غيتس: اوباما اخذ خيار الانسحاب من العراق الذي اوصى به البنتاغون
لندن: لم تهتم كل الصحف البريطانية بالتعليق على إعلان إنسحاب القوات الأميركية من العراق كما قد يُتوقع، وهناك من الصحف كالديلي تلغراف والتايمز والإندبندنت أفردت له مجرد تقارير إخبارية، ركنتها في صفحاتها الداخلية. فقد انكب اهتمام جل الصحف البريطانية على قضايا داخلية. ولعل افتتاحية الغارديان تشرح السبب في فتور اهتمام الصحف البريطانية بإعلان باراك أوباما انسحابا من العراق في غضون عام ونصف.

فمن حيث الشكل لم يأت الرئيس الأميركي بجديد -حسب الصحيفة- لأن ما أعلن عنه أمس الجمعة كان وعدا قطعه على نفسه إبان الحملة الانتخابية، وقد يكون ساهم بشكل من الأشكال في فوزه. أما من حيث المضمون فقد لا يكون ارتقى إلى ما كان يتطلع إليه العديد، إذ زيد في مدة الانسحاب الذي لن يكون انسحابا تاما ما دام سيظل بالعراق 50 ألف جندي أميركي.

وترى الصحيفة أن هذا quot;التنازلquot; قد يثير خيبة أمل عدد ممن كانوا يتطلعون إلى قرار واضح يعلن القطيعة مع عهد إدارة بوش. لكنه -وحسب الصحيفة البريطانية دائما- قد يقابل بتفهم عدد آخر ممن يرون أن إنهاء الحرب دون إحراز نصر بين أصعب من إعلانها، ناهيك عما قد يترتب عنها من انعكاسات خطيرة إذا اتخذ قرار إنهائها بتسرع. ثم إن المعضلة العراقية -تقول الصحيفة- جزء من كل، ولعلاجها ينبغي حل أزمات أخرى تعج بها المنطقة.

أوباما quot;يأخذ بزمام الأمورquot;

وتعتقد الفاينانشال تايمز أن قرار الرئيس الأميركي ينهي حربا رهنت مستقبل الولايات المتحدة ويضع الكرة في الملعب العراقي في نفس الوقت. وتقول الصحيفة في هذا الصداد إن سنوات الاحتلال أدت إلى ظهور quot;مقاومةquot; مسلحة متنوعة المظاهر، وإلى اندلاع حرب طائفية كما أدت إلى quot;تصابيquot; الساسة في العراق وquot;افتقارهم إلى روح المسؤوليةquot; وذلك باعتمادهم المطلق على العراب الأميركي في كل صغيرة وكبيرة.

لذا كان من الضروري أن ينتهي كل هذا فلا يزال الكثير مما ينبغي إنجازه، حسب الصحيفة البريطانية. فانتصار حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي في الانتخابات المحلية الأخيرة لا يعني انتصار التيار القومي على التيار الديني. فالسيطرة الشيعية -تقول الصحيفة- لا يختلف عليها اثنان. الفرق الوحيد هو أن التيار الذي يؤيد المركزية انتصر على التيار الداعي إلى إنشاء كيان شيعي في المنطقة الغنية بالنفط جنوبي العراق.

وهذا يعني -وفقا لتحليل الفاينانشل تايمز- أن المشاكل العويصة ما زالت في انتظار الحل كمسألة الأقلية السنية ومسألة شكل الدولة الذي سيكون عليه العراق ومسألة تقاسم الثروات النفطية. وتختم الصحيفة افتتاحيتها الأولى بالقول: quot;لقد آن الأوان أن تنكب هذه القوى المتفرقة على التفكير فيما إذا كانت تريد أن يستمر البلد في الوجود، وفيما إذا كانت راغبة في تضافر جهودها من أجل إعادة بنائه واستعادة 5 ملايين من أبنائه.quot;

خيانة العهد

تطرقت الإندبندنت إلى العراق من زاوية محلية فقد تفردت بحديث مع جونسون بيهاري الجندي البريطاني السابق في العراق الذي حصل على عدة أوسمة مكافأة على ما قام به أثناء الخدمة وفي مقدمته إنقاذه لثلاثين من زملائه. وبالنسبة للصحيفة صار بيهاري رمزا يختزل ما يتعرض له المحاربون السابقون في بلدهم من تهميش وتجاهل ينضاف إلى ما يعانونه من أمراض بدنية وعاهات نفسية.

وتشير الصحيفة البريطانية في افتتاحيتها إلى أن الجمعية الخيرية التي يساندها بيهاري والتي أنشئت لمساعدة الجنود بعد عودتهم من الجبهة عالجت حوالي 90 ألفا منهم أي ما يعادل الجيش البريطاني الحالي. وتورد الصحيفة إحصائيات أخرى تشير إلى أن ألفين ممن قاموا بخدمتهم العسكرية في العراق يعانون من صدمة ما بعد الحرب. quot;وعلى الرغم من كل هذا لم يستعد نظام الخدمات الصحية البريطاني لتتبع مثل هذه الحالاتquot; تقول الافتتاحية.

وتمضي الصحيفة قائلة إن 10 في المئة من نزلاء السجون البريطانية من الجنود السابقين، كما أن 5 في المائة من مشردي لندن هم من قدماء المحاربين. وترى الصحيفة أن مثل هذا الوضع لن يؤثر على عملية التجنيد وعلى وفاء الجنود البريطانيين وحسب لم تعني أن البريطانيين قد نكثوا العهد الذي يربط المجتمع بجنوده.