ما الذي أغضب علماء السنة؟

تصريحات وآراء آية الله الخميني، إذ يقول في كتابه quot;الحكومة الإسلاميةquot; quot;إن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل .. وقد ورد عنهم (ع) أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب و لا نبي مرسلquot;، ثم أضاف في خطاب ألقاه بمناسبة ذكرى مولد المهدي 15 شعبان 1400 عن المهدي المنتظر quot;لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية... لم ينجح في ذلك وإن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظرquot;.

ويضيف في ذكرى مولد الرضا الإمام السابع عند الشيعة بتاريخ 9/8/1984م quot;إني متأسف لأمرين أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغيquot;.

بل ويتهم الخميني النبي صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ الرسالة كما ينبغي يقول في كتاب quot;كشف الأسرارquot;: quot;وواضح أن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك، ولما ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعهquot;.

صدر علماء المغرب فتوى دينية ردا على التصريحات التي أدى بها زعيم الشيعة في إيران إلى إحدى الصحف العربية. وقد جاءت هذه الفتوى، حسب مجلة quot;دعوة الحقquot; التي تنشرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (العدد 206. عام 1980)، معبرة عن إجماع أعضاء المجالس العلمية في كافة أقاليم المملكة على إدانة الخميني استنادا إلى الكتاب و السنة.
و قد رفع العلماء هذه الفتوى إلى الملك الحسن الثاني.

نص الفتوى
بسم الله الرحمان الرحيم:
نشرت الصحيفة الكويتية و السعودية أقوالا شنيعة و مزاعم فضيعة منسوبة لإمام الشيعة الخميني، تنال من مقام النبوة و الملائكة ، و تؤدي إلى لإشراك بالله عز و جل ، و رددت هذه الأقوال مع استنكارها بعض الصحف الوطنية ، و قامت من أجلها ضجة كبرى في الأوساط الشعبية ، فتوجه الجمهور إلينا بالسؤال عن موقف العلماء في هذه الأقوال النابية ، و المزاعم الباطلة التي تخالف ما علم من الدين بالضرورة ، و تناقض أصول العقيدة الإسلامية ، حتى أن بعض السائلين تساءل - وهو على حق - هل ألغى الخميني ما كان يعرف عند الشيعة بالتقية ، حين استولى على الحكم ، و ظن أنه قد حان الوقت ليجاهر بهذه العقيدة الفاسدة دون تستر ولا حذر؟
وقبل الجواب عن سؤال الجمهور المغربي المسلم نرى من الجواب أولا أن ننقل كلام الخميني بنصه ، كما نشرته الصحف وورد في كتابه quot;الحكومة الإسلاميةquot; ثم نعقب على ذلك ببيان الحكم الشرعي الذي يبطل مزاعم وادعاءاته.
و فيما يلي نص كلام الخميني : إن الأنبياء جميعا جاؤوا من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم، لكنهم لم ينجحوا و حتى النبي محمد صلى الله عليه و سلم خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية و تنفيذ العدالة لم ينجح في ذلك، إن الشخص الذي سينجح في ذلك ، و يرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم و يقوم الانحرافات هو الإمام المهدي المنتظر ، ثم يقول الخميني : إن مسالة غيبة الإمام المهدي هي مسألة هامة تعلمنا أشياء كثيرة ، و من بينها انه لا يوجد في العالم احد سواه من اجل تنفيذ العدالة بمعناها الحقيقي ، و أن الله تعالى أبقاه ذخرا من اجل البشرية و سيعمل على نشر العدالة في جميع أنحاء العالم و سينجح فيما فشل فيه الأنبياء و الأولياء.
هذا كلامه بمناسبة عيد مولد المهدي المنتظر، في منتصف شعبان المنصرم، اكتفينا بجوهره و فحواه.
و من أجل مزيد التأكد من نسبه إليه رجعنا على ما جاء في كتابه الحكومة الإسلامية صفحة 52 طبعة بيروت، فوجدناه يقول: إن للإمام مقاما محمودا و درجة سامية و خلافة تكوينية تخضع لولايتها جميع ذرات الكون. إلى أن يقول: وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاما لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. فتبين فيما لا مجال للشك فيه أن هذا الكلام صادر عن الخميني، و أن هذه العقيدة الفاسدة هي عقيدته، و إن الصحافة لم تتزيد عليه من شيء.
و الجديد في الأمر هو أن الخميني تجاوز بهذه الادعاءات الفاسدة كل ما كان معروفا عن الشيعة، و تطاول حتى على مقام الملائكة و الأنبياء و المرسلين . حيث جعل مكانة المهدي المنتظر في نظره فوق مكانة الجميع و زعم أن لا ملك مقربا ولى نبيا مرسلا أفضل منه.
والأخطر من ذلك ما زعمه الخميني من أن خلافة المهدي المنتظر خلافة تكوينية تخضع لها جميع ذرات الكون ومقتضى ذلك أن الخميني يعتبر المهدي المنتظر شريكا للخالق عز و جل في الربوبية و التكوين.
و هذا كلام مناقض لعقيدة التوحيد يستنكره كل مسلم ولا يقبله ولا يقره أي مذهب من المذاهب الإسلامية، ولا يبرئ قائله من الشرك و الكفر بالله غلا التوبة و الرجوع عنه صراحة وعلنا و التبرؤ منه و إصدار بيان بذلك ، ليهلك من هلك عن بينة و يحيا من حيي عن بينة.
وعلى أئمة الشيعة الآخرين -لكي يطمئن المسلمون- أن يوضحوا موقفهم من هذه الأباطيل المخالفة للكتاب و السنة، و ما عليه سلف هذه الأمة و خلفها ، من توحيد الله عز و جل، وانفراده بالخلق و التكوين ، و تصريف شؤون الكون، وتعظيم مقام الأنبياء و الرسل و الملائكة وتفضيلهم على كافة المخلوقات و رفع مقام خاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين، قال الله تعالى :laquo; و ما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم المقامة و السماوات مطويات بيمينه سبحنه وتعالى عما يشركون raquo;.
وقال تعالى : laquo; وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءأقررتم و أخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون raquo;.
هذا وان علماء المغرب ليهيبون بإخوانهم بقية العلماء في العالم الإسلامي أن يقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا التيار الهدام، و يذودوا كل شبهة عن عقيدة الإسلام، و الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
مجلة quot;دعوة الحقquot; سنة 1980 العدد206