رفض داخلي وخارجي لمطالب تستغل خلافات قانون الانتخابات
مخاوف من دعوات كردية متطرفة تقود لتدويل قضية كركوك

أسامة مهدي من لندن :
عبرت مصادر عراقية عن مخاوف من ان تقود مطالب متطرفة يقودها الاعضاء الاكراد في مجلس محافظة كركوك ورئيسه زركار علي وأثارت معارضة داخلية وخارجية الى تدويل قضية هذه المدينة العراقية الشمالية الغنية بالنفط وبشكل احرج الرئيس العراقي جلال طالباني عندما تدخل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لديه للتعبيرعن قلقه من هذه المطالب والتي اكدت الامر نفسه وزارة الخارجية التركية اليوم فيما اعلنت واشنطن تحفظها على هذه المطالب التي رفضتها بدورها الحكومة العراقية اليوم ايضا اضافة الى رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي القيادي في الائتلاف الشيعي الموحد النائب همام حمودي .

واشارت المصادر التي كانت تتحدث الى quot;ايلافquot; الى أنه بالإضافة الى المطالب التي يقودها زركار علي لضم كركوك الى اقليم كردستان بشكل انفرادي فإنه كان هدد الاسبوع الماضي بوقف تدفق نفط كركوك الى الداخل والخارج اعقبه ذلك الاثنين الماضي برفضه لوجود القوات التي ارسلها رئيس الوزراء نوري المالكي الى المدينة للسيطرة على الامن فيها بعد الاحداث الدامية التي شهدتها في ذلك اليوم اثر التظاهرات الكردية ضد قانون انتخابات المحافظات . لكن المصادر نفت علمها في ما اذا كانت ممارسات رئيس مجلس محافظة كركوك هذه تتم بايعاز من القيادات الكردية لكنها لاحظت انها تؤدي الى خسارة للاكراد في تعاطف العراقيين مع قضاياهم العادلة .
بغداد تحذر من قرارات انفرادية مخالفة للقانون
واليوم دعت الحكومة العراقية جميع الأطراف في محافظة كركوك الى التزام الهدوء والإحتكام الى القانون والدستور مؤكدة رفضها لأي خطوةٍ إنفرادية لتغيير وضع مدينة كركوك وتَعتبرُها غير قانونية وغير دستورية.
أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور علي الدباغ أن الحكومة العراقية تدعو جميع الأطراف والمكونات والأحزاب في محافظة كركوك الى التزام الهدوء والحكمة والإحتكام الى القانون والدستور وتفويت الفرصة على أعداء العراق الذين يتصيدون في الماء العكر وعدم القيام بأي إجراءاتٍ تصعيدية من شأنها الإضرار بالوحدة الوطنية وبروح التآخي والوئام والتعايش الأخوي بين كل المكونات كما قال في تصريح صحافي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot;.

وأضاف الدباغ أن الحكومة العراقية تؤكد رفضها لأي خطوةٍ إنفرادية لتغيير وضع مدينة كركوك وتَعتبرُها غير قانونية وغير دستورية حيث إن الوضع النهائي لمدينة كركوك تحكمهُ آليات دستورية وتوافق سياسي عراقي تم الإتفاق عليه بين جميع الفرقاء والتي شَرَعت الحكومة باتباعها من خلال لجنة المادة 140 من الدستور الدائم والتي وضحت معالم الطريق لمستقبل مدينة كركوك على اُسس متفق عليها لضمان تعايش سلمي وإحترام التنوع بين كل المكونات في المدينة.

قلق تركي وتحفظ اميركي
كما انه بعد ان اعرب اردوغان خلال اتصال هاتفي مع الرئيس طالباني امس عن قلقه من مطالبة اكراد بضم مدينة كركوك اقليم كردستان الذي يحكمونه منذ عام 1991 مؤكدا تأييده لتقاسم السلطة فيها بين قومياتها الكردية والتركمانية والعربية والكلدو اشورية كما قال بيان رئاسي الى quot;إيلافquot; .. اعلنت وزارة الخارجية التركية اليوم انها تراقب توتر الأوضاع في مدينة كركوك بقلق بالغ ونفت ان يكون هناك اي تغير في سياستها حول هذه المدينة. واشارت الوزارة في بيان اليوم الى سعي بعض الاطراف في الاونة الاخيرة لاستغلال الوضع الناجم الذي اعقب قرار مجلس النواب العراقي حول تقاسم السلطة في مدينة كركوك ذريعة لتحقيق مآربها.

واضافت الوزارة ان تركيا كانت تدعم دوما التوافق السياسي بين مكونات الشعب العراقي لتأمين التعايش السلمي بينها. وأشارت الخارجية التركية الى طلب اعضاء التحالف الكردستاني في مجلس محافظة كركوك بضم المدينة الى اقليم كردستان وأضافت مؤكدة انه لم يطرأ اي تغيير في السياسة التركية بخصوص كركوك وان اي تغيير من هذا القبيل غير وارد بتاتا . واكدت موقف تركيا الثابت بضرورة تمثيل جميع مكونات الشعب في كركوك بشكل عادل ومتوازن ضمن النسيج العراقي ومنح المدينة وضعا خاصا.وأومأ البيان الى ان تركيا تراقب بدقة بالغة تصرفات بعض الاطراف والعناصر التي تسعى إلى تعكير الجو وتحاول جاهدة خلق امر واقع في المدينة .. وقالت ان ذلك لن يكون من مصلحة احد، ودعا البيان جميع الاطراف الى التوصل الى وفاق سياسي عن طريق التفاهم والحوار.

ومن جهتها قالت وزارة الخارجية الاميركية انها اطلعت على التقارير التي تشير الى قرار الأكراد في مجلس محافظة كركوك بإعلان ضم المدينة الى اقليم كردستان واكدت انها لا تشجع على القيام بخطوات احادية قد تؤدي الى تفاقم الوضع. ودعت الوزارة الى القيام بتسويات في اطار مقترحات الامم المتحدة وصولا الى تفاهم حول المادة 140 من الدستور والمتعلقة بمستقبل مدينة كركوك .

وكان مجلس محافظة كركوك طالب في جلسة استثنائية عقدها امس وحضرها الاعضاء الاكراد وقاطعها ممثلو التركمان والعرب بضم كركوك الى إقليم كردستان في حال فشل الكتل السياسية في بغدادفي التوصل الى صيغة توافقية بخصوص قانون انتخاب مجالس المحافظات .

وتحدث رئيس المجلس زركار علي وهو كردي عن السجالات والمناقشات الموجودة في بغداد بخصوص قانون الانتخابات وما شهدتها المحافظة قبل أيام من تظاهرة سلمية لرفض القانون الذي اقره مجلس النواب العراقي ورفض المادة 24 من القانون المتعلقة بكركوك باعتبارها مخالفة للدستور العراقي مشيرا الى مطالبة المجلس الرئاسة العراقية بالعمل على ضم كركوك الى كردستان . وعلى الفور اعلنت وزارة شؤون مناطق خارج اقليم كردستان في حكومة الاقليم دعمها لمطالب عدد من اعضاء مجلس محافظة كركوك بضم محافظتهم الى اقليم كردستان . وقالت في بيان إنها تدعم هذا الطلب الذي سيؤدي الى quot; إحلال الأمن والسلام في المنطقة وضمان الحفاظ على حقوق مكونات محافظة كركوكquot; .. داعية برلمان كردستان إلى العمل على تلبية الطلب بأسرع وقت.

وخلال اتصاله بطالباني امس اكد اردوغان رغبته في وصول القادة العراقيين إلى اتفاق حول قانون انتخابات مجالس المحافظات يرضي جميع الأطراف، مشيراً الى quot;أن المقترح الذي قدمتموه بشأن نسبة (32%) لكل مكون أساسي و (4%) للكلدوآشور في كركوك، مقترح جيد و ندعمه كونه يحل الكثير من المشاكلquot;. و بخصوص الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس محافظة كركوك التي هدد المجلس خلالها بالانضمام إلى إقليم كردستان، أبدى أردوغان قلقه من هذه الخطوة لكن الطالباني قدم له شرحا حول هذه الخطوة مشيرا الى انها لا تعتبر انضماما إلى الإقليم بل تهديد بالانضمام، في ما إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حول قانون انتخابات مجالس المحافظات بين كتلة التحالف الكردستاني والكتل الأخرى.

معروف ان الاحزاب الكردية التي تحكم اقليم كردستان منذ عام 1991 تطالب بضم محافظة كركوك الغنية بالنفط والتي يسكنها حوالى مليون نسمة الى الاقليم مؤكدين انها كردستانية تاريخيا لكن هذا يصطدم بمعارضة التركمان والعرب في المحافظة الذين يدعون إلى جعلها اقليما مستقلا بحد ذاته . كما تصطدم المطالب الكردية لرفض تركيا التي تتعاطف مع سكان المدينة التركمان الذين تربطهم بها علاقات ثقافية وتاريخية .
يذكر ان مدينة كركوك شهدت احداثا دامية يوم الاثنين الماضي بعد وقوع انفجار في تظاهرة قام الاكراد بتنظيمها للتنديد بقرار مجلس النواب العراقي حول قانون الانتخابات المحلية وادى الانفجار الى مقتل 26 متظاهرا وجرح 150 آخرين وقام المتظاهرون إثر ذلك بمهاجمة المؤسسات ومقرات الاحزاب التركمانية في المدينة كرد فعل انتقامي.
قيادي شيعي يرفض ضم كركوك لكردستان من دون استفتاء
واضافة الى هذا الرفض الحكومي العراقي والمعارضة التركية والتحفظ الاميركي فقد اعتبر قيادي في كتلة الائتلاف الشيعي أن مشكلة كركوك quot;ليست دستوريةquot; لكنها تكمن في عدم وضوح الصياغات الدستورية للمادة (140) التي قال إنها ما زالت تحتاج إلى quot;توضيحquot; وتفاصيل أكثر.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي الشيخ همام حمودي ان quot;مشكلة كركوك تكمن في عدم وضوح الصياغات الخاصة بالمادة (140) من الدستور العراقيquot;، معتبرا أن تلك المادة quot;غير واضحة وتحتاج إلى تفاصيل أكثر وهذا ما جعلها مشكلة ليست دستوريةquot;.

وأضاف حمودي في تصريح لوكالة quot;اصوات العراقquot; انه quot;لا يحق لأي جهة أن تضم أي محافظة إلى إقليم إلا بعد العودة إلى الشعب العراقيquot;، مشيرا إلى ان هذا العام سيكون موعدا لإجراء انتخابات مجالس المحافظات رغم العراقيل التي يضعها البعض في عجلة العملية السياسية.

واقر مجلس النواب العراقي في الثاني والعشرين من الشهر الماضي قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي الذي يتضمن مادة تتأجل بمقتضاها انتخابات مدينة كركوك إلى أجل غير مسمى بموافقة 127 نائبا من أصل 140 حضروا الجلسة. وانسحب من الجلسة نواب التحالف الكردستاني وهي الكتلة الثانية في البرلمان وله 53 من إجمالي مقاعده البالغة 275 مقعدا، محتجين على قرار رئيس مجلس النواب محمود المشهداني بجعل التصويت quot;سرياquot; على المادة 24من القانون والخاصة بالوضع في كركوك، رغم أنه تم التصويت quot;علنياquot; على كافة فقرات القانون الأخرى.
وقرر مجلس رئاسة الجمهورية بعد يوم واحد نقض قانون انتخابات مجالس المحافظات، في رد فعل سريع يأتي بعد يوم واحد من إقرار البرلمان للقانون في جلسة أثارت الكثير من الجدل حول دستوريتها. وقرر مجلس الرئاسة إعادة القانون إلى البرلمان للتصويت عليه من جديد.

وكان صدور القانون أثار ردود أفعال غاضبة لدى الأكراد الذين اعتبروا الطريقة التي تم بها تمرير القانون في البرلمان بمثابة quot;انقلاب على الدستورquot; وهددوا باستخدام quot;الفيتوquot; الذي يتيحه الدستور العراقي لمجلس الرئاسة الذي يترأسه الطالباني (كردي) لنقض القانون وإعادته إلى مجلس النواب.