طلال سلامة من روما: رفض حاكم إقليم quot;كامبانياquot; اليساري، أنتونيو باسولينو، التوقيع على عريضة ضد حكومة برلسكوني، يرعاها الحزب الديموقراطي اليساري بإرادة مباشرة من رئيسه، فالتر فلتروني، وهدفها الحصول على خمسة ملايين توقيع لإسقاط الحكومة الحالية. ومن الطبيعي أن يقوم مديرو المؤسسات الحكومية، بخاصة رؤساء الأقاليم، بالتعاون دوماً مع حكومة روما، مهما كانت اتجاهاتها الحالية، لتجاوز العديد من المشاكل التي تعيشها الجاليات الإقليمية.

وتتمتع ايطاليا بحرية سياسية تخول المسؤولون خصوصاً اتخاذ قراراتهم، على حدا، حتى لو اصطدمت هذه القرارات برغبة أحزابهم وأهدافها. بمعنى آخر، لا يستطيع أي حزب من الأحزاب الإيطالية طرد أي مسؤول رفيع المستوى ان قرر الأخير التصويت، بين الفينة والفينة، ضد المبادرات الحزبية. يكفي النظر الى ما يجري في البرلمان الإيطالي مثلاً حيث نرى أن الكثير من البرلمانيين يتمتعون أحياناً بالطعن في مقترحات قوانين أو إجراءات استثنائية أو إصلاحات صادرة عن قلب تياراتهم الحزبية. لا بل نجد في بعض الأحيان اتحاداً في الرأي بين تيارات أم أحزاب يمينية ويسارية من أجل إسقاط مشاريع قانونية ورفع أخرى بديلة. وطالما اشتهر حزب رابطة الشمال بتعاطفه مع الأحزاب البرلمانية اليسارية لإفشال مقترحات صادرة عن لب حكومة برلسكوني!

في أي حال، تواجه ايطاليا أزمة ديموقراطية من جراء وضع درامي تعيشه الطبقات الاجتماعية الوسطى هنا. يذكر أن عريضة الحزب الديموقراطي اليساري وُلدت نتيجة التداعيات التي سببتها السياسات اليمينية على الأسر الإيطالية الفقيرة، لا سيما بجنوب ايطاليا. هذا وينضم quot;ماسيمو كاتشاريquot;، رئيس بلدية البندقية، الى خيار أنتونيو باسولينو عدم توقيع العريضة. إذ هو يجمع مع بعض المحللين السياسيين على أن مشكلة الحزب الديموقراطي تكمن في غياب آليته التنظيمية. بمعنى آخر، وبدلاً من اقتحام جدران حكومة برلسكوني بالقوة، سيتكبد حزب فلتروني، بسبب هذه العريضة، خسائر معنوية أخرى ثقيلة المعيار تُضاف الى خسائره السابقة خلال الانتخابات.

اليوم، يبدو الحزب الديموقراطي في فوضى عامة، تسبب تارة الشجارات الداخلية وطوراً الصراعات بهدف الهيمنة على مفاتيح النفوذ. حتى المحطات التلفزيونية اليسارية باتت تعاني من شرخ عميق يفصل بين أيديولوجياتها.