تقدير استراتيجي إسرائيلي:
بلبلة في إدارة أوباما حول موضوع إيران

خلف خلف من رام الله: يبين تقدير استراتيجي جديد صادر عن معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي أن الإدارة الأميركية الجديدة تعيش بلبلة وعدم حسم لموضوع إيران، وبحسب الباحث أميلي لنداو فإن باراك أوباما في أثناء حملته الانتخابية أعلن استعداده مباحثة إيران في القضية الذرية بلا شروط سابقة؛ وقرر بتصريحات أخرى أنه لن يمكن إيران من احراز سلاح ذري. وبحسب التقدير ذاته، يحس بالحاجة العاجلة إلى علاج تحدي الذرة الإيرانية بقوة اكبر بعقب التقدم المتصل لإيران، لا في مسار تخصيب اليورانيوم فحسب، بل في مسار تطوير الصواريخ أيضًا، ومعنى ذلك أن ادارة اوباما سيجب عليها أن تتقدم متجاوزة التصريحات العامة، وأن تبذل جهدًا مركزًا في صياغة سياستها المتعلقة بإيران في اسرع وقت ممكن.

ويقول التقدير الإسرائيلي: quot;لكن مستشاري اوباما بعد شهر من تنصيبه يزعمون أن الامر متوقع أن يطول أسابيع فضلاً عن أشهر. لا فقط أن الادارة لا تسارع إلى تناول التحدي الساخن الموضوعي عند بابها، بل أن التصريحات التي تسمع في هذه الاثناء تؤكد رسالة بلبلة وعدم حسمquot;، ويدلل الباحث أميلي لنداو على حالة التخبط التي تعيشها إدارة أوباما، قائلاًً: quot;في مقابلة صحفية بذلها الرئيس اوباما في أول أسبوع من رئاسته، تطرق فيها إلى توجهه من إيران، كرر التشبيه الذي سنه في خطبة تنصيبه، وفحواه أن اليد الاميركية الدبلوماسية ممدودة إلى دول مثل إيران إذا وافقت quot;على فتح قبضتهاquot;. بعبارة أخرى، اقتراح محادثات بشرط أن تلين إيران سياستها. لكن السؤال هو هل يقصد اوباما القضية الذرية؟quot; يتساءل لنداو.

ويتابع: quot;عندما نضم هذا التصريح إلى تصريحات متأخرة، يثور احساس آخذ في الازدياد بأن اوباما يولي مجرد بدء حوار مع إيران اهمية أكبر من حل الازمة الذرية. الفكرة التي تقول إن على الولايات المتحدة أن تبدأ محادثات مباشرة مع إيران اثيرت في الاصل في السياق المباشر للحاجة إلى مواجهة مطامحها الذرية، لكن يبدو بالنسبة لاوباما أن هذا الهدف يبدو اقل مركزية. يبدو في واقع الامر أن اعادة بناء علاقات الولايات المتحدة بإيران أصبح الهدف الاول، في حين أن نقاش الامتعاض الاميركي من نشاطها الذري دفع إلى أسفل القائمة في جدول محادثات المستقبلquot;.

ويشير التقدير إلى أن اوباما قال في حفله الصحفي الأول في البيت الابيض الذي عقد في التاسع من شباط/فبراير الماضي أن فريق الأمن القومي الجديد يبحث السياسة بالنسبة لإيران، ويسعى إلى مجالات يكون من الممكن فيها اجراء حوار بناء مع إيران في قصد إلى أن تفتح من جديد قناة محادثات بين الدولتين. تذكر صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; أنه في حين صرح اوباما عن ان تأييد المنظمات الارهابية غير مقبول، وأن التطوير الذاتي سيفضي إلى انتشار السلاح الذري الذي سيقوض اكثر فأكثر الاستقرار في الشرق الاوسط، فأنه لم يكرر تصريحات حملته الانتخابية التي فحواها أنه لن يمكن إيران أبدًا من احراز سلاح ذري او احراز قدرة على بناء سلاح كهذاquot;، يقول التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي.

ومما جاء في التقدير أيضاquot;: quot;يترك اوباما انطباع أنه معني بان يظهر في الان نفسه لينا وصرامة نحو إيران، لكن من المنطقي الا ينجح توجه كهذا. فوق ذلك الموضوع الموجود في رأس سلم الاولويات فيما يتعلق بإيران، هو الازمة الذرية ووجدان انجع طريقة لضمان الا تصبح إيران دولة ذرية. بهذا المعنى يُسأل السؤال، متجاوزا تشبيه اليد الممدودة، وهو ما الذي يخطط له اوباما بالنسبة لإيران؟ واهم من ذلك ما هو نوع تلك القبضة غير المقبوضة، وفي اي نقطة سيعبر عنها إلى جانب اليد الممدودة، كجزء من المسيرة العامة الموجهة إلى وقف إيران عن ان تصبح دولة ذرية؟quot;.

ويقول الباجث الإسرائيلي اميلي لنداو: quot;كان نائب الرئيس بايدن ووزيرة الخارجية كلينتون أكثر وضوحا قليلا في هذه القضية في الاسابيع الاخيرة. يبدو من التصريحات التي صدرت عنهما أن القبضة المفتوحة تتناول على الأقل وقف نشاط إيران لتخصيب الذرة. بينت كلينتون هذه النقطة بمحاولتها طمأنة الحليفات الاوروبيات، وقالت إن الولايات المتحدة لا تنوي أن تترك المسار السابق للجهود المتعددة الاطراف فيما يتعلق بإيران. وذكرت أن quot;الرئيس اوباما المح إلى نيته تأييد دبلوماسية صارمة مباشرة نحو إيران، لكن إذا لم تعمل طهران بحسب قرارات ملزمة لمجلس الامن وللوكالة الدولية للطاقة الذرية فستكون بذلك اثارquot;.

وينوه التقدير إلى أنه صدر عن بايدن في خطبته في مؤتمر ميونخ للأمن تصريح يتفق مع هذا تمامًا، واضاف أن إيران يجب ان تتخلى لا من مطامحها الذرية فحسب، بل من تأييدها الارهاب أيضا. لكن حتى مع اعطاء قدر ما من الوضوح يتعلق بما يجب على إيران فعله لفتح القبضة، ما تزال القضية الصعبة للتوقيت قائمة موجودة. من وجهة النظر هذه لم تبين كلينتون ولا بايدن اتجاها واضحًا: فكلاهما يذكر أن الولايات المتحدة ستظهر صرامتها اذا لم تفِ إيران بشروط ما، لكنهما لا يقولان شيئًا عن نظام تطبيق الشروط. هل ستدخل الولايات المتحدة مفاوضة وبعد ذلك فقط ستقدر مبلغ تعاون إيران، ام ستصر على تلقي دلائل على تغيير الموقف الإيراني قبل ان تدخل التفاوض نفسه؟ ومتى ستتشدد الولايات المتحدة في موقفها؟ هذه الاسئلة الرئيسة ظلت بلا جوابquot;.

وبحسب التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي، فإنه ما دام اوباما يصر على توجه مختلف عن توجه ادارة بوش، فان كل كلام يسمع مثل quot;شرط سابقquot; للحوار لن يتبنى كما يبدو، بالرغم من أن وعد كلينتون بتأييد جهود متعددة الاطراف سابقة يلمح إلى التمسك بالشرط السابق الذي فحواه أنه يجب على إيران أن تكف عن نشاط تخصيب اليورانيوم. بعد كل شيء، منذ صيف 2006 كان الاوروبيون واضحين بالنسبة لهذه النقطة حقا كالامريكيين.

ويقول لنداو: quot;إذا كانت الادارة الجديدة تميل إلى توجه quot;لننتظر ونرَquot;، فانه قد تكون لذلك اثار اقسى على كل تفاوض مع إيران: يبدو منطقيا في الظاهر عرض المرونة اولا ndash; اليد الممدودة ndash; والانتقال إلى وسائل شديدة إذا لم تترك إيران خيار آخر فقط، لكن سيكون من الصعب جدا في الواقع تحقيق هذه السياسة. منذ اللحظة التي يبدأ فيها الطرفان الحوار، لن يكون اعلان أن quot;إيران غير جديةquot; سهلا كما يبدو الامر. فإيران خبيرة جدا بمسارات الحوار، وفيها التصريحات عن الاستعداد للتعاون من قبلها، من اجل أن تحظى بوقت لتقديم برنامجها الذري، ومن غير أي قصد حقيقي للتقدم نحو تسوية. بهذا المعنى قد يساعد تفاوض من نوعه quot;لننتظر ونرَquot; إيران على ان تحرز غايتهاquot;.

ويحاول التقدير الإسرائيلي تقديم عدة توصيات للإدارة الأميركية حيال الموضوع الإيراني، ومنها أنه quot;في مواجهة مطامح إيران الذرية ينبغي صرف الاهتمام إلى تقديراتها وبخاصة الواقع الواعي، الذي يبين أنه لا سبب عقلاني عندها لأن تكشف الآن عن استعداد اكبر لمفاوضة الولايات المتحدة بجدية مما كان لها عندما فاوضت في الماضي quot;الثلاثية الاوروبيةquot;. العامل الوحيد الذي قد يغير تقديرات إيران هو ان تبدأ تشعر جدًا بعدم الارتياح للوضع الراهن، وهذا بالضبط هو مكان دخول عامل الضغط في المعادلةquot;.

ويختتم الباحث اميلي لنداو تقديره، بالقول: quot;الصرامة التي يجب على الولايات المتحدة اظهارها لا يجب أن تبدو بديلا من الحوار، بل خطوة نحو محادثات اعظم جدوى مع إيران في القضية الذرية. أن التسلسل المنطقي لمواجهي إيران هو قبل كل شيء احداث ضغط كبيرndash; بالعقوبات الشديدة وبوسائل مالية أخرى، وفيها اصدار تهديدات صادقة وإشارات إلى استعداد لتطبيق وسائل عسكرية ndash; وبعد ذلك فقط البدء بمحادثات التفاوض. عندما تكون إيران اقل ثقة بنفسها فأنه قد يكون أسهل كثيرًا التوصل معها إلى اتفاقquot;.