لندن: اجمعت غالبية الصحف البريطانية على ان انتخابات المحافظات العراقية، التي بدأت نتائجها الاولية في الظهور، تشكل قفزة كبيرة في العملية الديمقراطية في العراق، وان الخريطة السياسية في العراق يعاد تشكليها لصالح التيارات القومية والعلمانية وبعيدا عن الاحزاب الدينية التي تصدرت المشهد السياسي العراقي منذ عام 2003 الى الان.
في متابعتها للانتخابات، قالت الاندبندنت ان ما تشير اليه نتائج الانتخابات الى الان من تراجع وهزيمة المجلس الاعلى الاسلامي وهو اكبر الاحزاب الشيعية على الساحة، مقرونا بتراجع الحزب الاسلامي السني هو دليل ساطع على تراجع نفوذ الاحزاب الدينية، لصالح القوى القومية والعلمانية.
وتشير الصحيفة الى ان التوقعات القوية بتحقيق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وكتلته تحالف quot;دولة القانونquot; نصرا ساحقا سيعزز من قبضته على الحكومة المركزية.
وتقول الاندبندنت ان حزب الدعوة الذي يتراسه المالكي، يتوقع ان يتصدر قائمة الفائزين في بغداد والبصرة اكبر مدينتين في العراق، وكذلك في المناطق الجنوبية من البلاد التي تهيمن عليها غالبية شيعية.
فطبقا للمعلومات الاولية المتوافرة، كما تقول الصحيفة، فان المجلس الاسلامي الاعلى اكبر حزب شيعي بالعراق تعرض لخسائر شديدة في معظم المحافظات التي كان يسيطر عليها على مدى السنوات الاربع الماضية.
تؤكد الاندبندنت على ان quot; نتائج الانتخابات، التي من المرجح ان تكرر في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/ كانون الاول المقبل، ترمز الى تغير ضخمquot; في شكل الخريطة السياسية للعراق، مع quot; معاقبة كل من مجتمعي الشيعة والسنة للاحزاب الدينية التي انتعشت بعد الاحتلال الاميركي في 2003quot;.
فالانتخابات هي تأييد واضح للمالكي الذي عمل على ازاحة مليشيا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وفاوض الولايات المتحدة للتوصل الى اتفاقية انسحاب قواتها من العراق خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما واجه الاكراد.
فبتأكيده على ولائه الوطني، ونجاحه على تحسين الامن، استطاع المالكي الفوز بولاء اغلبية المجتمع الشيعي في العراق.
وتقول الصحيفة ان هزيمة الاحزاب الدينية حدثت ايضا في الطائفية السنية حيث مني الحزب الاسلامي على ما يبدو بهزيمة على يد الاحزاب السنية الاخرى في قلعتين سنتين وهما الموصل في الشمال والانبار في الغرب.
وترجع الصحيفة هذه التغير الى ان كثيرا من العراقيين يحملون الاحزاب الدينية مسؤولية تأجيج الخلافات الطائفية بين الشيعة والسنة quot; والمشاركة بدور فعال في الحرب الاهلية الطائفية التي شهدها العراق بين عامي 2005 و2007quot;.
وتقول الصحيفة ان هناك علامة اخرى على التغير الذي يصب لصالح التيارات العلمانية والقومية وهو ان النتائج الاولية للانتخابات تشير الى ان تكتل رئيس الوزراء السابق اياد علاوي وهو تكتل قومي واضح قد ابلى بلاء حسنا في الاوساط السنية والشيعية معا.
فجر ديمقراطي
تحت عنوان موحي quot; فجر ديمقراطي في العراقquot; تقول الجارديان ان الانتخابات تشكل نجاحا ضخما للشعب العراقي. فيوم الانتخابات الهاديء والنتائج الاولية تمنح سببا للامل بان العراق يسير حقا على طريق بناء مجتمع كريم.
تقول الصحيفة ان هذه هي quot; الانتخابات الاولى بعد صدام التي يجريها العراقيون بانفسهمquot;. quot;فالجنود العراقيون هم من حرسوا مراكز الاقتراعquot;.
وهي ايضا الانتخابات الاولى التي تحظى بمراقبين دوليين في كل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 712. ففي عام 2005 جعلت quot; الهجمات الارهابيةquot; ذلك خطرا جدا.
وتمضي الصحيفة في تحليلها مشيرة الى ان هذه هي الانتخابات الاولى ايضا التي لا يوجد فيها مقاطعة على quot; اسس طائفية او عرقيةquot;. ورغم ان المشاركة التي بلغت نسبتها 51% لم تأت موافقة للتوقعات الا انه من المهم كما تقول الصحيفة ملاحظة ان كثيرا من السنة الذين قاطعوا انتخابات عام 2005 شاركوا في هذه الانتخابات.
وتقول الصحيفة ان كل الاحزاب الدينية تراجعت حصتها في هذه الانتخابات خاصة تلك المرتبطة بالتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر. والحزب الاسلامي الوحيد الذي عزز نفوذه هو حزب الدعوة بزعامة المالكي الا ان ذلك الحزب قد اسقط كلمة الاسلامي من اسمه، في اشارة الى تحالف quot; بناء دولة القانونquot; الذي خاض حزب الدعوة الانتخابات تحت مظلته.
وتؤكد الجارديان ان الانتخابات بهذا الشكل تشكل هزيمة كبيرة لايران التي كانت تأمل ان تسيطر الاحزاب الشيعية الدينية على جنوبي العراق وتمكن ايران من تحويلهم الى جمهورية شيعية صغيرة.
وبدلا من ذلك فستفرز الانتخابات جيلا جديدا من السياسيين العراقيين كثير منهم شباب وعلمانيين.