برن: quot;حرب غزة مجردة من أي معنى وستكون لها عواقب ميئوس منهاquot;: هذه هي قناعة عالم الإجتماع السويسري اليهودي المقيم في إسرائيل إيرنست غولدبيرغر. ورغم أن معظم الإسرائيليين يؤيدون تحركات حكومتهم، فإن غولدبيرغر أكد في حديث لسويس انفو أن هنالك عدم اكتراث quot;مؤلمquot; في أوساط سكان الدولة العبرية بما يجري في قطاع غزة.

ولد إيرنست غولدبيرغر في عام 1931 بمدينة بازل السويسرية. ودرس الاقتصاد وعلم الاجتماع قبل مهاجرته في عام 1991 إلى إسرائيل.

في عام 2004، صدر كتابه quot;روح إسرائيل - شعب بين الحلم والحقيقة والأملquot; عن دار نشر نويه تسورخر تسايتونغ NZZ (الصحيفة الرصينة التي تصدر بالألمانية في زيورخ).

وهو يقيم حاليا في تل أبيب رفقة زوجته الإسرائيلية المنحدرة من عائلة هاجرت من اليمن، وبنتيه التوأم.

تحظى الحرب في غزة بدعم قوي بين سكان إسرائيل وفقا لوسائل الإعلام. هل هذا صحيح؟

نعم، مع الأسف. إن الدّعم مُلفت للغاية. فالشعب يحب الزعماء السياسيين الذين يتميزون بشراسة القول والفعل. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال ارتفاع شعبية وزير الدفاع إيهود باراك، من حزب العمل، منذ بداية الحرب.

هل ستكون الحرب إذن عاملا في الانتخابات العامة التي ستجري يوم 10 شباط- فبراير القادم؟

بالتأكيد. فالانتخابات هي إحدى أهداف هذه الحرب، ولكن هنالك أهداف أخرى. الحكومة الإسرائيلية تريد تلقين العدو درسا، وإعادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى السلطة في غزة.

ولكنها تريد، أولا وقبل كل شي، تدارك حرب لبنان الثانية في عام 2006 والبرهنة مرة أخرى على القدرة الرادعة للجيش الإسرائيلي.

أنتم تقيمون في تل أبيب. ما هي الأجواء هناك، وكيف يعيش الناس هذه الحرب؟

إنه سؤال مثير جدا للمشاعر، فالواحد منا يلمس قدرا لا يـُصدق من اللامبالاة. الناس لا يتحدثون هنا [عن الحرب]، ويكتفون بالإطلاع على ما يجري من خلال نشرات الأخبار؛ فالحرب ليست بقضية، وأغلبية الناس ليست متأثرة بها. وهذا استنتاج مؤلم بالنسبة لي.

حتى سوق الأسهم قفز بنسبة تجاوزت 10% منذ بداية الحرب، مما يدل على أنها لا تُعتبر حدثا هاما.

ما هي ردة فعل الناس على صور المدارس التي تعرضت للقصف والبؤس العام والمعاناة في قطاع غزة؟

إن الحكومة تعلمت دروسا من حرب لبنان الثانية وتسيطر على تدفق المعلومات. فنحن ببساطة لا نشاهد تلك الصور - أو من بعيد فقط. ولا يُسمح للصحفيين الأجانب بدخول غزة، ويخضعون لرقابة عسكرية صارمة جدا.

يمكننا رؤية الصور على قناة quot;سي إن إنquot; الأميركية وعلى الإنترنت، لكن الكثير من الناس لا يريدون مشاهدتها. فهم يتبعون الخط الرسمي للحكومة: quot;نحن ببساطة ندافع عن نفسها ونكافح الإرهاب، وليس لدينا خيار آخرquot;. هذا هو نوع الكليشيهات التي تتردد على المسامع والتي يستوعبها الشعب عن طيب خاطر، ليطمئن باله.

تواصل إطلاق الصواريخ من غزة على إسرائيل. كيف ينبغي لإسرائيل في الدفاع عن مواطنيها؟

ما تقوم به حماس (حركة المقاومة الإسلامية) أمر مستهجن. ولا يمكن تبرير هذا القصف العشوائي للمدنيين. وتتمثل أهداف حماس الرئيسية في كسر الحصار وتولي القيادة السياسية ضد إسرائيل بهدف إقامة دولة فلسطينية في المستقبل.

ولا يظهر أي من الجانبين أي اعتبار للسكان المدنيين - سواء في إسرائيل أو في غزة. فقد استمر وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر، لكنه انهار (يوم 19ديسمبر 2008) لأن إٍسرائيل لم ترفع الحصار والخنق عن غزة، ولم تبدِ استعدادا لإجراء محادثات مع حماس.

هل يعتقد الإسرائيليون حقا بأنه يمكن القضاء على حماس التي لها جذور عميقة في مجتمع غزة؟

الجزء الأكبر من السكان لا يؤمن بذلك في حقيقة الأمر، لكن هذا ليس بالقضية الرئيسية، فالمسألة تتعلق بتلقين العدو درسا وتفكيكه. لكن لن يكون من الممكن القضاء على روح حماس - وحتى إذا حدث ذلك، فإن تاريخ حروب البشرية يظهر أن الناس سيجدون سبلا جديدة لمواصلة الكفاح.

هل يوجد خطر تسبـّب الحرب في خلق مزيد من التطرف وفي تعزيز حماس؟

بالتأكيد. حماس ليست شعبية، حتى بين الفلسطينيين ndash; لأنها تدير شكلا من أشكال الديكتاتورية في غزة حيث يتم قمع أي معارضة بقسوة.لكن هذه الحرب جددت وضع حماس. والناس ينسون ما تفعل (حماس) بشعبها.

حاليا، تبدو فرص التوصل إلى حل دائم في الشرق الأوسط منعدمة عمليا. ما هي الخطوة التالية في رأيكم؟

بدون ضغوط خارجية قوية جدا جدا ndash; ومن الولايات المتحدة في المقام الأول ndash; لا أرى أي أمل لإنهاء الصراع. ويُعلق المرء منا آمالا على الرئيس الأميركي الجديد وعلى اتخاذ الاتحاد الأوروبي موقفا في نهاية المطاف وتكثيفه للضغط أيضا.

كيف تصفون الأيام القليلة الماضية؟

أعتبر الحرب كجنون، ودوامة عنف، وشعور بالعجز مؤلم جدا وتعبير متجدد لمجتمع متطور يحل مشاكله بالعنف. ولهذه الحرب انعكاسات على العلاقات مع عرب إسرائيل الذين يشكلون على أية حال خُمس السكان؛ وهم مضطرون لمتابعتها بما أن أقاربهم يموتون في غزة يوميا. كما أن الحرب تؤثر على سمعة إسرائيل في العالم المتحضر.

تصفون نفسكم كيهودي سويسري شاذ في إسرائيل، هل انتم أيضا يهودي شاذ في إسرائيل؟

لن أذهب إلى ذلك الحد. فحركة السلام لم تَـمُت، وأنا على اتصال بالعديد من الأصدقاء الذين يشاطرون وجهة نظري، ولكن من المؤكد أننا ننتمي لأقلية.