المارد السكاني الفلسطيني يقلق تل أبيب
الانقسام الفلسطيني عزز قبضة إسرائيل على القدس
خلف خلف من رام الله-القدس:
يستدل من تكرار العمليات الهجومية في مدينة القدس، والتي ينفذها شبان فلسطينيون يحملون الجنسيات الإسرائيلية، وتأخذ الطابع الفردي العشوائي، أن ثمة جملة عوامل متشعبة ومعقدة كامنة وراء ذلك، منها حجم التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ومنها أيضًا حالة اللامساواة والعنصرية التي تطال العرب في المدينة المقدسة، وبخاصة أن قادة تل أبيب صعدوا في السنوات القليلة الماضية من إجراءاتهم وأساليبهم الهادفة إلى إفراغ القدس وتهويدها، تارة عبر الإجراءات التعسفية، كفرض الضرائب الباهظة، ومنع البناء، وحظر ترميم البيوت القائمة، وتارة أخرى عبر تكثيف الاستيطان وبناء الجدار العازل.

ولعل الأرقام والإحصائيات الصادرة عن المؤسسات والمراكز البحثية الفلسطينية والإسرائيلية لخير دليل على حجم الاستهداف الذي تتعرض له المدينة المقدسة التي يعتبرها كثيرون لب الصراع وجوهره، والذي يعود بالطبع لمكانتها الدينية سواء لدى المسلمين أم اليهود أم حتى المسيحيين.
دراسة حديثة صادرة عن مركز بيغن ndash; السادات للأبحاث الإستراتيجيةndash; رقم العدد 25، أعدها البروفيسور هيلل بريش، تكشف أن إسرائيل نجحت خلال الأربع عقود الماضية في تعزيز سلطتها في القدس الشرقية على نحو شبه تام، بل أن جهودها لتحطيم المؤسسات الفلسطينية في المدينة آتت أُكلها. quot;فقد تركت مؤسسات فلسطينية كثيرة القدس راغبة أو لضغط إسرائيليquot;.
ويقول بريش، وهو أستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة بار ايلان، وباحث رفيع المستوى في مركز بيغن السادات، إن الشقاق والمنافسة اللذان يميزان النظام السياسي الفلسطيني زادا، وبمقابلة ذلك قلت قدرته على أداء عمله في القدسquot;.
ويضيف: quot;زادت سيطرة المؤسسات المقدسية quot;العربيةquot; ومؤسسات السلطة الفلسطينية، لكن الأداء المختل لهذه الأخيرة اضر أيضا بأداء المؤسسات المقدسية. يصعب على الحركات الفلسطينية الاتفاق على جدول عمل سياسي، ولا تستطيع دفع الجماهير إلى العمل. والجمهور العريض مترجح بين علاقته الوطنية بالسلطة الفلسطينية وبين واقع حياته تحت سلطة إسرائيل، مع كل ما يصحب ذلك من أفضال، وهذه حقيقة تسهم في الشلل السياسيquot;.
ويحذر محللون إسرائيليون كثيرون من ما يسمونه المارد السكاني الفلسطيني، إذ يشيرون إلى أن نسبة الولادة بالنسبة للفلسطينيات في القدس عالية مقارنة مع اليهوديات، وتشير دراسة ليوسي شلهاف نشرها مركز بيغن السادات مؤخرًا أن نسبة الولادة لكل ألف نسمة من السكان في مدينة القدس تشير إلى فجوة أخذت تضيف بين السكان اليهود والسكان الفلسطينيين، ففي حين كانت هذه النسبة في سنة 1975، 29 ولادة لكل ألف نسمة من السكان اليهود قياسا إلى 43.5 ولادة لكل ألف نسمة من السكان الفلسطينيين؛ انخفضت هذه النسبة في سنة 2000 إلى 24.6 لسكان اليهود وعادت وارتفعت قليلا إلى 25.4 في سنة 2006.
وتبين الدراسة أنه بمقابلة ذلك سجل انخفاض للسكان العرب إلى 30.4 ولادة لكل ألف نسمة في سنة 1985، وهي نسبة عادت وارتفعت إلى 37.9 في سنة 1995 ومنذ ذلك الحين وهي في انخفاض متصل حتى نسبة 30 ولادة لكل ألف نسمة من السكان العرب في سنة 2006. في العقدين الأخيرين أصبحت الزيادة الطبيعية هي العامل الرئيس في زيادة سكان المدينة. فمنذ 1985 وميزان الهجرة المدنية (الهجرة بين بلدات في إسرائيل) سلبي ndash; أي أن عدد السكان الذين يهاجرون إلى المدينة أقل من عدد المهاجرين منها إلى الخارج.
تقرير للاتحاد الأوروبي: اسرائيل تسرع الاستيلاء على اراض بالقدس
على صعيد متصل، قال تقرير للاتحاد الاوروبي إن اسرائيل سرعت من وتيرة quot;الضم غير الشرعيquot; للقدس الشرقية في العام الماضي من خلال السياسات البلدية والامنية التي تميز ضد السكان الفلسطينيين. وحصلت رويترز على التقرير الداخلي الذي اعده دبلوماسيون اوروبيون ويحمل تاريخ 15 ديسمبر كانون الاول 2008 فيما يحتدم جدل جديد حول خطة اسرائيل لهدم عشرات المنازل الفلسطينية في القدس الشرقية.
وقال التقرير ان عدد مناقصات البناء التي اصدرتها اسرائيل لاقامة منازل لليهود في القدس الشرقية زاد بنحو 40 في 2008 مقابل عام 2007 فيما وضعت السلطات الاسرائيلية quot;قيودا مشددةquot; على تصريحات البناء بالنسبة للفلسطينيين.
وانتقد التقرير ايضا اسرائيل لبناء حاجز يخترق القدس قائلا انه يعزل الاف الفلسطينيين عن الضفة الغربية. وتقول اسرائيل ان الحاجز يمنع المفجرين الانتحاريين وتعهدت باستكمال الجزء الخاص بالقدس بحلول عام 2010.
وسلم التقرير المؤلف من 20 صفحة باحتياجات اسرائيل الامنية ولكنه قال ان quot; اجراءاتها في القدس وحولها تمثل واحدا من اشد التحديات لعملية صنع السلام الفلسطينية-الاسرائيلية.quot;
وقالت بلدية القدس في الشهر الماضي انها تخطط لهدم 88 منزلا فلسطينيا ولكن ليس بصورة فورية اقيمت بدون تراخيص في جزء اخر من حي سلوان بالقرب من اسوار مدينة القدس القديمة من اجل اقامة حديقة عامة.
وينفي مسؤولون اسرائيليون ان تكون هناك حملة لطرد الفلسطينيين الذين يمثلون 34 في المئة من سكان القدس.