القاهرة: يدافع وزير الثقافة المصري فاروق حسني عن ترشيح نفسه لرئاسة اليونيسكو، لكنّه يحارب على جبهتين ضدّ الاتّهامات الموجّهة إليه في الخارج بالعداء للساميّة والانتقادات التي يتعرّض لها داخل بلاده بمهادنة إسرائيل. وقال حسني في مقابلة مع وكالة quot;فرانس برسquot; إنّ ترشيحه quot;يستند إلى فلسفة رئيسة وهي التصالح بين الشعوبquot;.

ولا يؤيّد حسني التّطبيع مع إسرائيل قبل تحقيق السلام بينها وبين الفلسطينيّين، لكنّه يعتقد بأنّه، كمدير عام لليونيسكو، quot;سيكون من الأسهل له أن يخلق نوعًا من العلاقة الثقافيّةquot; بين الإسرائيليّين والعرب.
وسيتوجّه حسني اعتبارًا من الخميس المقبل إلى باريس ليعرض برنامجه أمام 58 عضوًا في المكتب التنفيذي لمنظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلوم والثقافة الذي يعقد دورة اجتماعات من السابع إلى الثالث والعشرين من أيلول/سبتمبر الجاري لاختيار رئيس المنظّمة المقبل من بين قرابة العشرة مرشحين.

وكانت تصريحات أدلى بها حسني مطلع العام وقال فيها إنّه quot;سيحرقquot; الكتب الإسرائيليّة إذا وجدها في المكتبات المصريّة قد أثارت ردود فعل سلبيّة في الكثير من السفارات الغربيّة.
وأعربت شخصيّات يهوديّة شهيرة مثل إيلي ويزل الحائز جائزة نوبل للسلام أو الفيلسوف برنار هنري ليفي عن استيائها من احتمال تولّيه رئاسة منظّمة اليونيسكو التي يفترض أن تعمل على تدعيم الحوار بين الثقافات.

واعتبر مقال شديد اللهجة نشر الأسبوع الماضي في مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركيّة التي تحظى بالاحترام أنّ ترشيحه لرئاسة اليونيسكو هو بمثابة quot;فضيحةquot; واتّهم كاتبه ريموند ستوك فاروق حسني بأنّه تعبير عن quot;عداء متنام لليهوديّةquot; في الدوائر الثقافيّة المصريّة.
وسبق أن اعتذر فاروق حسني عن تصريحه بشأن quot;إحراقquot; الكتب في مقال نشرته صحيفة quot;لو موندquot; الفرنسيّة في أيّار/مايو الماضي ولكنّه ما زال حتّى الآن يحاول محو الآثار التي ترتّبت على كلامه هذا.

ويقول حسني إنّ هذا التصريح quot;كان في سياق معركة مع أصولي إسلامي (كان يزعم أنّه توجد في مصر كتب مناهضة للإسلام) في ردهات مجلس الشعبquot;.
ويضيف: quot;لقد قلت ذلك كما لو كنت أقول بالإنكليزية quot;إذهب إلى الجحيم. في العالم كلّه توجد تعبيرات من هذا النوع تقال في حال الغضب، والعبارة التي قلتها أخرجت من سياقهاquot;.

ويضيف: quot;إذا كنت معاديًا للساميّة، فلماذا بدأت بترميم كلّ المعابد اليهوديّة في بلدي منذ العام 1998quot;.
ويتابع أنّه إذا انتخب مديرًا عامًّا لليونيسكو فإنّ الذهاب إلى إسرائيل quot;لن يشكّل له أيّ مشكلةquot;.

ولكنّ تصريحات حسني، الذي يتولّى منصب وزير الثقافة في مصر منذ 22 عامًا، أثارت انتقادات ضدّه في مصر حيث اتّهمه البعض بأنّه يهادن تجاه إسرائيل للإبقاء على فرصه للفوز بمنصب مدير عام اليونيسكو.
وقال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في تصريحات نشرتها أخيرًا مجلّة المصوّر الحكوميّة المصريّة إنّه quot;زعلان جدًّاquot; من فاروق حسني مضيفًا أنّ اعتذاره في صحيفة quot;لوموندquot; quot;تسبّب في شعوري بالأذىquot;.

وأصدر 26 مثقّفًا مصريًّا بيانًا العام الماضي انتقدوا فيه بشدّة حسني لأنه أجرى مقابلة مع صحيفة إسرائيليّة.

ويردّ حسني موضحًا أنّه بصفته وزيرًا للثقافة في مصر يظلّ معارضًا للتطبيع الكامل مع إسرائيل طالما لم تتمّ تسوية المشكلة الفلسطينيّة.
ويعتبر أنّ quot;التطبيع سيأتي في وقته ولكن ليس الآن، وعندما يتحقّق السلام سأكون أوّل من يطبّعquot;.

والانتقادات الموجّهة له بسبب تصريحاته عن إسرائيل تضاف إلى هجوم آخر سبق أن تعرّض له عام 2006 بسبب تصريح علني اعتبر فيه أنّ ارتداء المرأة للحجاب quot;عودة إلى الوراءquot;.
وأدّت الحملة ضدّه آنذاك إلى اعتزاله العمل لفترة بقي خلالها في منزله إلى أن هدأت العاصفة.

وعلى الرّغم من هذا الجدل، فإنّ فاروق حسني يعتقد بأنّه يحظى حتى الآن بتأييد 32 دولة من أصل 58 ستشارك في الاقتراع في حين تعارض أربع دول فقط ترشيحه.
غير أنّه يظل حذرًا إذ يرى أنه quot;في أيّ انتخابات يجب أن نبقى على الحيطة حتى النهايةquot;.