إتفاق عراقي إيراني لإستغلال شط العرب وعدم تعديل إتفاقية الجزائر
البدء بوضع العلامات الفاصلة وتبادل أسماء حرس الحدود
شرطيات أميركيات يدربن نظيراتهن العراقيات لمواجهة الإنتحاريات
أسامة مهدي من لندن: في ختام مباحثات في طهران إستمرت ليومين، وقع العراق وإيران على محضر مشترك يقضي بالمباشرة بوضع العلامات الحدودية وتجديد القضبان الحديدية التي تضررت خلال حرب الثماني سنوات بينهما، إضافة الى تدشين عمل مكتب التنسيق المشترك وتبادل أسماء حرس الحدود للجانبين وإستغلال شط العرب وسط تأكيدات إيرانية بأن تعديل اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 لم تكن موضوع نقاش وإنما تنفيذ الترتيبات الفنية والتنفيذية والبروتوكولات الملحقه بها. فقد وقع وكيلا وزيري الخارجية العراقي والإيراني محضر إجتماع بشأن الحدود المائية والبرية بين البلدينة بهدف إحياء العلامات الحدودية الدولية المائية والبرية ومنها لنهر شط العرب الممر المائي الجنوبي الفاصل بين البلدين. وفي مراسم التوقيع على محضر الإجتماع بطهران الليلة الماضية بحضور وكيل وزير الخارجية العراقي للشؤون القانونية محمد الحاج حمود وصف مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية محمد رضا باقرية العلاقات بين البلدين بأنها ودية للغاية ومتنامية وقال ان من الطبيعي ان يبادر البلدان للتعاون المشترك في مسار احياء العلامات الحدودية الدولية وإستغلال نهر شط العرب الذي يسميه الايرانيون quot;اروندquot;.
وأوضح باقري أن هذه المحادثات هي الاولى الحدودية والشاملة بين البلدين منذ انتهاء الحرب بين البلدين عام 1988 بعد ان استمرت ثماني سنوات .. وقال quot;لقد توصلنا الى توافقات جيدة بشان المواضيع المعنيةquot;. واكد أن خبراء البلدين وفي اجواء ودية يسودها حسن النية اتخذوا خطوات مهمة في مسار طريق طويل للتعاون المستقبلي. وأشار إلى انه لم تجرِ اي محادثات بخصوص اصل او تعديل اتفاقية الجزائر الموقعة بين البلدين عام 1975 مشددًا على انه quot;لا نقاش مطلقًا حول اصل الاتفاقيةquot; .
من جانبه، قال وكيل وزارة الخارجية العراقية محمد الحاج حمود والذي ترأس وفد بلاده لهذه المحادثات quot;ان ما توصلنا اليه هو اعادة بناء واحياء الشيzwnj;ء ذاتهالذي كان موجودًا في السابق، وقام بعض الاشرار بتخريبهquot; كما نقلت عنه ومالة انباي quot;ايرناquot; الايرانية . واشار الى ان المحادثات اثمرت عن التوقيع على محضر الاجتماع، موضحًا ان الجهد المبذول في ذلك مؤشر على رغبة البلدين في quot;تعزيز حسن الجوارquot; . واشار الى الزياره المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الايراني احمدي نجاد الى العراق في الثاني من الشهر المقبل وقال quot;اني اشعر بالسرور لتحقق هذا الانجاز على اعتاب زيارة السيد احمدي نجاد الي العراق.quot; ووصف الزيارة بأنها quot; حدث تاريخيquot; .. واشار الى ان نتائج الزيارة ستصب في مصلحة البلدين ايران والعراق. واضاف انه بعد التوقيع على محضر الاجتماع سيبدأ العمل الميداني في الحدود البرية بنصب العلامات المندثرة وسيرجع نهر شط العربإلى حالته الاولى للاستفادة منه من قبل البلدين.
ومن جانبه قال المساعد الاول للدائرة الحدودية بوزارة الخارجية الايرانية علي رضا جهانغيرية انه quot;بشان اصل اتفاقية عام 1975 لم تجر اي نقاشات وان الجانبين تباحثا بشأن الترتيبات الفنية والتنفيذية للبروتوكولات الملحقه بهاquot;. وأشار الى انه تم التباحث حول الحدود البرية والمائية في نهر شط العرب حيث اتفق الجانبان على تشكيل لجنة مشتركة لتجديد نصب العلامات والقضبان الحدودية التي تضررت إبان الحرب بين البلدين. واوضح انه بهدف التعاون المتبادل في الحدود بين البلدين تقرر تبادل اسماء حرس الحدود للجانبين.وأضاف ان البلدين اتفقا ايضًا على إجراء العمليات الهيدورغرافية المشتركة ودراسة مواقع السفن الغارقه في شط العرب وكذلك اعادة تدشين مكتب التنسيق المشترك بين البلدين.
كما اتفق الجانبان الايراني والعراقي على اجراء محادثات منفصلة بين خبراء البلدين لتحديد التفاصيل واعداد متطلبات quot;الاستفادة من مياه شط العرب وتسهيل حركة الملاحة البحرية وتنمية التبادل التجاري في مياه الشط وتحقيق التطور الاقتصادي لسكان المناطق الحدودية والذي يسهم في تحقيق الرفاهية للشعبين الايراني والعراقي وكذلك دراسة القضايا والمشاكل الحدوديةquot;. وتؤكد وثائق مركز علوم البحار في جامعة البصرة أن شط العرب هو نهر ناتج من التقاء نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي النهران في مدينة القرنة على بعد 475 كم جنوب بغداد . ويبلغ طوله حوالى 190 كم ويصب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو التي تعتبر أقصى نقطة في جنوب العراق. ويصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى كيلومترين ومروره يكون كاملاً في الأراضي العراقية غير ان لإيران إطلالات عليه من منطقة أبي الخصيب وحتى المصب ويطلق علية الجغرافيون منذ الأزل شط العرب .
وكان حمود اشار امس الى ان الجولة الأولى من المفاوضات بين البلدين حول موضوع ترسيم الحدود البالغ طولها حوالى الف و500 كيلومتر ومجرى شط العرب شهدت أجواء إيجابية، موضحًا ان هذه القضية لا تنتهي بلقاء واحد، نحتاج إلى بذل مجهود فني كبير وحتى الان نسير في الطريق الصحيح . وحول الخلاف على اتفاقية الجزائر التي طالب العراق بتعديها وقوبل برفض إيراني، قال حمود إن quot;هذا ليس من اختصاص الوفد انما سيحل على المستوى السياسي حيث أن مهمتنا فنية بحته ونعيد تمثيل الحدود ونعيد شط العرب الى مجراه القديم، أما القضايا الاخرى المتعلقة بالقضايا السياسية تخص السياسيينquot;. ومن المنتظر ان تبحث الخلافات حول هذه الاتفاقية خلال زيارة نجاد الى بغداد المقبل . ووقعت معاهدة الجزائر في آذار (مارس) 1975 بين نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام حسين وشاه ايران محمد رضا بهلوي بحضور الرئيس الجزائري هواري بومدين، إلا ان عراق صدام اعتبرها لاغية وكان ذلك احد اسباب اندلاع الحرب العراقية - الايرانية عام 1980 واستمرت ثماني سنوات .. ثم عاد الى العمل بها عام 1990 بعد احتلال الكويت وقبيل الحرب الأميركية على العراق. وتنص المعاهدة على تقسيم مياه شط العرب الممر المؤدي الى الخليج العربي بين البلدين طبقاً لخط التالوك الذي يمثل أعمق نقطة داخل الممر المائي على ان تقوم ايران من جانبها بوقف دعمها للاكراد الذين كانوا يخوضون معارك ضد الجيش العراقي في شمال البلاد.
واشار حمود الى انه ستكون هناك جوالات أخرى مستقبلية متعلقة بهذا الموضوع وقال quot; أعتقد أننا سنحتاج الى جولات أخرى لان العمل سيستغرق وقتا طويلا وانه ليس بالعمل البسيط مجرد توقيع بسيط بل فيه جانب ميداني يأخذ وقتًا طويلاًquot; . وأوضح أن الوفد العراقي في هذه المفاوضات يضم عددا من الفنيين والاختصاصيين من مستويات عالية وبينهم مدراء عاميين وخبراء في قضايا الحدود،فيما يضم الوفد الإيراني مختصين على المستوى نفسهمن وزارة الخارجية الايرانية ووفدًا فنيًا مشابهًا لنظيره العراقي . وقد عادت اتفاقية الجزائر الموقعة بين العراق وايران قبل 32 عامًا الى واجهة العلاقات بين البلدين مؤخرًا، إثر اعلان مسؤولين عراقيين الحاجة إلى دراستها من جديد واجراء تعديلات عليها الامر الذي رفضه المسؤولون الايرانيون بشدة .
وشكلت الحكومة العراقية الشهر الماضي وفدًا ضم خبراء من الوزارات المعنية مثل الموارد المائية والنقل والداخلية والدفاع والخارجية لاجراء مباحثات في طهران حول تفعيل وتنفيذ هذه الاتفاقية وهو امر ترغب به ايران وتصر على الاعتراف بالاتفاقية والعمل على اتخاذ اجراءات للمضي قدمًا للعودة الى بنودها بعد ان مضى 28 عامًا على تمزيق الرئيس السابق صدام حسين لها عام 1980 ولتشعل قصاصاتها الممزقة حربًا ضروسًا بين البلدين استمرت ثمانية اعوام وادت الى سقوط مليون قتيل من ابناء البلدين . وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اكد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ان الاتفاقية ملغاة، لكنه تراجع عن ذلك بعد 24 ساعة موضحًا انها قائمة وليست ملغاة لكنها تخضع للحوار من اجل تعديل بعض بنودها وشدد على انه لم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي الغاء الاتفاقية القائمة، وذلك اثر اتهام وزير خارجية ايران منو شهر متكي لأميركا بدور في تصريحات طالباني هذه .
وأضاف طالباني في بيان انه عندما عقد الرئيس السابق صدام حسين حينما كان نائبًا للرئيس وشاه ايران محمد رضا بهلوي الاتفاقية، فقد عارضتها المعارضة العراقية السابقة بجميع فصائلها القومية والاسلامية والديمقراطية باعتبارها حبل نجاة للدكتاتورية الصدامية التي كانت تترنح تحت ضربات الثورة الكردية لذلك اعتبرتها ملغية وغير شرعية. وشدد على ان الاتفاقية قائمة وغير ملغية وفق القوانين والاعراف الدولية ولكن هناك ملاحظات حول بعض البنود ولكنها خاضعة للحوار والاتفاق المشترك بين الجانبين الصديقين الايراني والعراقي. واضاف ان الاتفاقية قائمة وليست ملغية بل نافذة ولا يجوز لطرف واحد ان يلغي أو ينسف هذه الاتفاقية. لذلك فهذه حقيقة يعرفها فخامة الرئيس ولم يقصد بتعليقه العابر والارتجالي الغاء الاتفاقية القائمة .
ومن جانبه، أكد وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي تمسك بلاده بالاتفاقية محذرًا الاميركيين من quot;الدخول في هذه اللعبة من جديدquot;. وقال ردًا على سؤال عن موقف ايران من تصريحات طالباني ان quot;الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول لا تتعلق بحكم يحل مكان حكم آخرquot;. واضاف quot;لا يمكن لتغير النظم السياسية ان يخل بالمعاهداتquot;. وقال quot;ننبه الاميركيين الا يبدأوا لعبة جديدة وان يتعلموا الدرس من الفشل الذي منيوا به في الاعيبهم السابقةquot;، موضحًا ان طهران لمست لدى طالباني quot;خلال زياراته لإيران وخلال مناقشتنا لهذه القضية موقفًا آخر غير هذاquot;.
وخلال الشهر الماضي اشار وكيل وزير الخارجية العراقية محمد الحاج حمود ان العراق يرغب في مباحثات مع الجانب الايراني لبحث إعادة شط العرب الى مجراه السابق ورفع السفن الغارقة وإزالة الألغام . وقال إن هناك مسألة معلقة تتعلق بحقول النفط، مؤكدًا أنه عند وضع الحدود بشكل دقيق سيتم معرفة عائدية المكامن النفطية . وعن مصير اتفاقية 1975 قال حمود انه من المبكر الحديث عن اتفاقية جديدة، مؤكدًا ان البلدين الان بصدد حل مشاكل عملية مثل شط العرب والحدود التي كانت تمثل العمود الفقري للاتفاقية .
التعليقات