باريس: اعتبرت مصادر أوروبية اليوم أن الملف الإيراني النووي لم يعد قضية عاجلة جدا وأن معالجته تتطلب تعاطي على المدى الطويل. ورأت أن quot;المفاوضات الحقيقيةquot; بشأن الملف االمعني هي بين واشنطن وطهران وأن دور الترويكا الأوروبية quot;تسهيلquot; هذه المفاوضات. واستبعدت في الوقت نفسه إجراء مفاوضات أميركية ـ إيرانية مع الإدارة الأميركية الحالية، وقالت إن طهران تنتظر للتفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة التي quot;ستكون بحاجة لإيران وسوريةquot; بشأن العراق خاصة .

ورأت المصادر أن التعاطي مع الملف الإيراني دخل مرحلة جديدة بعد تبني مجلس الأمن للقرار 1803 الذي تضمن عقوبات ضد طهران، ونوهت بأن الدول الأوروبية ستعمل في المرحلة المقبلة على تهيئة شروط التفاوض مع إيران، وقالت إن الأوروبيين ينتظرون الانتخابات التشريعية الإيرانية، ولم تستبعد استئناف المفاوضات بين الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية خافيير سولانا والمفاوض الإيراني سعيد جليلي.

واعتبرت المصادر أن العقوبات quot;ليست هدفا بحد ذاتهاquot; بل quot;مؤشرات سياسيةquot; باتجاه إيران لدعوتها للتفاوض، وأشارت إلى الدور الذي لعبته باريس في إصدار القرار ملفتة إلى أن الرئيس نيكولا ساركوزي اتصل شخصيا بالزعيم الليبي معمر القذافي لإقناعه بالتصويت على قرار العقوبات وأقنع أيضا إفريقيا الجنوبية خلال زيارته لها.

وذكرت المصادر أن المعنيين بالملف سيعملون في المرحلة المقبلة على توسيع عرض الحوافز الذي كانت قدمته الدول الست، الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، إلى إيران عام 2006 وخاصة في الجانب الأمني منه. وكشفت عن أن واشنطن عارضت توسيع الشق الأمني من عرض الحوافز بسبب رفضها إعطاء ما يسمى quot;ضمانات سلبيةquot; أمنية لطهران. وتقوم الضمانات السلبية على أن تتعهد الدولة التي تملك سلاحا نوويا بعدم استخدامه ضد الدولة التي لا تملكه أو تقبل التخلي عنه (إيران). وبحسب المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها تجد عملية تطوير عرض الحوافز في مجاله الأمني صعوبة أيضا لدى دول الخليج التي ترى quot;حرجاquot; بإقامة نظام أمني إقليمي تكون إيران هي الطرف الأقوى فيه، بشكل يبدو وكأنه quot;رضوخاquot; لنفوذ طهران في المنطقة، وكأن دول الخليج تخضع لحماية إيران، حسب موازين القوى الحالية.

وأوضحت المصادر أن المفاوضات ستكون صعبة على الدول الست ورأت أن تقدم هذه المفاوضات في الأسابيع والأشهر القادمة يعتمد على quot;هامش المناورةquot; الذي يمكن لإدارة بوش التحرك ضمنه وعلى مواقف دول الخليج.

وذكرت أن تعديل عرض الحوافز سيكون عبارة عن quot;تسويةquot; مقبولة لدى كافة الأطراف، وقالت إن ذلك ليس أمرا سهلا باعتبار أن موسكو وبكين تؤيدان quot;عرضا جريئاquot; بعكس واشنطن، التي تريد تحديده. ونوهت المصادر بأن إيران ترفض التفاوض حول عرض الحوافز هذا مما يعقد المشكلة أكثر.

وكشفت المصادر أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تشددان اليوم على ضرورة معالجة الملف الإيراني بطريقة quot;عاجلة جداquot;، وأن معالجته اليوم تتم على quot;المدى الطويلquot;. واعتبرت أن البرنامج النووي الإيراني تأخر وهو في حكم quot;المجمدquot; منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إذ لم تضع إيران منذ هذا التاريخ مراكز طرد مركزية جديدة حيز التنفيذ، ولكنها أوضحت أن الأخيرة ترفض الإقرار علنا بتجميد برنامجها وبالتالي لا يمكن البدء بمفاوضات تمهيدية معها. إذ نوهت المصادر أن الدول الست أبلغت إيران استعدادها للبدء بـquot;مفاوضات تمهيديةquot; قبل تعليق التخصيب بشرط الإقرار بتجميد تطوير البرنامج النووي. وأشارت المصادر أيضا إلى تقرير الاستخبارات الأميركية الذي ذكر أنه لا يوجد دلائل على quot;عسكرةquot; البرنامج النووي الإيراني منذ 2003. وأوضحت أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقتنعة بأن طهران أجرت في الماضي quot;دراساتquot; بشأن الجانب العسكري للبرنامج وأوقفتها في العام 2004 أو 2005 وتطلب من طهران الاعتراف بذلك والتعهد بعدم إسئتناف هذه الدراسات، واعتبرت المصادر أن السؤال الأهم هو quot;هل فعلا أوقف الإيرانيون هذه الدراسات؟quot;، على حد قولها .