في ختام ملف إيلاف بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة:
كيف يتذكر السعوديون غزو العراق للكويت؟

فهد سعود من الرياض: تختتم إيلاف اليوم، الملف الذي خصصته للحديث عن الذكرى الثامنة عشرة لغزو العراق للكويت، بالحديث عن العلاقة التي نشأت بين الكثير من الأُسر السعودية والكويتية في تلك الفترة، التي شهدت توافد الآلاف من الكويتيين إلى السعودية، وكيف يتذكر السعوديون تلك الأيام بكل تفاصيلها وأوجاعها وأحداثها. ورغم أن السعودية والكويت تربطهما علاقة تاريخية متينة، تزيد عن 300 عام، حين لجأ الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن إلى الكويت، ليبدأ من هناك مرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية، إلا أن فترة الغزو ربطت بشكل كبير بين الشعبين، وقربت بينهما كثيراً، خصوصاً مع توافد مئات الآلاف من الكويتيين للسعودية، ولذلك أصبح لدى كل سعودي عشرات الأصدقاء في الكويت، والعكس، بعد انتهاء تلك المرحلة. واختلفت مشاعر السعوديين وهم يتحدثون حول تلك المرحلة، فمنهم من اعتبرها تجربة مثيرة كونها قلبت حياتهم رأسا على عقب، وألغت الروتين اليومي العتاد، والبعض الآخر اعتبرها ذكرى أليمة مرّت بها المنطقة، وآخرون عبّروا عن حزنهم لأن quot; صدامquot; خذلهم بغزوهِ للكويت، بعدما كانوا يعتبرونه القائد العربي المدافع عن قضايا الأمة وهمومها.

عبير: تلك الفترة كانت درسا لنا

ملف إيلاف في ذكرى غزو الكويت

عبير الخالد ( 22 عام) تحدثت لإيلاف عن الغزو بقولها: لا أحب أن أتذكر تلك الفترة فقد كانت تمثل لي فترة رعب وخوف خصوصا أني لم أكن أتجاوز العاشرة من عمري .. فقد كان صوت صافرات الإنذار يدخل الرعب إلى قلبي .. فأظل خائفة طوال فترة وجود الخطر إلى لحظة زواله.. واشعر بالسعادة حينما اسمع صافرة زوال الخطر ..

واكملت: quot; كانت لحظات الخطر تجعلنا نخرج من منازلنا مباشرة إلى البر لقضاء الليل هُناك ومع بزوغ الفجر الثاني كنا نعود إلى منازلنا .. واذكر جيداً حين كانت الصورايخ ترسل إلينا وكيف تقوم الحكومة السعودية بصدها فتتفجر كلها في السماءquot;. وتواصل: quot; هذا أكثر موقف لا استطيع نسيانه فلازال منظر الألوان الكثيرة الناتجة عن التفجير في مخيلتي. وقد كانت تلك الفترة بمثابة درس كبير لنا لكي نشعر بما يشعر به إخوتنا في فلسطين أولئك الذين يعيشون مع الخطر كل لحظة وثانيةquot;.

خالد الحازمي: لصفارات الإنذار مذاق مختلف!

على عكس التوقعات، يقول الشاب خالد الحازمي ( 23 عام ) أنه كان يشعر وقت الأزمة بمذاق عجيب يختلط فيه الخوف والرهبة بحب المغامرة، فهو يرى أن لوقع -صفارات الإنذار- التي كانت تدويّ وقت الخطر، بشعور مختلف ولكنه ليس الخوف بكل تأكيد.

ويضيف:quot;مع مرور الوقت، وحين بدأت ألاحظ خوف الأهل وحديثهم المتواصل عن الخطر المحدق بنا، بدأت مشاعري تتغير وأصبحت أنظر للأمور من منظور آخر، وهو ما جعلني أكره صوت صفارات الإنذار بعد أسابيع من انطلاقهاquot;.

ممدوح بن مانع: كنت ألهو وأراقب الصواريخ!

أما ممدوح مانع، الذي كان يبلغ من العمر 7 سنوات، فيقول أنه كان مع مجموعة من أصدقائه يحرصون على مشاهدة الصواريخ التي سقطت على الرياض، ففي ذلك متعة كبيرة بالنسبة له في ذلك الوقت. ويضيف: quot; اليوم، وبعد أن كبرت، أصبحت ألوم نفسي على تلك المشاعر التي كانت تنتابني، فكيف يكون الإنسان سعيدا والكثير من الناس تموت بسبب هذه الصواريخquot;.

أمل: الحرب كانت فترة سعادة للأطفال

أما الشابة أمل عبد الرحمن ( 24 عام)، فتقول وهي تتذكر معنا تلك الأيامquot;: كنا أطفالاً وفوجئنا بالخوف من الحرب ، وصفارات الإنذار وما يسمى ndash;الكيماوي- الذي سيطلقه صدام في الجو وسيقتلنا.

وتكمل: quot;لازلت أتذكر كيف كنا نضع اللاصق على أي منفذ للهواء، على النوافذ والأبواب وفتحات المكيفات كي لا يصلنا الكيماوي. وكيف أن الأغلبية فارقوا منازلهم واتجهوا للصحراء ونحن منهم ، ولا أعلم حتى الآن ماهو سبب مغادرتنا ...ربما كان الاعتقاد السائد أن الصواريخ سترسل على المناطق الآهلة بالسكان أما الصحراء فلن يستهدفها أحدquot;.

وتضيف:quot; كان الخوف كبيراً...وكنا نستخدم التلفزيون في الصحراء كي لا تفوتنا صفارات الإنذار التي تنذر بوقوع صاروخ أو انطلاقهquot;.

وتكمل أمل قائلة: quot;أتذكر أننا كنا نعود لمنزلنا بمدينة الرياض، كي نتزود بالمؤن وأكثر من مرة كانت تنطلق صفارات الإنذار ، كان الأمر غريباً كوننا لا نعرف ماهي الحرب أصلاً ولم نذق ويلاتها ولله الحمد كي تستوعبها عقولنا الصغيرةquot;.

وتختم: quot;وكان الحي الذي نقطنه خالياً من السكان تقريباً، جميعهم فروا إلى الصحراء، وقد كان هذا الأمر بالنسبة للصغار مصدر سعادة، لا مدارس ولا ارتباطات ولا إدراك حتى لمعنى الخطرquot;.

بندر العنزي: عرفت الصحراء بسبب الأزمة

يقول بندر الذي يبلغ من العمر الآن 24 عاما، أن فترة الغزو جعلته يعرف الصحراء أكثر، لأنه مكث هناك مع أهله لمدة تزيد عن الشهر ونصف، وهي فترة كافية ليتعرف كثيرا على الصحراء.

يضيف بندر: quot;بعد انتهاء الأزمة، وعودة الأمور لمسارها الطبيعي، لم أتوقف عن زيارة الصحراء أبدا، فذكرياتي معها أيام الغزو لا تنسى بسهولة، والليالي المظلمة التي كنا نقضيها في الصحراء لم تفارق مخيلتي أبداquot;.

أبو صالح: صدام كان يحمي البوابة الشمالية الشرقية للخليج

من جانبة، قال أبو صالح، البالغ من العمر 52 عاما، أنه كان من المؤيدين لصدام حسين في كثيرا من توجهاته، والسبب في ذلك يعود لكونه كان يحارب إيران، بدعم من دول الخليج، والدول الغربية، وكان وقتها يسد البوابة الشمالية الشرقية للخليج، ضد المخاطر الإيرانية، التي كما يراها أبو صالح، كانت قوة ضاربة في ذلك الوقت.

ويؤكد أبو صالح، أن صدام بغزوه للكويت، فقد الكثير من أنصاره ومؤيديه، والسبب أنه أصبح لا يدافع عن الأمة العربية، بل إنه يريد السيطرة عليها، وأصبح لديه أطماع، وزادت هذه النظرة له بعد أن قرر دخول السعودية، حينما توغل في مدينة الخفجي ( شرق السعودية).

ويضيف أبو صالح قوله أنه شعر بقلق شديد مع توافد الكويتيون للسعودية، فقد أصبح هناك أزمة سكن، وضغط للناس، ما جعل البعض يسكن في المدارس الحكومية، ما شكل ضغطا كبيرا علينا، خصوصا وأن هذه الفترة استمرت قرابة الثمان أشهر.

ولا ينسى أبو صالح أن يتذكر تلك العبارة التي يرددها الجميع في الكويت، وكانت تمثل مصدر حماس له وهي أغنية : انا كويتي أنا .. أنا قول وفعل .. وعزومي قوية.

ورغم كل ما قيل في الأعلى، تبقى ذاكرة السعوديين مليئة بذكريات لا حصر لها عن تلك الفترة، والتي كما قال عنها البعض.. كانت تجربة مثيرة .. وجديدة .. ومختلفة عما عهدناه في السعودية.