القدس: هاجم الكاتب الإسرائيلي في صحيفة quot;هآرتسquot; إسرائيل هرئيل وزير الدفاع الإسرائيلية إيهود باراك، متهما إياه بأنه إتخذ قرارا محيرا، وإستقر رأيه على تمكين quot;حماسquot; من إنعاش صفوفها، وزيادة قدراتها، وانتاج وسائل قتالية، وتهريبها، لم تكن في حوزتها من قبل، وان تطور نفسها من عصابات الى منظمة عسكرية تقلد quot;حزب اللهquot;، معتبرا ان سكان النقب وعلى رأسهم سكان قطاع غزة يدفعون الآن ثمن الضعف والقيادة الفاشلة لوزير الدفاع- وتتحمل الحكومة كلها المسؤولية الجماعية.

وفي مقال كتبه في الصحيفة، أشار هرئيل الى ان هدف quot;الرصاص المسكوبquot; المعلن ( انشاء واقع امني جديد ) هو في الحد الادنى، ويبين عدم استعداد اسرائيل للقتال من اجل تحقيق حسم بعيد الامد، ينشئ واقعا شاملا لا امنيا جديدا فقط. وأسوأ من ذلك، بحسب الكاتب، ان شكل ادارة المعركة بعد الضربة الجوية المدهشة يثير مخاوف من ان هذا الهدف المتواضع ايضا لا تنوي قيادة العملية تحقيقه، ومن جملة اسباب ذلك ان اسرائيل ابدت الضعف اولاً.

ورأى هرئيل ان ابداء الضعف لم يبدأ اول من امس، مع اعلان ايهود باراك ان اسرائيل تزن هدنة quot;انسانيةquot; لثمان واربعين ساعة. فقد كانت بداية ذلك في الواقع بعد انهاء الموجات الاولى من الهجوم الجوي مباشرة. وعندما لم تصحبها من الفور عملية برية، اوحت اسرائيل كما في لبنان انها لا تريد التوصل الى حسم استراتيجي، وانها لا تملك لا الارادة ولا التصميم ولا الثقة بالذات باجراء عسكري يتجاوز عملية مجازاة وعقاب.

في الحقيقة ان هذه عملية كبيرة ومؤلمة، لكنها ليست عملية قتالية- على الرغم من اسمها الطموح- تفضي الى وقف حقيقي للكابوس الذي عمره ثماني سنين والذي يعيشه سكان النقب. واعتبر الكاتب انه كلما مرت الايام وظل اساس العملية هو القصف الذي لا يستطيع quot; كما في لبنان وقف اطلاق الصواريخ، فان الجمهور يبدأ يشعر بالضجر والجدل في القيادة في وقف اطلاق النار يبرهن على ذلكquot; بأن الاجراء يفقد الزخم. وينشأ ولا سيما في بلدات النقب طعم اضاعة فرصة.

المزاج الوطني العام، الذي تسامى مرة اخرى في السبت الماضي، بدأ ينحط، واخذ يتغلغل مرة اخرى احساس بخيبة الامل. فالجمهور لا يستطيع ان يسلم لوضع تلمح فيه دولته ذات السيادة التي هي ذات قدرة عسكرية ذات شأن، وبإزاء حماس، الى انها مستعدة لوقف المعركة في ذروتها، قبل ان تقدم ردا حقيقيا على المشكلة التي خرج الجيش الاسرائيلي للمعركة من اجلها.

لولا القذائف الصاروخية الثمانين، والصواريخ وقذائف الهاون التي اطلقت على النقب في يوم الاربعاء الماضي واثارت غضبا عاما لم يستطع رئيس الحكومة ووزير الدفاع ان يسمحا لانفسهما بالمرور عليه مر الكرام- ولا سيما عشية الانتخابات- يقول الكاتب، فلا اخال ان العملية كانت ستنطلق. وهكذا كانت الحال ايضا بعد العملية الانتحارية في ليل عيد الفصح في نتانيا في سنة 2002، بعد العملية الصعبة، وبعد اكثر من 130 قتيلا في عمليات انتحارية في شهر سبقها، لم يكن اريئيل شارون يستطيع بعد ان يزعم ان quot;ضبط النفس قوةquot;. لكن انذاك عندما انطلقت عملية quot;السور الواقيquot; آخر الامر، كان الهدف القضاء على الارهاب.

آنذاك ايضا تمت ادارة معركة اعلامية صارخة معارضة لدخول المدن؛ وآنذاك ايضا خوف المراسلين والمحللين العسكريين، وفيهم جنرالات متقاعدون من انه سيكون هنالك كثيرون من القتلى؛ وآنذاك قالوا انه لا يمكن القضاء على الارهاب بوسائل عسكرية. لكن النتائج بعد مضي ثماني سنوات، تتحدث من تلقاء نفسها. على الرغم من ان اسرائيل بعد انقضاء العملية انسحبت من المدن الكبيرة مثل نابلس، ورام الله، وجنين، فقد تبين ان تدمير بنى الارهاب التحتية والصدمة النفسية التي جربتها المنظمات تمكن الجيش الاسرائيلي منذ ذلك الحين الى اليوم، من ان يضائل عدد العمليات الفلسطينية على نحو حاد. وذلك في الاساس لان الجيش يستطيع عند الحاجة دخول المدن بلا عائق تقريبا لاعتقال من يخططون لعمليات انتحارية او ينتجون الصواريخ التي خصصت للانفجار في التجمعات السكنية في غوش دان. وختم الكاتب بالقول اذا كانت اهمية لعملية برية في غزة فلا يجوز التردد . واذا كانت القيادة السياسية والعسكرية لا تملك شجاعة المخاطرة بحياة الجنود لحسم المعركة، وتحقيق اهدافها فأحسن ألا تعرضهم للخطر.

واذا لم يكن القصد الخفي هو الحسم بل هدنة اخرى- فحرام استعمال القوات البرية. لان العدو سيعود ويبني قدراته من جديد ويهرب الصواريخ التي ستستطيع هذه المرة اصابة ديمونا. وربما تل ابيب ايضا. ومرة اخرى سيرسل سلاح الجو. ومرة اخرى بعد تحطيم كل شيء ستكون هنالك ضربة جوية مدهشة. ثم ماذا؟ والى متى؟