أسامة مهدي من لندن: برأت محكمة عراقية اليوم حاكم الزاملي وكيل وزارة الصحة وحميد الشمري قائد حرس الوزارة من تهم مسندة اليهما بممارسة عمليات قتل واختطاف طائفي واستغلال اجهزة الوزارة لارتكاب جرائم .. حيث اطلق سراحهما بعد عام من الاعتقال.

وأعلن قاضي المحكمة الجنائية العراقية في بغداد إسقاط التهم عن الزاملي والشمري وتبرئتهما واطلاق سراحهما مالم يكونا موقوفين بتهم اخرى على ان تكون القضية قابلة للتميز. وقال القاضي زهيرعبد الصاحب رئيس المحكمة خلال جلسة النطق النهائي بالحكم quot; قررت المحكمة تبرئة المتهمين ،واسقاط التهم عنهما واطلاق سراحهما مالم يكونا محتجزين على ذمة تهم اخرى،لان الشهادات التي كانت ضدهما هي سمعية وليست عينيةquot;، واشار الى ان القضية قابلة للتميزquot; .

وقد بدأت محاكمة الزاملي والشمري الشهر الماضي في قضية هي الاولى من نوعها لمسؤولين مدني وعسكري في وزارة الصحة ينتميان الى التيار الصدري بتهمة التورط في استغلال اجهزة وزارة الصحة واتهامهما بارتكاب جرائم خطف وقتل وأعمال عنف طائفي وذلك بعد حوالي عام من اعتقالهما في اذار (مارس) من العام الماضي .

وجاء قرار المحكمة بعد طلب المدعي العام من القاضي اليوم خلال جلسة المحكمة باسقاط التهم عن المتهمين كون الشهادات التي تدينهما quot;هي سمعية وليس عينيةquot; كما نقلت عنه وكالة انباء quot;اصوات العراقquot; . وتضمنت جلسة اليوم من المحاكمة الاستماع لافادة تسعة من الشهود ينتمون لاجهزة حماية وزارة الصحة والتي كانت لصالح المتهمين ليرتفع بهذا عدد الشهود الى 14 شاهدا كان أربعة منهم لم يحضروا المحكمة اليوم قد أدلوا بشهادات تدين quot; المتهيمنquot; تتضمن اعترافهم بارتكاب quot;المتهمينquot; لجرائم قتل الاطباء في عام 2006 ، والضلوع بأعمال إرهاب، وسرقة أجهزة حاسوب من الوزارة quot; الا ان الشهود لم يتمكنوا من الحضور لجلسات المحكمة بسبب تهديد حياتهم ومن ضمنهم وزير الصحة السابق علي الشمري الذي طلب اللجوء الى الولايات المتحدة والمفتش العام عادل محسن واثنان اخران من موظفي الوزارة .

وكان المسؤولان السابقان متهمين quot;بتشكيل ميليشات شيعية تتولى اقتحام المستشفيات الحكومية لخطف الجرحى والمرضى من العرب السنة بعد تهديد الأطباء والعائلات التي تواجدت لزيارة أبنائهاquot; . ويقول الجيش الاميركي أن الزاملي متهم بالتورط في مقتل العديد من المسؤولين في وزارة الصحة بينهم المدير العام لصحة محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغدادquot; والتخطيط لمقتل متعاقدين مع الوزارة، .. اضافة الى التواطؤ مع عدد كبير من عناصر جيش المهدي للعمل في الوزارة والاستعانة بسياراتها في اختطاف وقتل العرب السنة. وقد رفع تسعة أشخاص دعاوى ضد الزاملي والقائد العسكري للوزارة يتهمونهما فيها بالضلوع في قتل اقارب لهم .

وكانت قوات عراقية وأميركية قد داهمت مبنى وزارة الصحة في شباط (فبراير) واذار (مارس) عام 2007 وألقت القبض على الزاملي للاشتباه في انه قد quot;زرع عناصر مارقة من جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر في الوزارة وساعد في تسريب ملايين الدولارات الى رجال جيش المهدي التابع للصدرquot; .

وقد احيل المتهمان الى المحكمة بموجب المادة 4 من قانون الارهاب التي تجيز تنفيذ عقوبة الاعدام على المدانين والذي اقرته الحكومة العراقية في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005 لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في اعمال ارهابية وهي المرة الاولى منذ عام 2003 التي يحاكم فيها مسؤول عراقي كبير بشأن اتهامات خطيرة تتعلق بالارهاب.

وكانت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; قد اشارت في وقت سابق الى ان التحقيق الاولي مع المتهمين شمل تسعة من شهود العيان بينهم من حصل على تاشيرة لمغادرة العراق والعيش فى الولايات المتحدة لحمايته.

وقال الشهود ان الزاملي والشمري نظموا حوالي 150 من العاملين فى امن الوزارة للعمل كقوة ميليشا خاصة. كما تحدثوا عن استغلال تلك الميليشا سيارات الاسعاف لنقل الاسلحة والهرب بمئات قتلى الاعمال الطائفية بين عامي 2005 و 2006 من السنة الذين ذهبوا الى الطب العدلي للبحث عن جثث اقاربهم الذين قضوا في اعمال عنف .

وقالت انه كان من الصعب على حكومة نوري المالكي الموافقة على مثل هذه القضية في السابق بسبب الدعم الذي كان يلقاه شخص رئيس الوزراء من التيار الصدري إلا أنها لفتت إلى أن الوضع تغير منذ انسحاب الوزراء الصدريين من الحكومة مطلع العام الماضي وتقرب المالكي من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي. وأبلغ الجنرال الأميركي مارك مارتنز الصحيفة ان التحقيق في قضية الزاملي والشمري يوجه رسالة تؤكد أن القانون العراقي سيسود على الجميع بما فيهم كبار المسؤولين الفاسدين.

وبحسب وثائق القضية فإن الزاملي والشمري زودا أفراد هذه القوة التي تنتمي فعليا إلى جيش المهدي بهويات وزارة الصحة لكي يتمكنوا من التحرك بحرية واستخدام سيارات الاسعاف لنقل الأسلحة وتنفيذ توجيهاتهما القاضية بقتل المرضى من السنة.

وأشار التحقيق وفق الصحيفة الأميركية إلى أن مرضى من العرب السنة في مستشفى اليرموك وابن النفيس والنور اختطفوا وقتلوا منذ اوائل سنة 2004 اضافة الى قتل أقارب المرضى الذين كانوا يطالبون بجثث موتاهم أيضاً. وأكد التحقيق أن بعض المرضى كانوا يحتجزون في وزارة الصحة قبل قتلهم مشيرا الى ان الأطباء السنة الذين كانوا يرفضون الانصياع لأوامر جيش المهدي كانوا يقتلون أيضا ومنهم مدير صحة ديالى الدكتور علي المهداوي الذي استدعي الى بغداد ليتولى منصب وكيل وزارة الصجة وهو ينتمي الى جبهة التوافق السنية ثم اختفى بعد ذلك. واضافت أن عمار الصفار المساعد الخاص للزاملي اختفى بعد ابلاغه مقربين له بأن الزاملي هدده .. فيما تعرض المفتش العام في الوزراة للتهديد لمنعه من فتح تحقيق داخلي.

وكان وزير الصحة العراقي السابق المنتمي للتيار الصدري ايضا علي الشمري قد حصل الصيف الماضي على اللجوء السياسي في الولايات المتحدة الاميركية . وغادر الشمري العراق وقيل انه توجه الى ايران بعد ان اشارت تقارير الى وجود مذكرة اعتقال بحقه اثر اتهامه بعلاقة مع مليشيات مسلحة تنتمي للتيار الصدري .

وقال مسؤول أميركي أن دائرة الهجرة الأميركية منحت الشمري حق اللجوء المؤقت داخل الولايات المتحدة ضمن برنامج حديث التطبيق يسمح لدائرة الهجرة الأميركية من تجاوز المعوقات الروتينية المعروفة ومنح اللجوء المؤقت للعراقيين. وأضاف أنه إصطحب الوزير الشمري من العراق ليحط في أحد مطارات نيويورك الأسبوع الماضي وهو الآن يتمتع بحق البقاء المؤقت في الولايات المتحدة الأميركية لحين البت بطلبه المتعلق بالبقاء الدائم كلاجئ سياسي.