أبلغ مسؤول دبلوماسي عراقي "إيلاف" أن وزير الخارجية هوشيار زيباري أصبح الأقرب لتولي منصب رئيس جمهورية العراق خلفًا للرئيس جلال طالباني، الذي تنتهي ولايته بانعقاد أول جلسة للبرلمان العراقي الجديد بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة قريبًا، مؤكدًا أنه يحظى بتوافقات الكتل السياسية.


أسامة مهدي: قال المسؤول الدبلوماسي العراقي والمقرّب إلى زيباري إن كتلًا سياسية عديدة قد اتفقت على ترشيح وزير الخارجية لمنصب رئيس الجمهورية خلفًا للرئيس الحالي جلال طالباني، الذي تنتهي دورة رئاسته مع بدء الدورة البرلمانية الجديدة، التي ستعقب ظهور نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

وأوضح المصدر الذي تحدث لـ "إيلاف" مفضلًا عدم ذكر اسمه أن هذه التوافقات هي نتيجة للدور الكبير الذي لعبته وزارة الخارجية ممثلة في شخص زيباري في الدفاع عن مصالح العراق وإخراجه من تبعات الفصل السابع وللخبرة والمرونة التي يتمتع بها في التعامل مع جميع المكونات العراقية، وكذلك دوره الإيجابي في المحافل العربية والدولية والإقليمية بفضل توازنه واعتداله وفق هذه المستويات، مؤكدًا أن مصلحة العراق تقتضي في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها أن يتم هذا الاختيار بنجاح.

وردًا على سؤال عن رأيه في تقارير سابقة أشارت إلى أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني هو المرشح لخلافة طالباني في رئاسة البلاد، قال المصدر إن هذا صحيح، لكن ظروف الإقليم السياسية والخلافات الشائكة مع بغداد ستحول دون تقدمه لتولي المنصب. وأضاف أنه من هذا المنطلق فإن زيباري، وهو خال مسعود، يبقى المرشح الأفضل لتولي أعلى منصب رسمي في البلاد.

أول ظهور لترشيحات الرئاسة العراقية
يذكر أنه قد ظهرت في الرابع من الشهر الحالي أولى الترشيحات لمنصب رئيس الجمهورية العراقية الشاغر منذ إصابة الرئيس طالباني بجلطة دماغية في أواخر عام 2012 وسفره إلى ألمانيا للعلاج، ومازال هناك، إذ لم ينصح الأطباء بعد بعودته إلى بلده، حيث أعلن قيادي في حزب طالباني أن طبيبه الخاص محافظ كركوك نجم الدين كريم هو الأصلح لخلافته.

وفي تصريحات له عمّن يرشحه لخلافة طالباني في منصب رئيس الجمهورية، قال عادل مراد سكرتير المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني إنه محافظ كركوك، وطبيب الرئيس الخاص الدكتور نجم الدين كريم، وذلك استنادًا "إلى تاريخه السياسي ومواقفه الوطنية ونجاحاته الإدارية، ولذلك فهو الأكثر قبولًا من قبل مختلف الأطراف السياسية في الإقليم وبغداد لتولي هذا المنصب.

لكن رئاسة إقليم كردستان ردت على ذلك بالقول فورًا إن منصب رئاسة العراق استحقاق قومي للكرد، واشترطت أن يحظى أي مرشح لهذا المنصب بموافقة برلمان الإقليم.

وأضافت إنها تعلن "للقوى السياسية الكردية وأهالي كردستان العراق بأن منصب الرئيس من استحقاق القومية الكردية، وسنبذل كل الجهود للحفاظ على هذا الاستحقاق الدستوري للكرد". وأوضحت أن "أي مرشح لهذا المنصب يجب أن يمر بموافقة برلمان إقليم كردستان"، مؤكدة سعيها "إلى الإبقاء على هذا المنصب الدستوري لمصلحة الكرد".

الأكراد متمسكون بالرئاسة العراقية
معروف أن أكراد العراق متمسكون بمنصب رئيس الجمهورية، ويخشون خسارته، بعد إعلان نتائج الانتخابات وتشكيل البرلمان الجديد. وعلى الرغم من أن منصب رئيس البلاد فخري إلى حد كبير، فإن الأكراد يرون أن وجود ممثل عنهم في سدة الرئاسة يعد تعويضًا لهم عمّا تعرّضوا له من قمع إبان نظام صدام حسين.

ويشعر أكراد العراق حاليًا بالقلق من إمكانية خسارة هذا المنصب في مرحلة ما بعد الانتخابات، خصوصًا وأن هذا المنصب يمثل بالنسبة إليهم رمزًا مهمًا بعد عقود من القمع وحلقة وصل بين إقليم كردستان وبغداد. ويتولى هذا المنصب منذ عام 2006 جلال طالباني، وهو أول كردي يتولى منصب رئيس الجمهورية في العراق.&

وبحسب العرف السياسي غير المنصوص عليه في الدستور، يتولى الأكراد منذ عام 2006 رئاسة الجمهورية، والشيعة رئاسة الوزراء، والسنة رئاسة البرلمان. ويعد تولي شيعي لمنصب رئاسة الوزراء في التشكيلة الحكومية المقبلة أملًا مسلمًا به، لكن يبقى المنصبان الآخران غير واضحي المعالم، وقد يفرض على السنة والأكراد أن يتبادلا هذين الموقعين.&

يذكر أن الرئيس طالباني (80 عامًا) يعاني منذ سنوات من مشاكل صحية، وقد أجريت له عملية جراحية في القلب في ‏الولايات المتحدة في آب (أغسطس) عام 2008، قبل أن ينقل بعد عام إلى الأردن لتلقي العلاج جراء ‏الإرهاق والتعب. كما توجّه خلال العام الماضي إلى الولايات المتحدة وأوروبا مرات عدة لأسباب ‏طبية.‏

وجلال طالباني هو أول رئيس كردي في تاريخ ‏العراق الحديث، وقد انتخب رئيسًا لمرحلة انتقالية في نيسان (إبريل) عام 2005 وأعيد انتخابه في نيسان عام 2010 ‏لولاية ثانية لأربع سنوات أخرى.‏

ثم تدهورت الحالة الصحية لطالباني مرة أخرى في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) عام 2012 إثر إصابته ‏بجلطة دماغية أدخل على أثرها مستشفى مدينة الطب في بغداد من دون أن يستقر وضعه الصحي، فنقل بعد أربعة أيام إلى مستشفى متخصص في ألمانيا. وقالت الرئاسة العراقية في 20 من الشهر نفسه إنه قد تم استقدام أطباء ألمان إلى العراق، فأوصوا بنقل طالباني إلى ألمانيا على عجل، حيث أدخل إلى أحد المستشفيات الكبيرة هناك، ومازال يتلقى العلاج فيها.

زيباري.. مسيرة دبلوماسية حافلة&&
هوشيار محمود محمد زيباري من مواليد مدينة عقرة في محافظة نينوى الشمالية عام 1953. تعلم في الموصل، ومن ثم حصل على شهادة البكالوريوس في علم الاجتماع من الجامعة الأردنية عام 1976، وبعدها حصل على شهادة الماجستير في علم الاجتماع والتنمية من جامعة أسيكس في بريطانيا عام 1989.

كان زيباري مسؤولًا عن جمعية الطلبة الأكراد في أوروبا ورئيسًا للجنة الطلبة الأجانب في بريطانيا بين عامي 1978 و1980.. بعدها اشترك في المقاومة الكردية ضد نظام الحكم في بغداد خلال الأعوام بين 1980 و1988. وفي عام 1979 تم انتخابه للجنة المركزية التابعة لقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأصبح عضوًا منتخبًا في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني والممثل الأعلى للجبهة الكردستانية في أوروبا عام 1989، كما شغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية للحزب الديمقراطي الكردستاني خلال الأعوام 1988 و1991.

وفي عام 1992 تم انتخابه عضوًا في أول جمعية وطنية كردية، وأصبح رئيسًا لمكتب العلاقات الدولية التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، حتى تعيينه وزيرًا لخارجية جمهورية العراق. وخلال هذه المدة قام بمهام الدبلوماسية العامة وتنظيم مؤتمرات المعارضة العراقية وغيرها من الأنشطة الإعلامية.

أصبح زيباري في عام 1994 المفاوض الرئيس في عملية السلام الكردية، وساهم في محادثات السلام التي عقدت في باريس وايرلندا وأنقرة ولندن وواشنطن، والتي نجمت منها اتفاقية واشنطن للسلام عام& 1998 بين حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني.

ثم انتُخب زيباري في المجلس التنفيذي للمؤتمر الوطني العراقي (INC) عام 1992، وأصبح رئيسًا للعلاقات الدولية للمعارضة العراقية، وانتخب عضوًا في المجلس الرئيس للمؤتمر الوطني العراقي عام 1999. وفي عام 2002 أصبح عضوًا في لجنة التنسيق والمتابعة للمعارضة العراقية مسؤولًا عن التقصي الإعلامي والدبلوماسية العامة في الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية ودول الجوار للعراق لسنوات عدة.

وخلال الفترة بين 3/9/2003 ولغاية 27/6/2004 شغل حقيبة الخارجية للمرة الأولى بتكليف من قبل مجلس الحكم العراقي كأول وزير خارجية لجمهورية العراق بعد التغيير.

للفترة من 28/6/2004 ولغاية 7/4/2005 أعيد تعيينه وزيرًا للخارجية في الحكومة العراقية الموقتة التي ترأسها أياد علاوي. وللفترة من 3/5/2005 ولغاية 20/5/2006 أدى اليمين القانونية كوزيرٍ للخارجية في الحكومة الانتقالية برئاسة إبراهيم الجعفري. ثم للفترة من 20/5/2006 ولغاية 24/11/2010 أدى اليمين القانونية وزيرًا للخارجية في أول حكومة دستورية منتخبة في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، والتي ترأسها نوري المالكي. وفي 21 كانون الأول (ديسمبر) عام 2010 أدى اليمين القانوني وزيرًا للخارجية في الحكومة العراقية الدستورية الثانية، حكومة المالكي الثانية.
&

&