القدس: حين طلب الفلسطيني شريف عطون من سائق الجرافة زياد دبش أن يسوي منزله في القدس العربية الشرقية بالارض انفطر قلب صديقه..

لكن بالنسبة لعطون كانت مشاهدة منزله يدمر على يد صديق له أخف الضررين فلو لم يهدمه دبش كانت السلطات الاسرائيلية ستهدمه وهي الخطوة التي تصاحبها رسوم هدم قيمتها 20 الف دولار واحتمال دخول السجن.

وليست محنة عطون غريبة على نحو 260 الف فلسطيني يعيشون في القدس العربية الشرقية يقولون ان السلطات البلدية الاسرائيلية في المدينة كثيرا ما ترفض منحهم تراخيص بناء.

وقال عطون (36 عاما) وهو فني مصاعد وهو يلوح بنسخة من أمر الهدم الاسرائيلي quot;لم افكر قط في هدم منزلي ودفع ايجار.quot;

واحتلت اسرائيل القدس الشرقية وضمتها بعد ذلك في حرب 1967 في خطوة لم يتم الاعتراف بها دوليا.

وتعتبر الدولة العبرية المدينة بأسرها quot;عاصمتها الابديةquot; وتقول انها تطبق القانون بهدم المنازل المقامة دون تراخيص.

ويريد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية وقد انتقد بشدة عمليات الهدم وتوسعة المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية وفي انحاء الضفة الغربية المحتلة.

ويتهم الفلسطينيون اسرائيل بشن حملة مدبرة لحرمانهم من اقامة الدولة وطردهم من المدينة المقدسة.

وخلال زيارة الى القدس والضفة الغربية الاسبوع الماضي انتقدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الخطط الاسرائيلية لهدم نحو 80 منزلا في القدس الشرقية لافساح الطريق لانشاء متنزه بلدي بوصفها quot;لا تفيدquot;.

ويحمل الفلسطينيون الموجودون في القدس بطاقات هوية اسرائيلية تتيح لهم الحصول على الخدمات الاجتماعية والصحية فضلا عن حرية الحركة المحروم منها الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة لكن قلة من سكان القدس الشرقية حصلوا على حقوق مواطنة اسرائيلية كاملة.

وقال عطون وهو اب لستة ابناء وهو واقف امام كومة من الانقاض وقضبان الحديد المعوجة التي كانت ذات يوم منزله quot;هذا هو أقسى شيء فعلته في حياتي لكن هذا كان أخف الضررين.quot;

وسيسدد عطون لدبش سائق الجرافة أجرا عن عمله لكنه ليس سوى جزء مما كانت اسرائيل ستتقاضاه منه.

وهذه هي المرة الثالثة خلال 16 عاما التي يهدم فيها دبش منزل فلسطيني مثله.

وبالنسبة للكثير من الفلسطينيين تعد الجرافات رمزا للاحتلال الاسرائيلي. ويستخدمها الجيش لهدم المنازل في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. وتقول اسرائيل انها تستهدف المسلحين والخارجين على القانون.

اما بالنسبة لكثير من الاسرائيليين ارتبطت الجرافات بشكل متزايد بالهجمات الفلسطينية. ويوم الخميس صدم فلسطيني بجرافة سيارة للشرطة في القدس وهو ثالث حادث من نوعه خلال عام.

وقال زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية ان اسرائيل هدمت نحو 30 منزلا في القدس العربية الشرقية حتى الان هذا العام.

وأضاف أن قرار عطون هدم منزله نادر.

وقال حاتم عبد القادر ممثل رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض في المدينة ان تصرفات عطون ستأتي بنتائج عكسية لانها تسمح لاسرائيل بالافلات من مسؤوليتها عن الجرائم التي ترتكبها في القدس.

وتابع أنه يجب أن يشن فياض حملة لمساعدة أصحاب المنازل الفلسطينيين في القدس الشرقية لمكافحة ما وصفها quot;باسرلةquot; المنطقة عبر تدمير المباني والاستيلاء على الاراضي.

وقالت ساريت ميخائيلي من جماعة بتسيلم الاسرائيلية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان ان سياسات الدولة اليهودية في المدينة منذ عام 1967 لم تترك للفلسطينيين خيارات كثيرة سوى البناء بطريقة غير مشروعة.

وتتسم قضية القدس بالحساسية لكل من الجانبين وقد استبعد رئيس الوزراء الاسرائيلي اليميني المكلف بنيامين نتنياهو تقريبا حتى مناقشة تقسيم المدينة التي يعيش بها نحو نصف مليون يهودي.