محمد حميدة من القاهرة: إنتقد خبراء مصريون تقرير مؤسسة quot;فريدوم هاوسquot; الأميركية السنوي لعام 2009 والذي وصف مصر بأنها دولة غير حرة، حيث أحرزت درجات متدنية فى مجال الحقوق السياسية والحريات المدنية بواقع 6 و5 نقاط على التوالي، وجاءت تقريبًا جميع الدول العربية في قائمة الدول غير الحرة باستثناء 3 دول فقط هي اليمن ولبنان وموريتانيا على قائمة الدول الحرة من جملة 193 دولة تضمنها التقرير .

وقال التقرير ان مصر ليست ديمقراطية انتخابيًا. يقوم النظام السياسي على ضمان سيطرة الحزب الوطني الحاكم على جميع المستويات الحكومية. والتعديلات الدستورية التي صدرت في 2007 وحظرت تشكيل الأحزاب السياسية على أساس ديني، هدفها هو ضمان استمرار قمع الإخوان المسلمين. وانتقد تمديد العمل بقانون الطوارئ .

وأوضح التقرير ان مجلس الشعب المصري، الذي يتألف من 454 مقعدًا، يمارس تأثيرًا محدودًا على سياسة الحكومة. وتبادر السلطة التنفيذيةبمعظم التشريعات. ويعين الرئيس عشرة من أعضائه والنسبة الباقية بالانتخاب. أما مجلس الشورى يتألف من 264 مقعدًا و يعين الرئيس 88 من أعضائه. ونظرًا للقيود التي تفرضها الحكومات على الترخيص للأحزاب السياسية، وسيطرة الدولة على محطات التلفزيون والإذاعة، والمخالفات المنظمة في العملية الانتخابية، فإن الانتخابات التشريعية لا تفي بالمعايير الدولية.

وقال التقرير ان التعديلات الدستورية الجديدة دخلت حيز التنفيذ في حزيران / يونيو 2007 في انتخابات مجلس الشورى. واعتقلت الشرطة عددًا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يوم الانتخابات، من ضمنهم 6 مرشحين، لخرقهم الحظر المفروض على الأحزاب الدينية. وقبل انتخابات المجالس البلدية في نيسان / أبريل 2008، ألقت الشرطة القبض على المئات من المرشحين. كما منعت السلطات الآلاف من الإخوان المسلمين من تسجيل أسمائهم واستبعادهم فعليًا من العملية.

واشار التقرير الى اعتقالات أعضاء الإخوان ومحاكمة كبار قادة الجماعة أحيانًا أمام محاكم عسكرية.وفي نيسان / أبريل 2008، أدانت محكمة عسكرية أكثر من عشرين شخصًامن نشطاء جماعة الإخوان، بينهم نائب المرشد العام خيرت الشاطر، بتهمة غسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة. وحكم على هؤلاء بالسجن لمدد تتراوح بين 3 و 10 سنوات في السجن. وذكر التقرير ان الفساد لا يزال منتشرًافيمصر استنادًا الى تقرير منظمة الشفافية الدولية الأخير لعام 2008، الذي احتلت فيه مصر المرتبة 115 من أصل 180 دولة.

وبالنسبة إلى حرية الصحافة قال التقرير ان حرية الصحافة مقيدة سواء في القانون والممارسة. وعلى الرغم من إلغاء قانون الصحافة الذي اقره البرلمان في عام 2006 للأحكام السجن عن جرائم السب والقذف والتشهير، الا انه انتقد ارتفاع الغرامات المفروضة على الصحافيين وقال ان السلطات تواصل استخدام قبضة الأمن وغيرها من القوانين للحد من حرية التعبير.

وقال ان الحكومة واصلتمضايقاتها للصحافيين في عام 2008. بمنعهممن تغطية الأحداث ومحاكمتهم على اتهامات مشكوك فيها، وفرض الغرامات وسجنهم احيانًا، مشيرًا الى تأييد محكمة الاستئناف لإدانة هويدا طه الصحافية في قناة الجزيرة بتهمة الإساءة الى سمعة البلاد والغاء عقوبة حبسها لمدة 6 اشهر والاكتفاء بالغرامة.وأشار أيضًا الى ابراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة الدستور الذى ادين في أواخر أيلول / سبتمبر، وحكم عليه بالسجن ب 6 أشهر خفضت إلى شهرين قبل ان يعفو عنه الرئيس مبارك . وقد ادين عيسى بنشر معلومات كاذبة وشائعات عن صحة الرئيس.وعلى الرغم منأن الصحافي لم يسجن إلا ان هذه الحلقات كانت بمثابة تذكير بسيطرة الحكومة على مصير الصحافيين.

وقال إن الحكومة تمارس نفوذها على جميع المطبوعات المملوكة للقطاع الخاص من خلال احتكار الطباعة والتوزيع. وتخضع المطبوعات الأجنبية والمطبوعات المصرية المسجلة في الخارج للرقابة الحكومية المباشرة. كما تخضع أيضًا العديد من المحطات التلفزيونية الفضائية لنفوذ الدولة والأفلام والمسرحيات والكتب تخضع للرقابة، وخصوصًا في الجانب الذى quot;لا يتفق مع مبادئ الإسلامquot; أو الاضرار بسمعة البلاد. وهناك عدد من الكتب والأفلام تم حظرها بناء على مشورة كبار رجال الدين.

وأضاف ان الحكومة لا تحد بشكل كبير ولا تراقب استخدام الانترنت، ولكنها تتابع عن كثب وسائل الاعلام على شبكة الإنترنت وتعاقب المدونين على التجاوزات، مشيرًا الى المدون عبد الكريم نبيل سليمان الذي حكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات في عام 2007 بتهمة quot;اثارة الكراهية للإسلامquot; وإهانة الرئيس. واضافة الى سليمان يوجد عدد آخر من المدونين تعرضوا للاعتقال ثمأفرج عنهم خلال عام 2008 .

ومن جانبه انتقد خبراء ومتخصصون مصريون التقرير، مؤكدين انه تضمن كعادة التقارير الأمريكية الكثير من المغالطات والمفاهيم الخاطئة، وتضخيم الكثير من القضايا لأهداف مشبوهة . ورأى سامى عبد الجواد خبير ومحلل سياسي أن هناك حالة تسامح من قبل الحكومة المصرية مع الخصوم السياسيين وقد أفرجت عن الكثير من المعتقلين مثل أيمن نور زعيم حزب الغد مما يعكس تطورًا ملحوظًا في ملف الحريات ويضع التقرير الأميركي على محك المصداقية. واضاف ان مصر توجد بها مساحة كبيرة من الحرية الصحفية مقارنة بدول اخرى كثيرة وان كانت تحتاج الى مزيد من الاتساع، لكن نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان يرى أن مصر تدخل يومًا بعد الآخر في أنفاق مظلمة نفقا تلو الآخر، مشيرا إلى أنه كانت هناك مساحة من الديمقراطية إلا أنها خالية من المضمون ولا تتفق مع الواقع المصري. وأرجع جبرائيل السبب إلى سياسة الحكم الواحد والسياسية الشمولية التي تتبعها الدولة قائلاً ان الحكومة تضع انفها في كل الأمور حتى انتخابات القضاة يشتم منها رائحة تدخل حكومي وسلطة تنفيذية.