واشنطن: أخطر مدعون فيدراليون ستة من المتعهدين العسكريين التابعين لشركة quot;بلاكووترquot; الأميركية بإمكانية توجيه الاتهام لهم في حادثة إطلاق نار على مدنيين عراقيين في quot;ساحة النسورquot; في سبتمبر/أيلول عام 2007، التي سلطت الأضواء على الأعداد الهائلة للمتعاقدين الأمنيين الذين تستعين بهم إدارة واشنطن في العراق.

وذكرت مصادر أميركية على إطلاع بالقضية، إن الحراس الستة تلقوا جميعاً الإخطارات المسماة quot;رسائل الهدفquot; من وزارة العدل، التي شكلت هيئة محلفين كبرى، للاستماع إلى أدلة حادثة إطلاق النار. وبحسب المصادر، لم تتخذ اللجنة قراراً نهائياً في هذا الصدد، إلا أن quot;رسائل الهدفquot; عادة ما تكون مؤشراً لاحتمال توجيه تهم جنائية. وأوضحت تلك المصادر للشبكة أن لجنة المحلفين استمعت إلى شهادات العشرات من شهود العيان.

وخلفت حادثة إطلاق النار 17 قتيلاً وقرابة 30 مصاباً، وفق الحكومة العراقية. وبررت quot;بلاكووترquot; فتح متعهديها النار بأنه quot;تصرف مناسب جاء دفاعاً عن النفس،quot; إثر تعرض موكب دبلوماسي أميركي لهجوم، إلا أن لجنة حكومية عراقية حققت في الحادث، اتهمت الحراس بفتح النار بعشوائية على المدنيين.

ونقلت مصادر أمريكية مطلعة في وقت سابق، أن أول جندي أميركي وصل إلى مسرح الحدث أقر بعدم العثور على أدلة تشير إلى تعرض الموكب الأميركي لإطلاق نار. ولم تستجب quot;بلاكووترquot; - أكبر شركات التعهدات الأمنية في الولايات المتحدة - للاستسفارات عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، حول تقرير تلقي ستة من موظفيها رسائل من وزارة العدل، الذي كانت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; أول من أشار إليه. وأثارت حادثة quot;ساحة النسورquot; غضب الحكومة العراقية التي طالبت بتقديم المتعهدين الأمنيين للمحاكمة أمام محاكم عراقية.

وعلى صعيد مواز، أفاد تقرير حكومي أميركي صدر الثلاثاء الفائت، أن الولايات المتحدة أنفقت، وحتى هذا العام، 100 مليار دولار على شركات التعهدات الأمنية في العراق. وجاء في تقرير quot;مكتب الموازنة بالكونغرسquot; أن واحداً من بين كل خمسة دولارات أنفقت على حرب العراق، ذهبت إلى شركات التعهدات الأمنية، التي تقدم خدمات أمنية للجيش الأميركي والأجهزة الحكومية الأخرى، في منطقة حرب، فاق فيها أعداد المتعهدين الأمنيين حجم القوات الأميركية هناك.

وفاق اعتماد البنتاغون على المتعهدين الأمنيين في العراق، أي حروب أخرى خاضتها الولايات المتحدة، الأمر الذي أثار تساؤلات قانونية وسياسية جديدة حول إذا ما أصبحت أمريكا أكثر اعتماداً على الجيوش الخاصة في حروب القرن الواحد والعشرين.

ووجد التقرير أن العقود التي قدمتها الحكومة الأميركية للشركات الأمنية، خلال الفترة منذ عام 2003 إلى 2007، بلغت 85 مليار دولار، فيما تبلغ قيمة العقود الحالية التي تعمل إدارة واشنطن على إبرامها مع تلك الشركات، ما بين 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً.

وبهذه الوتيرة سيفوق إجمالي تلك العقود 100 مليار دولار قبيل نهاية العام، طبقاً للصحيفة. ومثلت قيمة العقود التي قدمت شركات التعهدات الأمنية، خلال 2007، 20 في المائة من الفاتورة الإجمالية للحرب في ذاك العام.

ورجح العديد من الخبراء أن الأرقام التي وردت في التقرير، هي أول أرقام رسمية تكشف حجم التكلفة الحقيقي لشركات التعهدات الأمنية، وأثارت العديد من الأسئلة المقلقة حول مدى خصخصة هذه الحرب.

ووضع الإعلام الأميركي عدد المتعهدين الأمنيين في العراق عند 180 ألف متعهد، مشكلين بذلك قوة عسكرية تفوق حجم الجيش الأميركي هناك، فيما تبقى أدوارهم ومهامهم وحتى ضحاياهم في طي الكتمان.