رام الله (الضفة الغربية): مع وصول الدبلوماسية الأميركية الى طريق مسدود فيما يبدو يدرس الفلسطينيون خطوات يائسة خير ما يقال عنها أنها رمزية للضغط بشأن مطلبهم اقامة دولة يخشى حتى أكثرهم ايمانا بالسلام ألا تخرج أبدا إلى النور.

ولا يبدو من المرجح أن تؤدي مناشدات الفلسطينيين للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي - النظر في الاعتراف بدولة تقول اسرائيل إنها لن تقبل بها بالشروط الفلسطينية - إلى كسر الجمود.

فبعد نحو عقدين من الزمن منذ بدء ما أصبح معروفا باسم عملية أوسلو للسلام يبدو الجمود هو سيد الموقف على المدى القريب في الصراع الاسرائيلي الفلسطيني حتى إذا تمكنت واشنطن من اقناع الجانبين باستئناف شكل ما من اشكال المحادثات.

ويضيف بعض المحللين الفلسطينيين أن خطر احتمال اندلاع العنف قد يتحول إلى ما يشبه اليقين بمرور الوقت حتى رغم قلة المؤشرات الحالية على الرغبة في انتفاضة ثالثة بين الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967.

وقال جورج جياكامان استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت قرب رام الله quot;إما أن تستأنف المفاوضات وهو ما يتطلب مبادرة أميركية واما سيكون هناك فراغ سياسي وهو أمر خطير لأنه على الأرجح سيملأ في وقت ما بصراع.quot;

وقررت القيادة الفلسطينية المدعومة من الغرب ومقرها رام الله أن تسعى للحصول على تأييد مجلس الأمن الدولي لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية مما يعكس حالة الاحباط التي انتابتها بسبب جمود عملية السلام. وتقول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على غزة إن الخطة اهدار للوقت.

ويرى كثيرون أن المبادرة التي تهدف إلى إعلان مطالبة الفلسطينيين بتلك الأراضي بشكل رسمي سيقدر لها الفشل دون تأييد الولايات المتحدة التي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن.

ورفضت وزارة الخارجية الأميركية التعليق بشكل مباشر يوم الثلاثاء ولكنها أوضحت أنها تريد استئناف المفاوضات.

وتراجعت توقعات الفلسطينيين من الولايات المتحدة بالفعل بعد أن خفف الرئيس الأميركي باراك أوباما من مطالبته لإسرائيل بتقييد بناء المستوطنات في الضفة الغربية التي يقول الفلسطينيون إنها تقوض آمالهم في اقامة دولة لها مقومات الحياة.

وقوبلت مناشدة أخرى بتعاطف من وزراء الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم يوم الثلاثاء لكن الاتحاد قال إن الوقت لم يحن بعد للتخلي عن التفاوض مع اسرائيل ووصف الاعتراف بدولة فلسطينية بأنه سابق لأوانه.
واستبعد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الموافقة على أكثر من تقييد جزئي لبناء المستوطنات في مناطق من الضفة الغربية المحتلة غير تابعة لبلدية القدس. وتمسك الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمطلب وقف بناء المستوطنات بشكل كامل قبل استئناف محادثات السلام.

وقال سميح شبيب المحاضر بجامعة بيرزيت quot;الموقف خطير بالنسبة للفلسطينيين لأننا لا نملك حاليا أدوات التوصل لحل.quot;

وبدد أوباما الآمال الفلسطينية عندما غير دعوته من quot;تجميدquot; الأنشطة الاستيطانية إلى quot;تقييدهاquot;.

وأضاف شبيب quot;هناك قناعة تامة لدى الفلسطينيين الآن بأن أمل اقامة الدولة مستحيل ما لم يتغير الموقفان الأميركي والاسرائيلي.quot;

ومازال عباس الذي بنى مستقبله السياسي على التفاوض حول السلام ملتزما quot;بحل الدولتينquot; في قلب عملية السلام المستمرة منذ عشرين عاما. ولكنه قال الاسبوع الماضي إن اسرائيل تحاول quot;اجهاضquot; ذلك الحل.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض إن الدولة التي تريدها اسرائيل للفلسطينيين هي quot;دولة ميكي ماوسquot;. فهي لا تحرمهم فقط من اقامة جيش - وهي فكرة قد يقبلونها - ولكنها تحرمهم أيضا من خلال وجود المستوطنات من اقامة دولة مجاورة لاسرائيل تملك مقومات الحياة.

ويشير مسؤولون بشكل متزايد إلى حل بديل وهو أن يصبح الفلسطينيون مواطنين في دولة واحدة تحكم جميع الأراضي الممتدة من نهر الأردن وحتى البحر المتوسط أو ما يمثل أراضي فلسطين التي خضعت للحكم البريطاني من عام 1917 وحتى 1948.

لكن تلك الفكرة ليس لها أي فرصة للنجاح بالنسبة لاسرائيل التي قامت عام 1948 إذ أنها سريعا ما ستجعل 5.5 مليون يهودي في وضع الأقلية في ظل معدل مواليد مرتفع بين العرب الذين يصل تعدادهم أيضا الى نحو 5.5 مليون نسمة في شتى انحاء اسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.

ورغم إعلان نتنياهو تحت ضغط أميركي بأنه يقبل بحل الدولتين فإن معاونين لعباس يقولون إن تصرفاته تدفع في اتجاه ذلك الحل البديل.
بعض قادة اسرائيل ولاسيما رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت لوح صراحة بحل الدولة الواحدة البديل للاسرائيليين كسبب لتأييد قيام دولة فلسطينية. ويقول هؤلاء إنه دون قيام دولة فلسطينية فسيكون هناك في الدولة اليهودية نظام تمييز عنصري على غرار ما حدث في جنوب افريقيا وسيحكم فيه اليهود أغلبية من العرب الذين يعانون الحرمان في الأراضي المحتلة.

وكان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين من بين من أثاروا حل الدولة الواحدة كطريقة لتغيير آراء الاسرائيليين. وأبلغ رويترز بأن الاسرائيليين بأنشطتهم الاستيطانية لم يتركوا مجالا إلا خيار الدولة الواحدة.

وأضاف عريقات أنه بعد 18 عاما من عملية السلام فإن اسرائيل مازالت هي مصدر السلطة وانه اذا استمر ذلك فسيعني اعادة احتلال اسرائيل لجميع الاراضي الفلسطينية.

وقال جياكامان إن السياسيين الذين خاضوا سنوات من المفاوضات التي لم يكتب لها النجاح مع اسرائيل قد يتخلون عن المفاوضات كلية بسبب احباطهم من حالة الجمود في عملية السلام.

وكان عباس قال بالفعل انه لا يرغب في البقاء كرئيس للسلطة الفلسطينية رغم أنه من المتوقع أن يظل في قلب العمل السياسي الفلسطيني كرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية التي قادها سلفه الراحل ياسر عرفات لفترة طويلة.

وتابع جياكامان quot;يقول البعض إن حل الدولتين مات بالفعل - على الأقل كما يراه الفلسطينيون.quot; ولكنه أضاف أن حل الدولة الواحدة سيظل غير واقعي من الناحية السياسية.

ومما يثير مخاوف القوى الدولية التي تراقب بقلق الصراع المستمر منذ ستة عقود وهو يزعزع استقرار اكبر منطقة منتجة للنفط في العالم أن الطريق للأمام يلفه الضباب.

وقال جياكامان quot;اذا لم تكن هناك عملية سياسية جديرة بالثقة خلال ستة أشهر أو عام فإنهم (الفلسطينيون) ببساطة سيستسلمون... ما هم مقدمون عليه ليس واضحاquot;.