طلال سلامة من روما: لا يبدو أن الهدنة الهشة داخل الحزب الديموقراطي اليساري، الذي يتزعمه فالتر فلتروني، ستستطيع الصمود طويلاً لغاية إجراء الانتخابات الأوروبية في شهر يونيو(حزيران) القادم لتجديد التمثيل الإيطالي، الذي يحتضن كافة الأحزاب المؤثرة على الساحة السياسية، في البرلمان الأوروبي بستراسبورغ. فدعوة فلتروني الجميع الى ربط الجأش واجهها وابل من الشتائم ربما لأن الأخيرة قد تكون الشكل الجديد لسياسة شعبية صريحة، ما تزال في مرحلتها الجنينية. ان الانهيال الصخري لاتفاقيات النفوذ داخل هذا الحزب بدأت تسبب انشقاقات وتناقضات في سياسة حزب فلتروني الخارجية وهويته الأوروبية. بالفعل، وعلى بعد خمسة شهور تقريباً على التوجه الى مراكز الاقتراع للانتخابات الأوروبية، لا يدري حزب فلتروني بعد الى أي تمثيل أم حزب أم تيار أوروبي سيقع اختياره في البرلمان الأوروبي. فهل سيكون انتمائه اشتراكياً أم تابع لتيارات أوروبية أخرى، قيد التطور؟

على الصعيد الخارجي، سببت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في قطاع غزة، التي تتواصل بحلة غير رسمية ومحدودة، شرخاً آخر في هذا الحزب من الصعب رأبه سياسياً. من جهة، يحاول فلتروني تحلية المياه بين حزبه والجالية اليهودية بروما. لكن المعركة اندلعت بين حكومة تل أبيب وماسيمو داليما، وزير الخارجية السابق المنتمي الى هذا الحزب بصفة quot;منشقquot;. فالأخير هاجم سياسة إسرائيل العسكرية الوحشية على قطاع غزة. وإذا كانت إسرائيل تدعي أنها خرجت من القطاع منتصرة فمن هو المهزوم بغزة: الأطفال الأبرياء أم النساء العزل؟ علاوة على ذلك، فان الحرب على غزة كانت مجرد حملة تأديبية لا علاقة لها بالدفاع عن حكومة تل أبيب. وبدلاً من الصحف الإيطالية، التي قام معظمها بعرض نشرات عسكرية مبرمجة يفضل داليما الشعور بالمسؤولية التي أبدته الكنيسة الكاثوليكية إزاء أحداث غزة الدموية. في الحقيقة، يقترب موقف داليما من هذه الحرب أكثر الى الفاتيكان والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة.

هكذا تقتحم مشاكل الشرق لأوسط البنية التحتية الضعيفة للحزب الديموقراطي لتضحي أرض معارك جديدة بين فلتروني وداليما الذي ما يزال يحن الى سياسة برودي والتيار اليساري الراديكالي الذي اختفى تمثيله فجأة من البرلمان ومجلس الشيوخ. لا بل يذهب داليما الى حد أبعد لاتهام رؤساء حزبه بأنهم يسعون الى إضفاء الطابع الشيطاني على مبادراته وتصريحاته من أجل تغطية أخطائهم التي لا يُغفر لها.