جونسون يفوز بالانتخابات ..هزيمة مدوية لبراون وحزبه العمالي:
فرنسا وايطاليا ..ولندن : اليمين انتصر

انتخاب المحافظ بوريس جونسون رئيسا لبلدية لندن

براون : نتائج الانتخابات مخيبة لآمال حزب العمال

الانتخابات المحلية البريطانية : تنافس محموم على منصب عمدة لندن

لندن: انتخابات محلية تشكل اختبارا لحزب العمال

لندن-وكالات: مني حزب العمال البريطاني برئاسة رئيس الحكومة البريطاني غوردن براون بهزيمة قاسية في الانتخابات المحلية التي جرت الخميس في انكلترا وويلز، توجت بفوز المحافظين في بلدية لندن، في ما اعتبر الانتخابات المحلية الاسوأ لحزب العمال منذ أربعين عاما.وليلة الجمعة السبت افادت النتائج الرسمية ان المرشح المحافظ بوريس جونسون قد انتخب رئيسا لبلدية لندن، اثر تغلبه على رئيس البلدية العمالي المنتهية ولايته كين ليفينغستون الذي ترشح الخميس لولاية ثالثة.وقد حصل جونسون على 1.168.738 مليون صوت، في مقابل 1.028.966 مليون لليفينغستون، كما اعلن مسؤول في الاجهزة الانتخابية البريطانية في بلدية لندن.

ويوجه فوز بوريس جونسون ضربة اضافية الى حزب العمال ورئيسه رئيس الوزراء غوردن براون الذي بلغ ادنى المستويات في استطلاعات الرأي منذ اسابيع.وقال بوريس جونسون بعد لحظات على اعلان فوزه quot;كان انتخابا ماراتونيا بمشاركة قياسيةquot; بلغت 45% (37% في 2004).واضاف quot;اشكر اللندنيين لكني قبل كل شيء اقول للعدد الكبير من الاشخاص الذين لم يصوتوا لي ... سأعمل بدأب لأستحق ثقتكم ولتبديد بعض الادعاءات المتعلقة بيquot;. وللذين صوتوا له، قال جونسون انه سيعمل quot;بدأب لمكافأتهم وتبرير ثقتهمquot;.

واكد quot;لا اعتقد ابدا ان هذا الانتخاب يثبت ان لندن قد تحولت بين ليلة وضحاها الى مدينة محافظة. لكني آمل في ان يثبت تحول المحافظين الى حزب يمكننا تجديد ثقتنا بهquot;.ووجه اشادة حارة الى رئيس البلدية السابق. وقال ان كين ليفينغستون quot;كان خادما بالغ الاهمية للناس وقياديا مميزا لهذه المدينةquot; فاز ب quot;اعجاب ملايين اللندنيينquot; بعد اعتداءات السابع من تموز/يوليو 2005 quot;حتى لو اضطررتم الى الاعتقاد انهم يواجهون صعوبة في الاعراب عنه اليومquot;.
اما ليفينغستون فعرض على خلفه مساعدته اذا ما احتاج اليها. وقال quot;لكن، ايا يكن دوري، سأواصل، طالما حييت واتنفس، العيش في هذه المدينة وسأستمر في حب هذه المدينة والسعي الى جعلها مدينة افضلquot;.

وقال quot;آسف لاني لم اتمكن من الفوز ببعض النقاط الاضافية التي كانت ستؤمن لنا الفوز، وانا اتحمل المسؤولية الكاملة. لا تستطيع ان تكون رئيس بلدية طوال ثماني سنوات، ثم تقول اذا لم تفز بولاية ثالثة ان السبب يقع على عاتق شخص آخرquot;. واضاف quot;اتحمل هذه المسؤولية وآسف لاني لم استطع ان اقودكم الى الفوزquot;.وبترؤسه بلدية لندن لاربع سنوات، بات جونسون مسؤولا عن الموازنة السنوية البالغة 11 مليار جنيه استرليني (14 مليار يورو) لتمويل وسائل النقل المشترك واجهزة الطوارىئ والاسكان والبيئة والاقتصاد. وهو الذي يضع ايضا اللمسات الاخيرة على الاستعدادات للالعاب الاولمبية الصيفية في 2012 في لندن.

بوريس جونسون ..عمدة لندن الجديد

وقبل اعلان هزيمة حزب العمال في لندن اعلن براون في مؤتمر صحافي بعد ان تبين ان حزبه مني بهزيمة نكراء في غالبية مناطق انكلترا وويلز quot;كانت بالفعل ليلة سيئة ومخيبة للامالquot;.واضاف quot;ينبغي ان نستخلص العبر (...) سنستخلص العبر، وسنحلل ما حدث ونمضي قدماquot;، مؤكدا ان الحزب quot;سمعquot; الرسالة، عازيا هذا العقاب الانتخابي الى ارتفاع كلفة المعيشة.وتابع براون quot;يريد السكان التأكد من ان الحكومة ستساعدهم في تجاوز هذه الاوقات الصعبةquot;، واعدا باتخاذ تدابير تساعد في تعويض quot;ارتفاع قيمة الفواتيرquot;.

وافادت تقديرات هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان حزب العمال سيحتل المرتبة الثالثة في هذه الانتخابات بحصوله على 24% فقط من الاصوات، بعد الليبراليين الديمقراطيين (25%) وبفارق عشرين نقطة عن المحافظين (44%).ولو تحققت هذه النتيجة في الانتخابات التشريعية المقبلة فان المحافظين سيفوزون بغالبية برلمانية كبيرة تراوح بين 138 و164 مقعدا، وفق التقديرات.فمن اصل 4012 مقعدا تم التنافس عليها في انكلترا وويلز، خسر حزب العمال اكثر من 330 مقعدا مقارنة مع الانتخابات المحلية السابقة، ونال المحافظون نحو 260 مقعدا اضافيا والليبراليون الديمقراطيون 19 مقعدا اضافيا.كما أمن حزب العمال الاكثرية المطلقة في 12 مجلسا بلديا اضافيا .

وعنونت صحيفة quot;ايفنينغ ستاندردquot; اللندنية اليمينية quot;انه حمام دم بالنسبة الى براونquot;.وهذا الاداء هو الافضل الذي يسجله المحافظون في انتخابات محلية منذ 1992 والاسوأ لحزب العمال منذ الستينات.حتى انه اسوأ من خسارة العماليين العام 2004، حين دفعوا ثمن قرار خوض الحرب في العراق الذي اتخذه رئيس الوزراء السابق توني بلير.وبذلك، يكون براون الذي خلف بلير في حزيران الفائت من دون المرور بصناديق الاقتراع خسر اول اختبار انتخابي له، فيما يقترب موعد الانتخابات التشريعية التي ينبغي ان تجري قبل ايار/مايو 2010.وعلق رئيس الكتلة العمالية في مجلس العموم ديفيد كاميرون quot;هذه النتائج ليست سوى تصويت ضد غوردن براون وحكومته. اعتقد انه تصويت على الثقة بالنسبة الى المحافظينquot;.ويرى العديد من المحللين اوجه شبه بين خسارة براون والهزيمة التي تعرض لها رئيس الوزراء المحافظ الاسبق جون ميجور في انتخابات 1995 المحلية، حيث لم يحصد سوى 25 في المئة من الاصوات. وبعد عامين على هذه الهزيمة خسر رئاسة الحكومة.

الصحف البريطانية

افردت الصحف البريطانية مساحات واسعة لانتخابات عمدة لندن التي فاز بها جونسون على حساب مرشح حزب العمال عمدة لندن السابق كين لفنغستون.وتقول التايمز في عددها ليوم السبت ان بوريس جونسون انهى الاختبار الانتخابي الاول لغوردون براون، بتحقيق انتصار رمزي كبير للمحافظين في لندن، ليقدم اكبر جائزة لديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين بانهائه عهد كين لفنغستون في لندن الذي امتد ثماني سنوات.

اما بالنسبة إلى براون فإن فوز جونستون جعله يشعر بالاذلال في جميع انحاء البلاد بخسارة الحزب 331 مقعدا، ما يثير الخوف على وزراء براون في صراع البقاء على سدة الحكم في الانتخابات العامة القادمة. واشارت الاندبندنت الى ان فوز جونسون المثير على لفنغستون هو بمثابة ذر الملح على جروح رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون وان خسارة العمال هذه تجاوزت كل الكوابيس التي كان يمكن ان يتعرضوا لها.

وتقول الصحيفة ان فارق العشرين نقطة بين الحزبين في هذه الانتخابات يذكر بنتائج حزب المحافظين في الانتخابات المحلية التي جرت في عام خمسة وتسعين في عهد حكومة جون ميجور حيث خسر في الانتخابات العامة بعدها بعامين. تقول الديلي تلغراف في عنوان لها: quot;بوريس جونسون من مهرج متلعثم الى عمدة لندنquot;. إن هذه النتائج اذا ما ترجمت الى الانتخابات العامة المقبلة فإن ذلك يعني ان حزب المحافظين سيهيمن على مجلس العموم البريطاني المقبل باغلبية تفوق المئة مقعد. وتشير الديلي تلغراف الى أن شخصية جونسون التلفزيونية ككوميدي بظهوره الاشعث كان محط سخرية لمنتقديه، الا ان ذلك اعطاه دافعا كبيرا وشعبية لدى الجمهور.

خسارة قاسية لعمدة لندن السابق كين ليفينغستون

اوروبا الى اليمين در ..

ربما لم يكن فوز بوريس جونسون في انتخابات عمدة لندن مفاجئا، في ضوء الاعتراض من الناخبين البريطانيين على حزب العمال الحاكم في الانتخابات المحلية الخميس. وجاء فوز مرشح حزب المحافظين اليميني المعارض بفارق ليس بالكبير عن مرشح حزب العمال والعمدة السابق كن لفنجستون، ذلك لان لفنجستون حظي بأصوات عدد كبير من اصوات الجاليات غير البريطانية في لندن.

اما جونسون، فقد كان المرشح المفضل في التصويت الثاني لمؤيدي الحزب القومي البريطاني المتطرف في يمينيته. وقد حقق الحزب القومي، الذي يرفع شعارات اقرب للعنصرية ومعادية للمهاجرين عموما، والاسيويين والمسلمين خصوصا، انجازا بفوزه بمقعد في مجلس لندن وحصوله على المرتبة الخامسة في انتخابات العمدة. واذا كانت انتخابات المحليات في انكلترا وويلز اسفرت عن اكبر خسارة لحزب العمال، تعبيرا عن عزوف الجماهير عن حزب يسار الوسط بعد عقد من الزمن في السلطة فإنها تأتي في سياق توجه اوروبي عام على ما يبدو.

ذلك ان حزب العمال، الذي تخلى عن قدر من يساريته متجها نحو الوسطية السياسية في اواسط التسعينات، يكاد يكون استنفد كل مقومات التغيير بعد مدة طويلة في الحكم. ورغم ان رئيس الوزراء الحالي، غوردون براون، كان مهندس التحول الى quot;العمال الجديدquot; ليصل الى السلطة بزعامة توني بلير عام 1997 لكنه لم يحقق الكثير في الحكم منذ استلامه من بلير العام الماضي. وبدا وان العمال يحيدون عن الوسط، ربما نحو اليمين وقربا من المحافظين الذين جددوا شبابهم بزعيم جديد هو ديفيد كاميرون الذي يوصف بانه quot;بلير اليمينquot;.وتأتي تلك التحولات في بريطانيا بعد عام من تحول في فرنسا عبر وصول نيكولا ساركوزي الى سدة الرئاسة الفرنسية بادئا حقبة اكثر يمينية وقاضيا على آمال اليسار في السياسة الفرنسية.

حقبة جديدة مع فوز اليمين

كذلك، قبل اسابيع، عاد رمز يمين الوسط الايطالي سيلفيو بيرلسكوني الى الحكم في ايطاليا بعد تجربة قصيرة من حكم يسار الوسط. وهذه المرة، فاز برلسكوني باصوات اليمين المتشدد ممثلا في حزب رابطة الشمال وغيره من قوى الفاشيين الجدد، أي مبتعدا عن الوسط نحو اليمين.

مدن المهاجرين
اما المفارقة ذات الدلالة المهمة فهي ان فوز عمدة يميني في لندن، ربما ببعض اصوات اليمين المتشدد، جاء بعد ايام من فوز عمدة يميني في روما للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية. وكان فوز جياني اليمانو، وهو من عتاة الفاشيين الجدد في ايطاليا، في عطلة نهاية الاسبوع قد قوبل باحتفال مؤيديه برفع الايدي على طريقة ايام موسيليني هاتفين quot;دوتشي، دوتشيquot;. وتعهد عمدة روما الجديد بطرد 20 الف مهاجر من المحكومين من المدينة، في اول خطاب له بعد توليه منصبه.

ومع ان بوريس جونسون حاول في حملته الانتخابية التخفيف من حدة تصريحات سابقة كانت أقرب للتطرف والتعالي، الا انه يظل ممثلا لتيار لا يرحب بالمهاجرين. ولا يقتصر هذا التوجه على ايطاليا وفرنسا وبريطانيا، وانما يتصاعد في دول اخرى من هولندا الى السويد.

واذا كان توسيع الاتحاد الاوروبي زاد من حدة الهجرة الى دول اوروبا الغربية من دول اوروبا الوسطى والشرقية، فان مشكلة المهاجرين من اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية تظل بؤرة الاهتمام في المدن الكبرى كلندن وباريس وروما. واذا كان ساركوزي بدأ في تعديل القوانين ليشدد القيود على المهاجرين، واليمين الايطالي سيضطر لإرضاء رابطة الشمال بمواقف اكثر تشددا تجاه المهاجرين فان بريطانيا لم تنتظر حتى يعود اليمين الى السلطة. فقد بدأ العمال، في سعيهم مؤخرا إلى الحفاظ على جماهيريتهم امام صعود المحافظين، باجراءات ولو محدودة لضبط الهجرة والتضييق على المهاجرين خاصة بعد التفجيرات التي شهدتها لندن واتهم فيها مسلمون اسيويون من الجيل الثاني او الثالث من المهاجرين.

وداعا للتعددية
قد يكون اللافت في نتائج انتخابات عمدة لندن غياب كن لفنجستون، الذي كان يوصف بصديق الفلسطينيين والمنفتح على المسلمين. ولم يكن لفنجستون شعبويا، على طريقة جورج جالاوي مثلا، وانما كان مخلصا لافكاره وقناعاته اليسارية المصبوغة بالليبرالية والتي اصطدمت احيانا بوسطية حزبه. ويعد العمدة السابق من اشد المتحمسين لما اصطلح على تسميته بالتعددية الثقافية كظاهرة ايجابية تثري لندن والمجتمع البريطاني عامة. اما منتقدوه، والذي صوتوا لبوريس جونسون، فيرفضون التعددية الثقافية ويعتبرونها تذويبا للهوية القومية البريطانية ـ وان لم يصلوا الى حد مواقف الحزب القومي البريطاني.