طلال سلامة من روما: في خطوة تاريخية، قد تجلب معها توترات ديبلوماسية، قررت دولة الفاتيكان رفض تطبيق القوانين الإيطالية على أراضيها. ويُعزى ذلك الى أن عدد القوانين الإيطالية، الخاضعة لتغييرات مستمرة، ضخمة ومتناقضة بعضها ببعض أحياناً ناهيك من أنها تخترق قواعد الأخلاقية الكاثوليكية. يذكر هنا ان حكومة روما تتبنى منهجاً علمانياً-كاثوليكياً لارضاء الجميع. وثمة معارك أيديولوجية عديدة تثير جدار المقاطعة بين حكومتي روما والفاتيكان، لا سيما حول طرق الإجهاض العصرية والموت الرحيم والإنجاب الاصطناعي وزواج المثليين. هكذا، تسارع دولة الفاتيكان الى نبذ جميع القوانين الإيطالية، التي كانت قبل اليوم سارية المفعول كذلك في دولة الحبر الأعظم، من بنيتها القضائية.

ام على صعيد القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، ستعمد دولة الفاتيكان، اعتباراً من يوم غد، على استبدال القوانين الإيطالية بأخرى أقر بها البابا في مطلع شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي. إذا، يرفض الفاتيكان، في موازاة ولادة العام القادم، تطبيق قوانين إيطالية التي كانت سارية المفعول منذ عام 1929.

ويعتبر هذا الحدث هاماً للغاية على صعيد العلاقات الثنائية بين الدولتين. إذ لا طالما عاملت حكومة روما أغلب مواطني دولة الفاتيكان، منذ زمن سحيق، كأنهم إيطاليين، وهم خاضعين للتشريع الإيطالي. بمعنى آخر، كانت المنصة التشريعية الإيطالية الوجه الآخر للجهاز القضائي في الفاتيكان باستثناء بعض القوانين المدنية التي كان الفاتيكان لا يعترف بها نتيجة عدم تجانسها الجذري مع سياسته الدينية أم عدم تقيدها بالاتفاقيات الثنائية. ويريد الخبراء التشريعيون في الفاتيكان، بتوصية من البابا، quot;غربلةquot; تلك القوانين الإيطالية، لا سيما الجديدة منها، لاختيار تطبيق ما هو لائق بالخط الفاتيكاني.

ويبدو أن الخط الذي اعتنقه خبراء التشريع في حكومة روما، خصوصاً في قطاع الحقوق المدنية، يقلق الفاتيكان. فالمنصة التشريعية المدنية، التي ترعى حقوق الإنسان، غير مستقرة حالياً هنا. وعلى الأرجح، يتمسك خبراء الفاتيكان، الذين يبدون استياءهم لبعض القوانين الشاذة دينياً، بالتقلبات التشريعية المتواصلة لرسم خريطة طريق قضائي مستقلة. إذا، يبتعد الفاتيكان عن حكومة روما من جميع الجوانب ما عدا جوازات السفر المشابهة للمواطنين المقيمين في هاتين الدولتين.