واشنطن: لم تكن الانتخابات الأميركية الأخيرة الوحيدة التي شهدت موجة من التشهير والتشهير المضاد، فقد دشنها اثنان من الأباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية، كانا صديقين، أحدهما الرئيس الثاني للولايات المتحدة والثاني نائبه، ومن ثم توالت العملية، التي أخذت تشهد مؤخراً دخول التكنولوجيا الحديثة على خط quot;المواجهة الشرسة.quot; وفي الحلقة الأولى نستعرض بداية الحملات السلبية التي يمكن وصفها بالقذرة، على أن نستكلمها في الجزء الثاني.

جيفرسون وأدامز دشنا الحملات الانتخابية ''القذرة''

بدأت الحملات الانتخابية السلبية في الولايات المتحدة مع اثنين من أقدم الأصدقاء، وهما جون أدامز وتوماس جيفرسون، وهما من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية. ففي العام 1776، شكل أدامز وجيفرسون ثنائياً قوياً ديناميكياً للمساعدة في إعلان استقلال الولايات المتحدة، وكانا يكنان مشاعر الحب والاحترام لبعضهما بعضاً.

ولكن في العام 1800، كان على الأحزاب آنذاك أن تنأى بنفسها عن الاثنين، للمرة الأولى والأخيرة في التاريخ الأميركي، عندما وجد رئيساً أميركياً نفسه يخوض حملة ضد نائبه. إذ سرعان ما بدأت الأمور تتجه أكثر نحو quot;البشاعةquot;، فقد اتهم معسكرُ جيفرسون الرئيسَ الأميركي أدامز بأنه quot;مخنّث بشع لا يتمتع بقوة وصلابة الرجال وبلطف وحساسية النساء.quot;

ورداً على معسكر جيفرسون، وصف معسكرُ آدامز نائبَ الرئيس جيفرسون بأنه يتمتع quot;بالدناءة والخسة، وابن امرأة مخلّطة نصفها من الهنود الحمر لأب مخلّط من زواج بين رجل أبيض وامرأة سوداء من فرجينيا.quot; ومع تنامي القدح والذم بين الجانبين، دُمغ أدامز بأنه غبي ومنافق ومجرم وطاغية مستبد، في حين وسم واشنطن بأنه شخص ضعيف وملحد وفاجر و جبان.

وحتى مارثا واشنطن، زوجة أول رئيس أميركي، استسلمت للدعاية السلبية، قائلة لرجل الدين إن جيفرسون quot;واحد من أكثر الرجال بغضاً وكراهية.quot; في تلك الفترة، لم يكن هناك حملات انتخابية رسمية لمرشحي الرئاسة، وفي الواقع، أمضى أدامز وجيفرسون معظم الفترة الانتخابية في منزلهما في كل من ماساشوستيس وفرجينيا، على الترتيب.

غير أن الاختلاف الجوهري بين السياسيين البارزين كان أن استعان جيفرسون بصحفي سياسي يدعى جيمس كاليندر الذي عرف بـquot;رجل المهمات القذرةquot; ليقوم بواجب تشويه سمعة أدامز، الذي اعتبر نفسه أسمى من يقوم بمثل هذا الأسلوب. وتمكن كاليندر من أن يقنع الكثيرين من الأميركيين بأن أدامز كان ينوي مهاجمة فرنسا، رغم عدم صحة هذه المزاعم. غير أن المقترعين quot;أكلوا المقلبquot; ونجح حيفرسون في انتزاع الفوز في الانتخابات.

لكن كان على جيفرسون أن يدفع ثمناً باهظاً لقاء أسلوب حملته القذرة، فبعد أن حكم على كاليندر بالسجن، بموجب quot;قانون التحريضquot; عام 1800، أطلق سراحه في أواخر عهد أدامز بعد أن تم تغريمه 200 دولار أميركي في ذلك الوقت، وشعر كاليندر بأن جيفرسون مازال مديناً له. ولما لم يكن جيفرسون على قدر طموحات كاليندر، كشف الأخير الحقيقة، التي كانت معروفة باعتبارها من الإشاعات، وهي أن الرئيس كان على علاقة مع واحدة من عبيده وهي سالي هيمنغز.

وفي سلسلة من المقالات، زعم كاليندر أن جيفرسون عاش مع عبدته هيمنغز ي فرنسا، وأنها رزقت له بخمسة أبناء، والتصقت الحكاية بجفرسون طوال فترة حياته السياسية، رغم أن جيلاً من المؤرخين أثبت عدم صحة مزاعم كاليندر بإجراء فحص للحمض النووي للأبناء المنحدرين من أسرة هيمنغز ولأسرة جيفرسون.

وبعد 12 عاماً على الخصومة بين الرجلين، بدأ السياسيان يتراسلان، وعادا صديقين مرة أخرى، وظلا يتراسلان طوال حياتهما وماتا في اليوم نفسه، وتحديداً في الرابع من يوليو/تموز عام 1826، وصادف ذلك اليوم الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال الولايات المتحدة.