أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: اندلع في المغرب جدل دستوري ساخن بعد نشر تقارير حول سعي وزارة الداخلية إلى تفعيل مقتضيات قانون الأحزاب في شقه المتعلق بمنع التنقل الحزبي.
وفيما اعتبر مراقبون أن منع ترحال النواب يستند إلى مادة غير دستورية، قال محمد ضريف، أستاذ العلوم السياسية، quot;عمليا، قانون الأحزاب صدر في الجريدة الرسمية وأصبح نافذا، وبالتالي لا يمكن اعتبار المادة الخامسة منه، والمتعلقة بمنع الترحال، غير دستوريةquot;.

وفسر محمد ضريف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، ذلك بأن هذا القانون عندما جاء منع على أي برلماني أن يغير انتماءه إلى أن تنتهي مدة ولايته في مجلس النواب، والمحددة في 5 سنواتquot;.
وذكر أستاذ العلوم السياسية أن المتتبعين كانوا يعتقدون أن قانون الأحزاب لو عرض على المجلس الدستوري فإن هذا الأخير سيرفض المادة الخامسة، ما دفع إلى الخروج بالاتفاق على عدم عرضه على المجلس المذكور، وبالتالي أصبح نافذا بعد أن نشر في الجريدة الرسميةquot;.

وأكد ضريف أن مسألة منع ترحال النواب كانت مواقف عبر عنها المجلس الدستوري، الذي تأسس سنة 1999، مشيرا إلى أنه عندما تشكل مجلس المستشارين في سنة 1997 كان نظامه الداخلي يتضمن فقرة تمنع ترحال المستشارين على الأقل، وعندما عرض الأمر على مجلس المستشارين رفضه، وقال إنه يتناقض مع الفصل 9 من الدستور المغربي، ما يعني أن كل واحد له الحق في الانتقال، وهذا يتطابق مع حرية الاختيارquot;.
وأثار تداول سعي وزارة الداخلية إلى تفعيل هذا القانون حفيظة بعض الأحزاب، خاصة quot;الأصالة والمعاصرةquot;، الذي تحدثت تقارير إعلامية عن كونه سيكون أكبر متضرر من اعتماد المادة الخامسة، لكونه استقطب، أخيرا، عشرات البرلمانيين من مجموعة من الأحزاب، رغم أن ميلاده لم يمر عليه سوى شهور.

وجاء رد فعل quot;الأصالة والمعاصرةquot;، الذي يقود الشيخ بيد الله ويضم في صفوفه الوزير المنتدب السابق في الداخلية فؤاد عالي الهمة، سريعا، إذ أكد أنه quot;لا يحق لأي كان أن يسقط قراءته الخاصة على مقتضيات المادة الخامسة من قانون الأحزاب السياسيةquot;، وذلك باعتبارها مهمة موكولة للمؤسسات القضائية المحددة في الدستور بدقة، علما بأن المبدأ المتعامل به في هذا الباب هو مبدأ حرية الاختيار والانتماء.
وأشار الحزب، في بلاغ له، إلى أن مكتبه الوطني quot;اطلع باستغراب على خبر مفاده أن مجلس الحكومة المنعقد، صباح الأربعاء 11 أيار (مايو) 2009 قد ناقش، خارج النقط الواردة في جدول أعماله وبشكل لا يحترم المساطر المعمول بها، مشروع دورية لوزير الداخلية، متعلقة بمراقبة شرعية الترشيحات للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث اعتمد تأويل خاطئ ومقصود لمقتضيات المادة 5 من القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، وذلك بتخويل السلطة الإدارية حق رفض تلقي الترشيحات الصادرة عن برلمانيين باسم حزب آخر، غير الحزب الذي انتخبوا باسمهquot;.

وعلى إثر ذلك، يضيف البلاغ، وافى الأمين العام للحزب كتابيا كلا من الوزير الأول ووزيري الداخلية والعدل، بموقف الحزب quot;الرافض لهذا التصرف، إذ نفى كل من الوزير الأول ووزير الداخلية صدور أية دورية في الموضوعquot;.
وأوضح حزب الأصالة والمعاصرة بالخصوص أنه quot;في حالة ثبوت ما راج حول تأويل مقتضيات المادة 5 من قانون الأحزاب السياسية، فإن الحزب يذكر بأنه لا يحق لأي كان أن يسقط عليها قراءته الخاصةquot;، معربا عن استغرابه quot;اللجوء، وفي هذا الظرف بالذات، إلى التلويح بتأويل مغرض للمادة 5 من قانون الأحزاب، كونه ينطوي على محاولة تشويشية يائسة لإجهاض عملية تأهيل الحقل الحزبي ببلادناquot;.

وبعدما طمأن الحزب المنتخبين الملتحقين بصفوفه على quot;سلامة اختيارهم من الناحية القانونيةquot;، حيى بالمناسبة quot;مبادرة وشجاعة أعضاء فريقيه بالغرفتين على الموقف الحازم الذي عبروا عنهquot;.
وعبر عن استغرابه لإثارة هذه النقطة على بعد أربعة أيام من بداية إيداع الترشيحات للانتخابات الجماعية (المحافظات)، رغم توفر بلادنا على مدونة انتخابات حددت بالواضح والحصر موانع الترشيح بما لا يدع مجالا لتأويل، معتبرا quot;ذلك تشويشا مقصودا وسافرا على العملية الانتخابيةquot;.

وأضاف أنه quot;بما أن المجال مقنن ولا يشكو لا من نقص معياري ولا من خصاص في تفسير القانون، فإن حزب الأصالة والمعاصرة متشبث بالقاعدة القانونية السارية المفعول لأنها تشكل عماد دولة القانونquot;.
وتأسيسا على كل ذلك، أكد حزب الأصالة والمعاصرة على أن التطبيق السليم للقانون هو الضامن الوحيد لسلامة ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية، وهو التطبيق الذي ما انفك الحزب ينادي به ويلتزم باحترامه خدمة للمصلحة العليا للوطن، بعيدا عن أي تعلق بمواقع سياسية ريعيةquot;.

وحذر الحزب في هذا السياق quot;من أية مناورة على الشرعية ومبادئ دولة القانونquot;، مؤكدا على المضامين الواردة في الرسائل التي بعث بها إلى الحكومةquot;.