بروكسل: يتوقع أن يفتح الحظر الذي يهدد الحزب الحاكم في تركيا مرحلة جديدة من التوترات بين الإتحاد الأوروبي وانقرة من خلال تعزيز موقع المعارضين الاوروبيين لانضمام هذا البلد، ولو ان تعليق المفاوضات غير مرجح.
واعتبارا من الاثنين ستبدأ المحكمة الدستورية مداولاتها في دعوى مرفوعة للمطالبة بحظر حزب العدالة والتنمية المنبثق عن التيار الاسلامي والحاكم منذ 2002 بتهمة ممارسة نشاطات مناهضة للعلمانية، وهو مصير عرفته من قبله تشكيلات سياسية عديدة في البلاد. وفي الحقيقة لا ينظر الاوروبيون بارتياح الى هذا الاجراء بل يرون فيه انتهاكا للقواعد الديمراطية معتبرين ان الاتهامات الموجهة الى حزب العدالة والتنمية ينبغي معالجتها في صناديق الاقتراع وليس امام المحاكم.
وباشر المدعي العام في محكمة التمييز عبد الرحمن يالجينكايا هذا الاجراء القضائي ضد حزب العدالة والتنمية في آذار/مارس بعد قرار الحكومة رفع الحظر المفروض على الحجاب في الجامعات. واعتبر قرار الغاء هذا التعديل الصادر في حزيران/يونيو عن المحكمة الدستورية بمثابة اشارة تنبىء بحظر الحزب الذي انبثق من احزاب اسلامية تم حلها بسبب نشاطات مناهضة للعلمانية.
وعندما تمت الموافقة على الاجراء ضد حزب العدالة والتنمية في الربيع لم يتوان المفوض الاوروبي المكلف شؤون التوسيع اولي رين عن التعبير بصراحة عن رايه. واعتبر اي حظر للحزب الحاكم في تركيا غير مبرر والمح الى تهديد بحدوث اضطرابات في مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي التي تتقدم اصلا ببطء شديد منذ بدئها في تشرين الاول/اكتوبر 2005.
وقال انذاك quot;آمل ان يأخذ قضاة المحكمة الدستورية في عين الاعتبار مصلحة تركيا على المدى الطويلquot;. ولا شك ان رد المفوضية في حال صدور قرار عن المحكمة بحظر الحزب اعتبارا من الاثنين سيكون له ثقله.
وينص التفويض باجراء المفاوضات مع تركيا على انه في حال quot;انتهاك خطير ومستمرquot; للحريات والديمقراطية فان الدول الاوروبية ال27 يمكن ان تعلق هذه المفاوضات بغالبية بسيطة موصوفة. لكن من اجل عدم سكب الزيت على النار قد تكتفي بروكسل والدول ال27 بالتنديد باي حظر محتمل بدون اعاقة المفاوضات، او اختيار كحل وسطي تعليق المحادثات فعليا لبعض الوقت بدون قرار رسمي من دول الاتحاد.
لكن ثمة امر مؤكد وهو ان حظر حزب العدالة والتنمية من شأنه ان يعطي ذرائع لدول في الاتحاد الاوروبي مثل فرنسا والنمسا او قبرص تعارض بشدة دخول تركيا التكتل الاوروبي. وفي مطلع الشهر قال مسؤول فرنسي كبير ان الاجراء الحالي quot;يؤكد شكوكنا حول قدرة تركيا على الانضمام الى اوروباquot;.
لكن يبدو ان فرنسا التي تتولى رئاسة الاتحاد الاوروبي حتى نهاية السنة والحريصة بحكم موقعها هذا على التزام بعض الحياد، لا ترغب في القيام بمزايدات من خلال الدفع الى تجميد المفاوضات. واكد مصدر فرنسي مؤخرا ان الاوروبيين سيحتجون لكن حظر حزب العدالة والتنمية لن يكون له quot;اي تأثيرquot; على فتح فصول جديدة في المفاوضات التي تخوضها تركيا، مضيفا quot;لا نريد ان نكون السبب باندلاع ازمة اكثر حدة مع تركياquot;.
وفي حال نشوب ازمة، فسوف يقضي ذلك على اي امل في امكان تسوية النزاع في قبرص حيث من المرتقب اجراء مفاوضات اعتبارا من الثالث من ايلول/سبتمبر بهدف اعادة توحيدالجزيرة المقسمة منذ 34 عاما. وقد طمحت فرنسا على الدوم الى فتح حتى ثلاثة فصول جديدة من الفصول ال35 التي تشملها المحادثات ما يرفع عدد الفصول المفتوحة خلال ثلاث سنوات الى احد عشر فصلا بحسب المصدر نفسه.
وفي مجمل الاحوال فان ذلك لن يؤدي الى تغيير جوهري لان 18 من الفصول ال35 تبقى فعليا بحكم المجمدة، 5 منها من قبل باريس التي لا تعتبرها quot;مرتبطة مباشرةquot; بعملية الانضمام التي لا ترغب بها في نهاية المطاف.
التعليقات