انقرة : بدأ النواب الاتراك الاربعاء نقاشا حادا حول مشروع تعديل دستوري يجيز ارتداء الحجاب الاسلامي في الجامعات، وهو مبادرة مثيرة للجدل من الحكومة الاسلامية المحافظة استفزت المعسكر العلماني.
فمشروع التعديل الدستوري الذي يقترحه حزب العدالة والتنمية الحاكم (منبثق عن التيار الاسلامي) وحزب الشعب الجمهوري وهو حزب قومي معارض، يثير القلق لدى اوساط العلمانيين الذين يعتقدون انه قد يؤدي الى تشريع
ارتداء الحجاب في اماكن عامة اخرى مثل الادارات العامة والمدارس وغيرها، الامر الذي لم يكن جائزا حتى الان.
وهذان الحزبان يتمتعان بغالبية الثلثين اللازمة من الاصوات (367 من اصل 550) في البرلمان لتعديل القانون الاساسي، ما يضمن اقرار التعديل. ويشمل التعديل بندين من الدستور.
ويفترض اجراء جلسة تصويت ثانية السبت لاقرار التعديل الذي يشكل جزءا من دستور جديد وعد به حزب العدالة والتنمية منذ فوزه الكاسح في الانتخابات التشريعية العام الماضي، عوضا عن دستور 1982 الذي وضعه
الجيش بعد انقلاب عسكري.
ومنع الحجاب ليس واردا في القانون، لكن عدة قرارات للمحكمة التشريعية جعلت منه عرفا.
وقد اثار المشروع موجة استنكار عارمة في الاوساط المتمسكة بمبدأ العلمانية وخصوصا في صفوف الجيش والقضاء والادارة الجامعية الذين يعتبرون ارتداء الحجاب بمثابة اشارة انتماء الى الاسلام السياسي.
وتتمتع تركيا بنظام علماني، غير ان 99% من سكانها مسلمون.
وحاول حزبا العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري التخفيف من حدة الجدال. فقال رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان quot;هدفنا الوحيد هو في وضع حد لسوء معاملة الفتيات على ابواب الجامعاتquot; لا غير.
غير ان تحذيرات العلمانيين تكررت ايضا. واكد نائب رئيس محكمة التمييز عثمان سيرين الاثنين ان مؤسسته ستتدخل قانونيا ضد المشروع من اجل احترام مبدأ العلمانية.
ويعتبر رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وهو اسلامي سابق، المسألة حساسة جدا من زاوية quot;الحريات الفرديةquot; على غرار عبدالله غول وزير الخارجية السابق الذي كان المسؤول الثاني في حكومته قبل ان يتبوأ سدة
رئاسة الجمهورية العام الماضي بعد ازمة دستورية خطيرة. وتجدر الاشارة الى ان زوجتي وبنات هذين الرجلين لا يظهرن مطلقا بدون الحجاب في المجالس العامة.
من جهته اعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض المؤيد للعلمانية والذي يرى ان quot;الجمهورية العلمانية في خطرquot;، انه سيطعن بالتعديل لدى المحكمة الدستورية.
وقال نائب رئيس كتلة الحزب البرلمانية كمال اناضول امام النواب quot;المستهدف هو العلمانية، وتجاوز البنود (غير القابلة للتعديل) في القانون التاسيسي للعلمانيةquot;.
ويرى انصار العلمانية ان تبني البرلمان لهذا التدبير قد يمهد الطريق لاسلمة زاحفة للمجتمع التركي من خلال استخدامه لممارسة ضغوط دينية على النساء غير المحجبات.
واكد احد قادة الحزب حقي سهى اكسوي ان التعديل quot;معاكس لاسس العلمانية في الدستورquot;.
وندد 125 الف متظاهر السبت بالمشروع في انقرة عند ضريح اتاتورك مؤسس تركيا العلمانية.
وعشية ذلك احتج عمداء الجامعات بقوة على التعديلات المقترحة وحذروا من خطر انتشار quot;الفوضىquot; والاستقطاب في مؤسساتهم فيما هدد اساتذة بمقاطعة الحصص الدراسية.
كذلك فان المشروع لا يرضي الى حد كبير اوساط المتشددين دينيا لان التفاصيل التي يتضمنها بشأن نوع الحجاب المسموح به (وهو الحجاب التقليدي المعقود تحت الذقن، لا الحجاب الكامل الذي يلف الراس باحكام ويغطي
الرقبة) تستبعد النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب الذي حددت مواصفاته.
التعليقات