العقد الإجتماعي الجديد ضرورة لإحداث التوازن بين الفرد والسلطة
المجتمع المدني يتبرأ من ديمقراطية الغرب ويطالب بدستور جديد
محمد حميدة من القاهرة: إتفق المجتمع المدنى المصري بصور مختلفة على عقد اجتماعي جديد مع الحكومة من اجل مصلحة المواطن, وشكك البعض فى نوايا الحكومة فى الدخول فى حوار او تعاقد, جاء ذلك خلال مؤتمر نظمته أمس السبت مؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية بالتعاون مع المجلس القومى لحقوق الإنسان ومنظمة فريدوم هاوس الأميركية وحضرته إيلاف.
وقال سعيد عبد الحافظ الناشط الحقوقي ان السلطة السياسية مجبرة لصياغة عقد اجتماعي جديد , ولابد ان تقوم بفتح قنوات للتعددية الحزبية والانتخابات النزيهة , لان ذلك يعطى الشرعية لها ولابد من دستور جديد يحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم .وقال عبد الحافظ لـ quot;ايلافquot; انه بالرغم من تصديق الرئيس حسني مبارك فى 5 / 4 / 2007 على إصدار التعديلات الدستورية الجديدةrlm;,rlm; التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء الذي أجري يوم rlm;26rlm; مارس 2007 إلا أن الدستور المصري حتى بعد تعديله لازال يعكس مفهوم طغيان السلطة على الحقوق الطبيعية للأفراد بشقيها المدني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى وان حاول الدستور أن يؤكد على وجود مؤسسات ,quot; فان فى نهاية الامر هذا المظهر المؤسسي لا يخفى جوهر الدستور القائم على احتكار السلطة وانفرادها باتخاذ القرار quot;.
ويرى عبد الحافظ ان العقد الاجتماعى من منظوره الحقوقى يولى أهمية كبيرة للدستور باعتباره منظم عمل السلطات ويؤكد على سيادة الشعب باعتباره واضع الدستور. ويرجع سبب الحاجة الى عقد اجتماعي جديد الى الاوضاع الاقتصادية والسياسية فى مصر, فمن الناحية الاقتصادية قال ان ظاهرة الفقر تفشت بشكل لافت ، حيث تشير تقارير البنك الدولي إلى أن أكثر من 60% من المصريين يعيشون على أقل من دولارين ، ونحو 25% يعيشون تحت خط الفقر ويتزامن ذلك مع سوء الأحوال المعيشية، وارتفاع مستوى الأسعار مقابل تدني مستويات الأجور ، وارتفاع معدلات البطالة ، فهناك أكثر من 5 ملايين عاطل خاصة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة، يضاف إلى ذلك النتائج العكسية المترتبة على عمليات الخصخصة.
وفيما يتعلق بالمشهد السياسى لخصه عبد الحافظ فى غياب الديمقراطية واحتكار السلطة ، وتراجع عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.واحتكار السلطة يعني التخلي عن مبدأ التداول السلمي للسلطة، وتقييد حرية وحركة الأحزاب والقوى السياسية المختلفة وكذلك مؤسسات المجتمع المدني ، وقمع الحريات العامة، ودفع الشعب إلي التخلي عن المشاركة السياسية، وتزوير الانتخابات التشريعية، وهيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات ، وغياب الرقابة الشعبية ، بل واختفاء دولة القانون والمؤسسات لتحل محلها السلطة المطلقة للأفراد ، ومن بين العوامل السياسية الأخرى استمرار فرض حالة الطوارىء لدرجة أن قانون الطوارىء رقم 162 لسنة 1958 قد أضحى بمثابة الدستور الحقيقي للبلاد .
ويعتقد حافظ ان quot;الدافع لصياغة عقد اجتماعى هو احداث التوازن بين السلطة بكل ما تملك وبين الفرد الأعزل لازال مفقوداquot; . كما يعتقد ان المجتمع المدنى الأجدر بالقيام بصياغة العقد الجديد , نظرا لأهمية الدور الذي تلعبه منظمات حقوق الانسان في مصر والتغيرات التى تبنتها الحكومة المصرية و ينسب الفضل الاول فيها للحركة الحقوقية , ويحسب لها انشاء المجلس القومي لحقوق الانسان رغم بعض التحفظات الا انه استطاع القيام بدور الوسيط بين المواطن ومؤسسات الدولة .ويقول ان المنظمات الحقوقية تجاوزت دور الاحزاب السياسية وتخلص من بعض أمراض الاحزاب والقوى السياسية وعلى راسها الانشقاقات الداخلية وعدم فاعليتها وفقر التواصل مع القواعد الجماهيرية وهو ما يؤهله للعب دورا فاعلا فى صياغة عقد اجتماعى جديد .
ومن جانبه قال الدكتور محمد بسيونى رئيس مؤسسة حقوق الانسان للتنمية المستدامة , ان الحديث عن عقد اجتماعى جديد اصبح ضرورة هامة منذ ثمانينات القرن الماضى , وليس مرتبطا فقط بالحالة المصرية او العربية ,ولكنه مرتبطا بالعالم الان, نتيجة ضعف الدولة القومية بسبب عدم التواصل من مستويات مختلفة . وقال ان العقد الاجتماعي ركيزة سياسية فى علم الدولة ويجب ان يكون المحور الرئيسى على مجموعة من الاتفاقات على راسها قضية المواطنة .واكد على ان يحرص المجتمع المدنى ان يكون صادقا مع المواطنين ,يعبر عنهم التعبير الصحيح لان ذلك من مصحة النظام الاجتماعى حتى لو كان هناك ملاحظات على النظام السياسى .
واستهجن جمال عيد رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان فكرة العقد , قائلا quot;الوطن العربى يعمل عقد مع من؟!! , كلهم عايزين يتحاكموا فى إشارة الى النخب الحاكمة , والشعوب ضحاياهم quot;. وانتقد جمال عيد مزاعم الدعم الاميركى والاوربى للديمقراطية فى مصر مؤكدا quot;ان هذا غير صحيحاquot;. وأوضح ان هناك مساحة نفاق من جانب الغرب والولايات المتحدة للحكومة المصرية ,الديمقراطية ليست اولوية عندهم quot;.
هاجم جمال عيد المجلس القومي لحقوق الإنسان قائلاquot;: ان انشاء هذه المجلس ليس خطوة للامام ودورة تلميع صورة النظام . ويساهم فى تفتيت الحركة الحقوقية . وسيؤكد كذبا فى تقريره امام مجلس الحقوق العالمى العام القادم ان الحالة على مايرام . وهو ما اثار غضب منى ذو الفقار عضو المجلس التى اكدت ان المجلس سيتحاور مع جميع منظمات المجتمع المدنى قبل تقديم التقرير فى سبتمبر القادم .وأضافت انه عندما يتم التحدث عن عقد اجتماعي جديد ينبغى ان لا نخون بعضنا البعض بل ندفع بعضنا نحو التغيير quot;.واشترط جمال عيد على الدولة ان تتخلى عن أسلوبها quot; الاجرامىquot; وتعترف بانها مخطئة فى معاملتها مع الجمهور المصري .
ومن جانبه قال محمد محيى رئيس جمعية التنمية الإنسانية ان العقد لابد ان يكون له التزامات ويعتقد ان النظام المصرى اخل بالتزاماته التعاقدية مع هذا الوطن , اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا , quot;ومن ثم نحن فى حاجة ماسة الى هذا العقد quot; . وانتقد محيى تقارير المجلس القومى لحقوق الانسان مشيرا الى انها لا تؤكد طموح اى احد , واضاف ان المجتمع المدنى فى مصر محمل باعباء شديدة تسببت فى ضعفه الشديد هو والاحزاب السياسية التى فقدت دورها وتركت فراغا للمجتمع المدنى ليلعب دورها .
ويعتقد محيي ان دور المجتمع المدني نحو عقد اجتماعي جديد هو التوعية وتثقيف المواطنين ويجب ان ينظر الى الملفت المسكوت عنها بموضوعية ويعرضها بمصداقية حتى لا ينضم الى من فقدوا ثقة الشارع فيهم مثل النظام المصرى والاحزاب .
وقال اننا بحاجة الى اعادة تقييم للمجتمع المدنى ونظرة مستقبلية وطرح مفهوم جديد للتوافق ومصالحة حقيقية داخل هذا المجتمع ,مصالحة مع القوى الوطنية اولا .
التعليقات