تضارب الأنباء بشان وقوع انفجار جديد في الجزائر

الجزائر تحت وقع الصدمة بعد الاعتداء الارهابي

كامل الشيرازي من الجزائر: يقرأ أكثر من مراقب، ما يلف التصعيد الجديد في أعمال العنف في الجزائر، والأرقام المثيرة للجدل حول أعداد الضحايا، على أنّها محاولة من quot;تنظيم قاعدة بلاد المغرب الإسلاميquot; لاستخدام سلاح quot;الدعايةquot; من أجل اختلاق وضع غير مستقر، ويرى محللون وخبراء أمنيون استطلعت آراءهم quot;إيلافquot; بأنّ التنظيم الدموي بقيادة المتشدد quot;عبد المالك دروكدالquot; يحاول تحدي السلطات، التي أعلنت وضعها خططا جديدة بعد كل الذي حصل العام الماضي، لذا ردت القاعدة وفق مخطط يتوخى إدامة ''استراتيجية الخطر الدائم'' عبر عمليات تسعى إلى تجاوز حالة اللاتوازن التي بات يعيشها المتمردون.

ويرى المحلل إسماعيل معراف أنّ تنظيم القاعدة الذي عجز عن اختراق المحيط الحضري واكتفى ببضع ضربات هنا وهناك منذ مطلع العام الحالي، أصبح ينتقي أهدافه من أجل الدعاية والترويج، مثل استهداف ثكنة الحرس الجمهوري والسعي لاغتيال رعايا أجانب كما حصل الأحد مع المهندس الفرنسي القتيل في منطقة بني عمران الشرقية، ويضيف معراف أنّ هناك تضخيما كبيرا لعدد ضحايا تفجيرات الأمس، إذ توفي 5 فقط، وليس 13 كما أوردته مراجع محلية وخارجية.

كما يعتقد اسماعيل معراف أنّ ما حدث البارحة واليوم، يعبّر أنّ القاعدة quot;تعبّر بكل امتياز عن مصالح أجنبية وتتبع أجندات فرنسية وأميركية، ويبرر معراف كلامه بانعكاسات استمرار رفض الجزائر إقامة أي قواعد عسكرية أميركية على أراضيها، ومعارضتها مشروع ساركوزي الخاص بالاتحاد المتوسطي، وكذا (ضريبة) امتناعها عن الانخراط في أي تطبيع مع إسرائيل.

المحلل عبد النور بوخمخم
من جانبه، يشير المختص بالشأن الأمني عبد النور بوخمخم الى أنّ هناك محاولة من زعامات القاعدة للرجوع إلى ما سماه quot; مبادرة صنع الحدث والترويج الاعلاميquot;، وخلق ضجيج بما يكرّس انطباعا مفاده أنّها لا تزال قادرة على إحداث خسائر في الأرواح من خلال استهداف الأجانب وتكثيف العمليات الانتحارية، والتغطية على عجزها عن تنفيذ عمليات كبيرة في المحيط الحضري وفق نموذجي 11 أبريل و11 ديسمبر الماضيين.

ويقول عبد النور بوخمخم واثقا أنّ المرجح، كامن في محاولات من لدن القاعدة لممارسة نوع من الاستعراض والدعاية الاعلامية المفتقدة منذ العام الماضي، لذا تتطلع القاعدة لاستعادة زمام المبادرة، بعدما فككت أجهزة الامن قوتها الضاربة في المحيط الحضري وضواحي المدن الكبرى، كما يشير بوخمخم الى أنّ العمليات الارهابية الأخيرة لم تحمل الزخم نفسه والبصمات نفسها ، وكأنها لم تدر بالطريقة نفسهاالتي أديرت بها من قبل، ويجزم بوخمخم بفشل عمليتي الخميس والأحد، من حيث إنّ منفذيها أرغموا على استخدام تقنية التفجير عن بعد، دون أن يتبعوها بمواجهات كما جرت العادة.

ويشاطر المختص في الشأن الأمني فيصل أوقاسي رأي إسماعيل معراف في كون القاعدة تسعى إلى تجاوز حالة التسلل والفكاك التي تعيشها بالتمادي في الدعاية، والتدليل على أنّها quot;ما زالت تضرب وموجودةquot; في محاولة للتعمية على نجاح الجيش في مكافحة الارهاب وحمله التنظيم على التراجع خلال الستة أشهر الأخيرة، كما يركّز معراف على أنّ القاعدة اختارت ضرب منطقتي الأخضرية وقبلها جيجل، لبث الشك في نفوس المتعاملين الأجانب وعرقلة المشاريع الضخمة التي تراهن السلطات على تتويجها في صورة الطريق السيار ومشاريع سكك الحديد.

ويذهب الخبير الفرنسي إيف بوني إلى أنّ القاعدة لعبت منذ تدشينها استراتيجية الاختطافات والعمليات الانتحارية على الوتر الإعلامي والدعائي، ويتصور بوني أنه لو لم يتم الحديث عن هذه العمليات إعلاميا لتغير كثير من المعطيات، لأن أي حديث عن العمليات التي يقترفونها يعتبر تشجيعا لهم.

ويضيف الرئيس السابق للاستخبارات الفرنسية أنّ التصعيد الجديد يمثل رسالة من ناشطي القاعدة، بأنّ تنظيمهم لا يزال يشكّل quot;خطرا دائماquot; وأنها quot;تستطيع الضرب بقوة متى شاءت وحيثما شاءتquot;، ويلاحظ بوني أنّ المسلحين باتوا يراهنون على عامل الاستعراض والتفجيرات الخاطفة المتزامنة، بغرض تحقيق دوي أكبر من خلال اصطناع quot;صدى إعلاميquot; لعملياتها.

ويرى الإعلامي المختص بالقضايا الأمنية quot;هيثم ربانيquot;، أنّ مقاتلي القاعدة يراهنون على الاستمرار في تكتيك زرع ألغام والقيام بهجمات فردية حذرة، من خلال القنص والتفجير عن بعد والتفخيخ بواسطة الهاتف النقال، وأي استراتيجية تروم الجدية والفعالية، بمنظاره، لا بدّ أن تقوم ndash;يضيف رباني- على تجاوز تجربة المواجهات المباشرة وquot;الحرب التقليدية''، من خلال السعي للتعرف إلى خصوصيات خلايا القاعدة، وتحديد هوية المسلحين المنتمين إليها (أغلبهم مجهولون) ومن ثمّ اختراق شبكات المتمردين ومحاولة تفكيكها من الداخل.

ويذهب مراقبون إلى أنّ القاعدة وبعد مجازرها المدوية في الجزائر خلال العام الماضي، تريد حربا ''على الطريقة الإيرلندية'' تعتمد على طول المدى واللامتناهيات، رغم علمها أنّ ذلك لن يعينها لا على إنتاج دولة (إسلامية) ولا على احتواء الجماهير التي يتضاعف كرهها لهذه القاعدة التي جعلت من الترويع والهمجية عنوانا كبيرا لها.