بغداد : يحاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يخوض صراعا مع رجل الدين المتشدد مقتدى الصدر توطيد سلطته في بلد ممزق، وذلك منذ تعيينه في منصبه قبل حوالى العامين.لكن مسيرته لم تلق نجاحا كثير، ويبدو ان محاولته الجديدة ضد جيش المهدي اقوى الميليشيات الشيعية هي اصعب مما كان يتوقعه خصوصا وانها ستكون حاسمة بالنسبة لمستقبله السياسي.
وشاهد المالكي (58 عاما) الذي تم اختياره في ايار/مايو 2006 رئيسا للوزراء طاقمه الوزاري يتقلص تدريجيا خلال العام 2007 مع انسحاب وزراء التيار الصدري الذي يتحداه اليوم، ومن ثم وزراء العرب السنة.كما ان الغالبية النيابية التي ايدته بدات تتآكل ايضا بحيث انها باتت مقتصرة على نواب التخالف الكردستاني وبعض الاحزاب الشيعية. وبات مصيره مرتبطا بحليفيه الرئيس جلال طالباني وزعيم المجلس الاسلامي العراقي الاعلى عبد العزيز الحكيم، خصم مقتدى الصدر.
وفور استلامه منصبه، نال المالكي دعم الرئيس الاميركي جورج بوش الذي وصفه في الآونة الاخيرة بانه quot;شخص جيدquot; لكن التقارير الرسمية الاميركية تندد بالفساد المستشري في حكومة المالكي. وفي بلد يهاب فيه المواطنون quot;كاريزماquot; السياسي ومكانته الشخصية، لا يلعب الحضور الخجول للمالكي دورا ايجابيا يصب في صالحه.ويبدو المالكي الذي يرتدي بشكل دائم البدلة وربطة العنق وبنظاراته الدقيقة كاستاذ، وهذا عمله السابق، يخاطب الطلاب من منبره العالي اكثر من زعيم سياسي قادر على اخراج بلاده من الفوضى.
وقد المح في مقابلة مع وسائل اعلام اميركية الى اضطراره قبول منصب رئاسة الوزراء بدافع من الواجب وليس بسبب طموحه السياسي اذ انه يبدو غالبا كرئيس للوزراء عن طريق الخطا.وما يزال المالكي بعيدا عن تحقيق الاهداف التي حددها فور توليه منصبه بعد ثلاثة اشهر من تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء في شباط/فبراير 2006 ماادى الى انطلاقة شرارة العنف الطائفي الذي اودى بحياة الالاف.
واستمر العنف الدامي تزامنا مع استلامه منصبه ولم تخمد حدته الا مع وصول قوات اضافية اميركية العام 2007.ورغم مطالبة واشنطن المالكي بالعمل على المصالحة السياسية الا انه لم يحقق سوى تقدما طفيفا في هذا المجال. وكان يجب انتظار ان ينفق الاميركيون ملايين الدولارات من اجل تهدئة العرب السنة المسلحين. كما انه لم يكن قادرا على تهدئة الغضب المتزايد للتيار الصدري الذي قرر في اب/اغسطس 2007 تجميد نشاط جيش المهدي من دون ان يلمس اي فائدة سياسية في مقابل ذلك.وكان من المتوقع ان يساعده ماضيه على تهيئته لهذا المنصب الصعب في عراق خاضع للاحتلال الاميركي وتفلت مناطقه مثل الشمال الكردي والجنوب ايضا من قبضة السلطة المركزية.
ولد المالكي في 20 تموز/يوليو 1950 في الحلة (100 كم جنوب بغداد) كبرى مدن محافظة بابل، واتم دروسه في بغداد حيث درس في كلية اصول الدين وحصل على شهادة ماجستير في اللغة العربية.وقد غادر المالكي العراق عام 1980 وتوجه مع عدد كبير من قيادة حزب الدعوة الى ايران بعد اتخذت السلطات قرار باعدام المنتسبين الى حزب الدعوة. لكنه غادر منتصف الثمانينات الى سوريا اثر الانشقاق في صفوف الدعوة.وعاد الى العراق بعد ان ظل يعرف باسم جواد المالكي، كما ان كنيته هي quot;ابو اسراءquot; وقد حمل هذه الاسماء خلال فترة معارضته النظام السابق.
وكانت واشنطن تصنف حزب الدعوة ضمن لائحة التنظميات الارهابية آنذاك ولكن، بعد الاجتياح الاميركي، تولى المالكي منصب امين عام حزب الدعوة.والمالكي اب لشاب وثلاث بنات.
حظر التجول ما يزال ساريا في بغداد والبصرة ومفاوضات تجري لحل الازمة
الى ذلك ما يزال حظر التجول ساريا في بغداد والبصرة مع دخول المواجهات بين القوات الامنية العراقية، يدعمها الجيش الاميركي، وجيش المهدي يومها السادس مع الاعلان عن مفاوضات بين الطرفين quot;تسير بالاتجاه الصحيحquot; لحل الازمة.وقال الشيخ صلاح العبيدي المتحدث باسم مكتب الصدر في النجف ان quot;مباحثات تجري بين وفد حكومي والهيئة السياسية للتيار تسير بالاتجاه الصحيح لانهاء الازمةquot;.
واوضح ان quot;الوفد الذي يرأسه اللواء حسين الاسدي، من وزارة الامن الوطني، اجرى امس محادثات استمرت ساعات مع التيار الصدريquot;.ولم يتطرق العبيدي الى تفاصيل اللقاء.
وقالت النائبة لقاء آل ياسين لفرانس برس ان quot;المحادثات الاخيرة، تشكل اول مفاوضات مباشرة بين الجانبين للبحث عن حلول وانهاء الازمةquot;.وكان مقتدى الصدر دعا الخميس الى quot;حل سلمي وسياسيquot; لانهاء الاقتتال في العراق، وفق بيان لمكتبه في النجف.وجرت اشتباكات متقطعة بين قوات الامن العراقية وميليشيا جيش المهدي في البصرة مدينة الصدر منذ الثلاثاء الماضي ادت الى مقتل وجرح مئات الاشخاص.
وفي بغداد، اقفرت الشوارع لليوم الثالث على التوالي بعد تمديد منع التجول التام المفروض منذ الخميس بسبب المواجهات العنيفة بين ميليشيا جيش المهدي الشيعية والقوات العراقية النظامية.وكان يفترض ان يرفع منع التجول الذي يشمل الآليات والمشاة عند الساعة الخامسة بالتوقيت المحلي (00،2 تغ) من الاحد، لكن القيادة العسكرية قررت مساء السبت تمديده لفترة غير محددة. وقتل حوالى 260 شخصا منذ 25 آذار/مارس في المعارك التي اندلعت في مدينة البصرة وامتدت الى مدن اخرى في الجنوب وبغداد، حسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس استنادا الى ارقام الاجهزة الامنية.
من جهة اخرى، اعلن الجيش الاميركي ان قوة اميركية برية دعمت للمرة الاولى quot;القوات العراقية الخاصةquot; خلال مواجهات مع الميليشيات الشيعية في البصرة امس السبت ما اسفر عن مقتل 22 مسلحا.وافاد الجيش ان العملية العسكرية تضمنت قصفا جويا استهدف quot;معقلا للمجرمين في غرب البصرةquot;.واوضح ان quot;القوات العراقية الخاصة تعرضت الى اطلاق نار عندما اقتربت من المنطقة المستهدفة، وتمكنت من قتل اربعة مسلحين لدى اقتحامها احد المباني كما تعرضت مرة اخرى الى اطلاق نار من اسطح المنازل فتمكنت من قتل اثنين اخرين من المسلحينquot;.
وتابع البيان ان quot;القوات العراقية الخاصة والقوة الاميركية الداعمة لها، تعرضتا الى نيران معادية من قبل عناصر مجرمة في المنطقة اخرىquot;، وهذه هي الاشارة الاولى لوجود قوات برية اميركية تساند القوات العراقية في البصرة.واكد ان quot;دعما جويا تم استدعاؤه لملاحقة القوى المعادية (...) ما اسفر كحصيلة اولية عن مقتل 16 مجرماquot;.
بدوره، قال الميجور توم هولواي المتحدث باسم الجيش البريطاني ان quot;القوات البريطانية انتشرت خارج قاعدتها في البصرة لدعم القوات العراقية (...) قواتنا لا تخطط لدخول البصرة، انها تقدم اشكالا اخرى من الدعمquot;. ويشمل الدعم الاسناد الجوي والمراقبة بالاضافة الى الدعم اللوجستي، وتزويد المروحيات بالوقود وكذلك التجهيزات الطبية.وشاركت بريطانيا في اجتياح العراق قبل خمسة اعوام. وما يزال حوالى 4100 جندي بريطاني في مطار البصرة.ومن المفترض تقليص عددهم الى 2500 بحلول ربيع 2008.
واعلنت مصادر امنية عراقية مقتل اربعة من عناصر الشرطة بينهم ضابط برتبة عقيد، في هجومين منفصلين الاحد في الموصل وديالى شمال بغداد.وقال مصدر في شرطة الموصل (370 كلم شمال بغداد) ان quot;اشتباكات وقعت بين مسلحين مجهولين وقوات الشرطة ادت الى مقتل العقيد زياد قاسم واحد عناصر شرطة المدينةquot;.واوضح ان quot;الاشتباكات وقعت فجرا لدى قيام قوات الشرطة بمداهمة منزل في منطقة السحاجي (وسط)quot;.
وفي بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد)، اعلنت الشرطة مقتل اثنين من عناصرها في انفجار عبوة ناسفة استهدف رئيس مجلس المحافظة ابراهيم باجلان.واوضحت ان quot;الانفجار استهدف موكب رئيس مجلس محافظة ديالى على الطريق الرئيسي عند بلدة السعدية (شرق بعقوبة)quot;.
التعليقات