن الجرائم التي تمس حرية الانسان، من قبيل الخطف والحجز، او حرمانه من حريته بأي وسيلة مخالفة للقانون، او ممارسة تجارة الرقيق بأي شكل من الأشكال، أو إكراه الانسان على العمل بأجر أو بغير اجر، من الجرائم التى تنتهك حرمة الانسان.

وتحدث عن قانون نقل الأعضاء وزراعتها في دولة قطر، وما اشتمل عليه من مواد تجرّم بيع أعضاء الجسم أو شراءها. كما اشار الى قانون العمل القطري، خاصة ما يتعلق منه بعمل المرأة والحدث.

من جانبه، أكّد رئيس قسم الحرّيات العامة وحقوق الإنسان في شبكة الجزيرة الفضائية سامي الحاج انه لايوجد على الارض سلوك ممقوت أشد وأبغض من الرق والاتجار بالبشر.مشدداًَ على الحاجة الى نشر الوعي بمخاطر هذه الظواهر الممقوته، ولافتاً الى الدور المحوري لوسائل الإعلام في التوعية بحقوق الانسان.