نيودلهي: في مشرحة حكومية في مومباي ُسجيت جثث تسعة متشددين إسلاميين مسؤولين عن مقتل 179 شخصا في هجوم دموي على العاصمة المالية للهند.
ووقعت المذبحة في نوفمبر تشرين الثاني لكن مسلمي الهند رفضوا دفن المسلحين حيث نأوا بأنفسهم عن عملية القتل في بلد عادة ما يثير فيه القوميون الهندوس المشاعر المعادية للمسلمين بعد شن هجمات من هذا النوع.
وقال مولانا ظاهر عباس رضوي من مجلس كل الهند لقانون الاحوال الشخصية للشيعة quot;نعتقد بشدة أن الارهابيين لا دين لهم وأنهم لا يستحقون الدفن.quot;
وندد زعماء المجتمع المسلم بالهند وقوامه 140 مليون نسمة بهجمات مومباي التي وقعت بين 26 و29 نوفمبر تشرين الثاني وخرج الاف المسلمين في مسيرات احتجاجا على أعمال العنف. وكان هذا اقوى رفض حتى الآن لعنف الاسلاميين من قبل مسلمي الهند.
وقال مولانا محمود داريابادي أمين عام مجلس علماء كل الهند وهو واحد من اكبر تجمعات الطوائف المسلمة quot;فقدنا ابناءنا في هجمات مومباي ايضا. نحن كهنود يجمعنا حزن مشترك ونطالب بالعدالة.quot;
في الاحياء التي يقطنها المسلمون بالعاصمة لاحظ السكان احتفالات على نطاق ضيق خلال عطلة عيد الاضحى في ديسمبر كانون الاول.
ولم يشتر عمران احمد وهو بائع كتب أي ملابس جديدة لاطفاله في العيد ولم يوزع الكباب على الجيران مثلما يفعل كل عام.
وتساءل بائع الكتب الملتحي الذي كان يجلس امام منزله في شوارع دلهي القديمة المزدحمة والضيقة quot;الارهابيون قتلوا عددا كبيرا جدا من الناس. كيف أحتفل..quot;
وجرى تجنب قضية دفن المسلحين حيث يقول مسؤولون هنود انها لا تزال بحاجة الى الجثث من أجل التحقيق في القضية. في الوقت نفسه هناك اتصالات جارية لاقناع باكستان بتسلم الجثث دون جدوى حتى الآن.
وتصاعدت حدة التوتر بين الهند وباكستان عقب الهجمات التي أنحي باللائمة فيها على جماعة عسكر طيبة التي تتخذ من باكستان قاعدة لها.
ومع المشاحنات الدائرة بين الخصمين وجد مسلمو الهند أنفسهم في وضع غير مريح في أعقاب هجمات مومباي التي كثفت من شعورهم بأنهم محاصرون على الرغم من أن المسلمين يمثلون نحو 13 في المئة من سكان الهند.
ومسلمو الهند متأخرون عن غيرهم من المواطنين فيما يتصل بالرعاية الصحية والتعليم والدخل. وتظهر أرقام رسمية أن المسلمين غير ممثلين بنسبة كافية في الوظائف الحكومية والقضاء. لكنهم ممثلون بنسب كبيرة في عدد المسجونين في الكثير من الولايات الهندية.
وحتى وقت قريب كانت الهند تفتخر بأن مسلميها على الاقل خارج اقليم كشمير المضطرب لا يؤيدون عنف المتشددين الاسلاميين من النوع الذي يروج له تنظيم القاعدة.
لكن هذا الوضع تغير في الاعوام الاخيرة حيث يعتقد أن مسلمين هنودا نفذوا سلسلة من التفجيرات في مدن هندية في العام الماضي والعام الذي سبقه.
ودكت قرون من حكم الغزاة المسلمين في العصور الوسطى للهند التي يغلب على سكانها الهندوس اسفينا بين الطائفتين وتنامى هذا الشعور بالارتياب منذ مولد باكستان التي تكونت من المناطق ذات الاغلبية المسلمة بالهند عام 1947.
وأذكت أعمال الشغب الطائفية اغتراب المسلمين في ولاية جوجارات بغرب الهند عام 2002 حين تم تمزيق نحو 2500 شخص معظمهم من المسلمين اربا وأحرقوا حتى الموت.
ولم يبذل جهد يذكر لالقاء القبض على المجرمين على الرغم من الغضب الوطني.
لكن هجمات مومباي ولدت شعورا قويا بالغضب الشعبي على الصعيدين الديني والسياسي ضد باكستان لتوفيرها ملاذا للمتشددين على أراضيها.
ويمتزج الغضب بالخوف من رد فعل عنيف.
وقال المعلق السياسي كودليب نايار quot;في الوقت الحالي يشعر المسلمون بعدم الامان بشدة. شعروا دوما وكأنهم مشتبه بهم في جميع الهجمات على الهند.quot;
وأضاف quot;في كل هجوم ارهابي فيما مضى اشتبه في أن مسلمي الهند لعبوا دورا ما والمسلمون يرددون أن مسلمي الهند موحدون وأنهم لم يدعموا هذه الاعمال الارهابية قط.quot;
ويشعر بعض المسلمين بالقلق بشأن قانون جديد للارهاب مرره البرلمان الهندي مؤخرا يسمح للشرطة باحتجاز المشتبه بهم دون توجيه اتهامات لمدة تصل الى 180 يوما.
وتقول جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان ان قانونا مماثلا استخدم فيما مضى لالقاء القبض على مسلمين أبرياء واعتقالهم لاجل غير مسمى او حتى تعذيبهم. ويخشى البعض من أن يثير سوء استخدام القانون مزيدا من الغضب بين المسلمين ضد الحكومة الهندية.
وقال مولانا عبدالسلف سلفي زعيم جماعة جمعية أهل الحديث ان quot;القوانين ضد المتشددين يجب أن تكون صارمة لكن يجب أن تكون هناك اجراءات كافية للحماية لمنع الناس من اساءة استخدامها.quot;
في الوقت نفسه فان الجدل بشأن دفن تسعة من منفذي هجمات مومباي وعددهم عشرة حيث ألقي القبض على واحد منهم لم ينته بعد.
وقال رضوي quot;لقد ارتكبوا جريمة ضد الانسانية والاشخاص الذين يقتلون أبرياء لا يمكن أن يدفنوا ليس في تراب هندي على الاقل. لتعيدهم باكستان الى الوطن.quot;