لندن: في مارس آذار 2003 إنضم 45 ألف جندي بريطاني للجيش الأميركي في حرب العراق وسط تهليل كبير وإنتشاء بالقوة والنفوذ. وبعد ست سنوات لم يعد لبريطانيا سوى نحو 2000 جندي بالعراق سينسحبون جميعا بحلول يونيو حزيران. وبدلا من التهليل الصاخب سيغادرون بهدوء كقوة قال كبار القادة العسكريين في بريطانيا انها مجهدة ومنهكة.

وفي حين أن العراق قد يكون أكثر استقرارا منه قبل نحو عام فقط الا أن الصراع كان موهنا بالنسبة لبريطانيا عسكريا وسياسيا وماليا ويشكل الى أي مدى يمكنها اعطاء فكرة عن نفسها في محط تركيز عملياتها الجديد وهو أفغانستان.

وقال نيجيل أدرلي الخبير الدفاعي لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية quot;من الانصاف أن نقول ان نشر قوات بالعراق لم يكن يتمتع بالشعبية وكل ما يريده السياسيون في هذه المرحلة هو الخروج بهدوء.quot; واضاف quot;لذلك ففيما يتعلق بأفغانستان .. ليس من المفيد أن نواصل بنفس الطريقة التي كنا نمضي بها. هذا ليس خطأ الجيش.. الامر فقط هو أنهم لا يملكون الموارد الضرورية لعمل اللازم. انهم يعانون من ضعف مزمن في الموارد.quot;

وعندما تسدل بريطانيا الستار على انتشار قواتها بالعراق باجمالي قتلى يبلغ 179 يأمل القادة العسكريون أن تكون هناك فترة توقف للسماح للجيش والبحرية والقوات الجوية بالتقاط الانفاس. فقد أثرت ست سنوات من القتال والانتشار المستمر على العتاد والافراد وأسرهم حيث قال جاك ستيروب قائد القوات المسلحة البريطانية ان كاهل القوات ينوء بأعباء هائلة. وقال في أواخر العام الماضي لدى تقييمه لحالة الجيش quot;نقوم حاليا بأكثر من طاقة هيكلنا أو مواردنا في المدى البعيد. quot;لا يمكننا بكل بساطة القيام بنقل (الجنود) من العراق الى أفغانستان. لا أقول انه لا يمكننا أو لا ينبغي لنا بذل المزيد في افغانستان اذا توصلنا الى أن ذلك ضروريا. ما أقوله هو أننا يجب أن نكون قادرين على مساندة أي شيء نفعله.quot;

وربما كان ذلك هو الواقع لكن الطبيعة الملتهبة للحرب هناك حيث جعلها الرئيس الاميركي باراك اوباما احدى أولويات سياسته ويقوم بزيادة عدد القوات وهو ما يعني أن من المتوقع أن تضطلع بريطانيا كحليف رئيسي ولاعب أساسي في حلف شمال الاطلسي بدور كبير.

وبعدما وقفت الى صف الولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 فان لعب دور كبير في الحرب ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة في معقلهم أكثر أهمية ويحظى بتأييد شعبي أكبر من حرب العراق. وتنشر بريطانيا بالفعل 8100 جندي في أفغانستان أغلبهم في اقليم هلمند الصحراوي الشاسع بجنوب البلاد والذي لا يزال معقلا لحركة طالبان.

وتواجه القوات البريطانية المتمركزة هناك منذ عام 2006 مصاعب في احتواء حركة طالبان فيما يرجع الى حد كبير الى أن الارض التي يتعين عليهم السيطرة عليها واسعة وذات طبيعة قاسية. ويحد النقص في الطائرات من حركة القوات ويمنعها من الرد السريع على التهديدات ويجبر القوات على استخدام طرق شديدة الخطورة. وبلغ اجمالي القتلى البريطانيين في أفغانستان 152 بينهم 16 هذا العام.

وهناك مطالب بزيادة التمويل - اذ من المنتظر ارتفاع تكاليف الصراع في أفغانستان بنسبة 54 بالمئة الى 2.3 مليار جنيه استرليني (3.5 مليار دولار ) في 2008-2009 - وزيادة الدعم الجوي لكن الضغوط على الموارد تجعل ذلك مستبعدا في المدى القصير. ويقر القادة العسكريون على الارض أيضا بأن هناك حاجة الى ارسال عدد كبير من الجنود لكن تحمل القوات أعباء كبيرة يشير الى أن من المستبعد الى حد بعيد انجاز ذلك اذ يتوقع على أفضل التقديرات ارسال نحو 1500 جندي فقط الى هناك خلال الشهور الستة القادمة.

وقالت روزماري هوليس استاذ العلوم السياسية الدولية الزائر بجامعة سيتي في لندن quot;في افغانستان لدى المرء شعور بوجود عدد منخفض للغاية من القوات معرضين لمخاطر شديدة ولا يشكلون جزءا من خطة استراتيجية قابلة للتطبيق.quot; واضافت quot;يتساءل المرء.. هل تعهدت القيادة السياسية بارسالهم بناء على فرضيات سليمة.. القوات تبذل قصارى جهدها استنادا الى تلك الأحوال .. لكن فيما يتعلق بأفغانستان يتساءل المرء بشأن ما اذا كان السياسيون قد تعلموا الدرس من العراق.quot;

وأوضح وزير الدفاع البريطاني جون هاتون التزامه الصريح تجاه أفغانستان وقال قادة عسكريون كبار ان بريطانيا يمكنها المشاركة هناك لعقود. غير أنه فيما يخص مواجهة المطالبة الفورية للحرب بخصوص زيادة عدد القوات والموارد حاليا ربما تواجه الدولة صعوبات. وقالت هوليس quot;كانت (مسألة) العراق تنطوي من نواح كثيرة على سوء تقدير كبير .. فيما يرجع جزئيا الى أنها لم تكشف فقط القصور الذي تعاني منعه بريطانيا وانما زادته أيضا.quot;