أكد وزير الداخليّة العراقي جواد البولاني أنه يريد إستجوابًا برلمانيًّا علنيًّا ليكشف حقائق الوضع الأمني إلى العراقيين، مشيرًا إلى أنَّ أصل المشكلة في العراق سياسي، وليس أمنيًّا. ورفض إتهامات بإختراق بعثيين لتشكيلات وزارته ونفى بشدة أن تكون وزارته قد استوردت أسلحة إسرائيلية، وأوضح أن الداخليّة كانت قدأبلغت قيادة عمليات بغداد المسؤولة عن أمن العاصمة بوجود معلومات عن قرب تنفيذ تفجيرات جديدة، وأوضح أن موازنة الداخليّة للعام المقبل تتراوح بين 4 و5 مليارات دولارات.
أسامة مهدي من لندن: قال وزير الداحلية العراقي جواد البولاني في اتصال هاتفي مع quot;ايلافquot; من بغداد شرح فيه تداعيات التفجيرات الدامية التي تضرب العاصمة العراقية ان المسؤولية الامنية فيها تتولاها قيادة عمليات بغداد التي منح القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي) قائدها (الفريق عبود قنبر) صلاحياته الواسعة في التصرف وهي اوسع من تلك التي يتمتع بها وزيري الداخلية والدفاع. واوضح ان جهاز استخبارات وزارة الداخلية كان قد ابلغ قيادة بغداد بمعلومات عن تهيؤ ارهابيين لتفجير مناطق مختارة من العاصمة حيث تم اتخاذ اجراءات سريعة وانتشار للقوات.. وقال quot;لكن المشكلة في مثل هذه الحوادث ان منفذيها يكونون من الانتحاريين الذين لايواجهون قوات الامن وانما يستهدفون المدنيين الامنينquot;.
وانفجرت في مناطق مختلفة من بغداد امس اربع سيارات مفخخة ادت الى مصرع 127 عراقيًا واصابة 512 آخرين حيث اشار البولاني الى ان 17 شرطيًا تابعًا للداخلية كانوا بين شهداء التفجيرات بينهم اربعة قتلوا عندما تصدوا لسيارة مفخخة في منطقة الدورة بضواحي بغداد الجنوبية. وتم تفجير المفخخات في مناطق قريبة من مبانٍ لوزارة العدل ومكتب لوزارة المالية ونقطة تفتيش للشرطة وذلك بعد يومين من مصادقة مجلس النواب على قانون الانتخابات التي ستجري في السابع من اذار (مارس) المقبل حيث اتهم القادة العراقيون حزب البعث وتنظيم القاعدة بتنفيذ التفجيرات بدعم خارجي.
الإستجواب يجب ان يكون علنيًّا
وحول دعوة مجلس النواب إلى استجوابه غدًا مع رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي ووزير الدفاع عبد القادر العبيدي قال وزير الداخلية انه يؤمن بالدور الذي يؤديه البرلمان ومستعد للحضور امامه لكنه اشار الى انه يفضل جلسة علنية يطلع عليها جميع العراقيين واجهزة الاعلام ليستطيع من خلالها توضيح كل مايتعلق بالوضع الامني والكشف عن جميع الحقائق المتعلقة به وبالعمليات الارهابية التي تنفذ ضد المواطنين. واضاف انه مستعد للمواجهة والتوضيح وفتح كل الملفات امام الشعب quot;ورغبتنا اكيدة في ان تكون جميع الامور واضحة للمواطنين في وضع صعب ومعقد داخليًّا يواجه تهديدات خارجيةquot;.
وردًّا على سؤال حول موقفه من الاتهامات التي وجهها نواب امس للاجهزة الامنية بالتقصير والاختراق من قبل بعثيين عبر البولاني عن الاسف لان تصريحات بعض النواب تنطلق من مزايدات سياسية لاغراض انتخابية على حساب دماء العراقيين الابرياء قي وقت يتطلب الوضع الالتفاف حول الاجهزة الامنية والتعاون معها quot;وهي التي انقذت البلاد من حرب اهلية وطائفية وعنف كان يضرب العراق بقوة بين عامي 2005 و2007 وحين كانت بغداد ساحة دمار وحرب وحرائق وعاصمة يلفها الظلام والخوف والرعب بينما هي تسهر الان حتى ساعات متأخرة من الليلquot;.
أمن بغداد مسؤولية قيادة العمليات فيها
وشدد على ان مواجهة الارهاب لا يمكن أن تتم عبر اجهزة الامن وحدها وانما تتطلب تصدي كل اجهزة الدولة له موضحا ان هناك اطرافا في البرلمان تريد شل هذا الدور. واوضح ان الامن في العاصمة هو الان من مسؤولية قيادة عمليات بغداد التي تتكفل بجميع القرارات الامنية فيها منذ عام 2007 وقائدها (الفريق عبود قنبر) لديه صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة وهي اوسع من صلاحيات وزيري الداخلية والدفاع.
وقال ان القوات الامنية كانت تواجه تمردًا واسعًا في مدن يسيطر عليها ارهابيون لكن قوات الجيش والشرطة التي بدات عملياتها ضدهم من مدينة البصرة الجنوبية في (صولة الفرسان) استطاعت بعد ان قدمت الاف القتلى والجرحى من ترسيخ الامن فيها وفي محافظات عدة اخرى في الجنوب والشمال وفي الرمادي غربا حين تمت مواجهة تنظيم القاعدة.
لا إختراقات للداخلية من قبل بعثيين
ورفض البولاني بشدة اتهامات لوزارته باختراق عناصر بعثية او غير موالية قائلاً انه تم تطهيرها من الاف المفسدين والمسيئين والمقصرين وبناء وزارة وطنية مهنية. لكنه اشار الى ان توزيع المسؤوليات على دوائر الدولة وفق المحاصصة قد اضعف اداء الاجهزة الامنية.
وشدد على ان معالجة الارهاب وعملياته لا تتم عسكريًّا فقط، على الرغم من ان الاجهزة الامنية نجحت في الحد منه حيث كان العراق يواجه مئات العمليات يوميًّا لكن تنفيذ التفجيرات بدأ يأخذ منحًى آخر من خلال استهداف مؤسسات الدولة واداراتها المهمة وهو امر يتطلب تفعيل عمل الاجهزة الامنية وخاصة جهدها الاستخباري من اجل احباط العمليات الارهابية وهي في دور الاعداد والتحضير.
وعما اذا كان يعتقد ان الاعمال الارهابية ستتصاعد كلما اقترب العراق من موعد الانتخابات في اذار المقبل اشار وزير الداخلية الى ان التحديات قائمة quot;ووظيفتنا تحشيد كل قوانا الامنية وتعزيز المهنية والتخصص في العمل وان يؤدي كل جهاز في الشرطة والجيش واجباته المحددة بالشكل المطلوبquot; موضحًا وجود امكانات وموارد يمكن ان تحشد اضافة الى تحديد المسؤوليات وهدذه يجب ان توضع من قبل القائد العام للقوات المسلحة (نوري المالكي).
وحول الاتهامات التي توجه الى المسؤولين الامنيين بانهم مشغولون في الاعداد للانتخابات عبر القوائم التي يقودونها قال الوزير ان هذا تقييم غير علمي وغير منصف لأن هناك فصلاً في العمل بين هذا وذاك. وقال ان هذا الكلام يوجه إلى القادة الامنيين وكأن البلاد ليس فيها رجال وكفاءات مقتدرة غيرهم واكد quot;نحن جئنا لنخدم وليس للبقاء في المنصبquot;. يذكر ان البولاني يتزعم ائتلاف وحدة العراق فيما يتزعم المالكي ائتلاف دولة القانون.
معلومات مسبقة بقرب تنفيذ التفجيرات
وحول ما اذا كانت وزارته كانت تتوقع حدوث تفجيرات امس اكد وزير الداخلية ان معلومات لجهاز استخبارات الوزارة كانت تشير الى قرب تنفيذ تفجيرات في بغداد وقد تم ابلاغ قيادة عمليات بغداد بها باعتبارها المسؤولة عن امن العاصمة وهي اتخذت اجراءات ونشرت قوات لكن المشكلة ان هذه العمليات تنفذ بوساطة انتحاريين يقودون سيارات وعازمين على الموت وقتل الاخرين. واكد احباط الكثير من العمليات الارهابية مؤخرا وهي في طور الاعداد والتنفيذ من خلال الجهد الاستخباري لوزارة الداخلية.
وحول ما اذا كان المسؤولون الامنيون مستعدون للاستقالة بعد تكرر التفجيرات الدامية التي تشهدها بغداد تساءل الوزيرquot; هل ستنهي استقالة الوزراء والمسؤولين الامنيين حالة الارهاب في البلد؟.. وقال ان quot;علينا تكثيف الجهود لسد الثغرات الامنيةquot;. واشار الى ان المسؤولية هنا ليست امنية فحسب لان التحدي سياسي وليس امني فقط واذا لم يتحسن الاداء السياسي لن يتحسن الامن واوضح ان ذلك يتم عبر التخلص من المحاصصة والطائفية والفساد بشكل فعال وجاد وتطوير مفاهيم المصالحة الوطنية ومعالجة العلاقات مع دول الجوار والعربية والاجنبية وتنشيطها لمواجهة الارهاب باعتباره مشكلة دولية وليست محلية.
لا أسلحة من اسرائيل
وفي سؤال حول ما نشرته صحف اسرائيلية هذا الاسبوع عن شراء وزارته اسلحة من اسرائيل نفى البولاني هذا الامر بشدة واكد ان الداخلية ليست بحاجة الى ذلك ابدا لان لها تعاقدات مع العديد من الدول لشراء الاسلحة ومنها الولايات المتحدة وفرنسا والصين موضحا ان جميع تعاقدات الاسلحة تتم وفق القوانين العراقية. واوضح وزير الداخلية ان موازنة وزارته للعام المقبل 2010 ستتراوح بين 4 و5 مليارات دولار موضحًا ان تخمينات الاحتياجات تتم من خلال قيمة الموازنة العامة واسعار النفط التي تعتمد عليه.
يذكر ان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قد طالب اليوم مجلس الرئاسة بدعوة المجلس السياسي للامن الوطني للانعقاد بشكل عاجل بمشاركة لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب لاجراء مراجعة شاملة واعادة تقييم السياسة الامنية المتبعة في الوقت الحاضر. وقد تراجع العنف بشكل عام في العراق في العامين الاخيرين وكان عدد القتلى المدنيين خلال الشهر الماضي والذي بلغ 88 قتيلاً هو اقل عدد شهري منذ الغزو الاميركي للبلاد عام 2003.
وكانت هجمات امس الثلاثاء اسوأ هجمات تقع في بغداد منذ 25 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي عندما قتل انفجار شاحنتين ملغومتين 155 شخصا عند وزارة العدل ومكاتب محافظة بغداد وقبلها في اب (اغسطس) قتل 95 شخصًا عندما تم استهداف وزارتي المالية والخارجية.
التعليقات