يرى ان هالة سرحان مذيعة جبارة هزمها الغرور
قطعا لم يتعلم فن الحوار من مفيد فوزي
عبد الجبار العتابي من عمان: من الصعب جدا محاورة من تكون مهنته المحاورة ، هنا .. لا نعرف الطريق الى الدخول اليه والتصرف في شؤونه ، والدكتور مجيد السامرائي واحد من ابرز المحاورين العرب ، فهو يستلهم اسئلته بعفوية ويخوض مع ضيفه مباراة تستخدم فيها كل اشكال الفنون ما عدا المخاشنة طبعا ، وبأمكانه ان يفتح صنبور الكلمات ، فلا تنقطع عنده ، تلك العفوية لديه جعلت برنامجه ينال ثناء ومشاهدة واسعة ، كما ينال الحسد ، وقد اجرينا مع السامرائي حوارا تسللنا فيه الى شؤونه كافة وحاولنا ان نستدرجه الى مواقع المشاكسة لكنه كان ينصب لنا فخاخا بفذلكته اللغوية .
ما اشتغالاتك الحالية ؟
- هو ليس مشروعا فلسفيا لكنه يقوم على تخوم علم النفس مع شيء من الشطحات وقليل من الانتهاكات لحقوق الاخرين اللذين يودون ان يحتفظوا باسرارهم حتى الرمق الاخير ، مجموعة حوارات مع شخصيات منتخبة في كل الميادين ، اقدمهم بطريقة مبتكرة في برنامج (اطراف الحديث)على الشرقية ، من بينهم عبد الرزاق عبد الواحد ، كوكب حمزه ، بهنام ابو الصوف ، حسين المؤيد ، يوسف العاني واخرون .
العديد من عناوين البرامج لديك ملفتة للانتباه .. كيف تصنعها ولماذا؟
تأتي عفو الخاطر ، او جزأ من صدر او عجز لبيت شعري ،او تلفيقات لغوية تأتي كيفما اتفق او تأتي مسبوكة او فيها من المحسنات البديعية ، التي انفق في صياغتها لحظة او دهرا.
ما ابرز المحطات في مسيرتك التلفزيونية ولماذا؟
(قطار العمر) التي قدمتني الى الناس وكنت فيها نجما لانه لم يكن هناك منافس للقناة العامة ، ثم برنامج (شيء ما)، و(حوار في الشريعة) والبرنامج الاذاعي (حوار بلا اسوار) وبرامج وثائقية عن اثار العراق .
حدثني عن لقب (الدكتور) الذي يسبق اسمك ؟
هو لقب نلته بعد جد واجتهاد اثر بحثي عن (الاستشراق في الفن) في مصر والعراق والذي نلت فيه الماجستير، ثم تابعت مسيرتي البحثية لاحصل على الدكتوراهفي فلسفة الفن وتحديدا في الفنون الاسلامية من اكاديمية الفنون الجميلة في جامعة بغداد.
ما اسرار اتقانك فن الحوار ؟
شكرا .. لانك تعتقد ذلك ، هناك من يرى العكس ، منهجي دائما هو السليقة التي يتحصن بها غير النحويين من امثالي ،الذين يقولون فيعربون ، لقد قرأنا مئات الكتب في مسيرة البحث رغما عن انوفنا ، ومايظهر على الشاشة هوغيض من فيض وعفو الخاطر وما اخذته عن امي وتلك الموروثات المنسية التي ألفها مجهولون والتي تنسب عنوة الى الفولكلور .
ممن تعلمت فن الحوار ؟
ليس من مفيد فوزي قطعا !!، ولكنه يجري في النفس مجال النفس ، انه فطرة ربانية ، ولا انكر انني تعلمت من اشخاص قرأت لهم في طفولتي ومراهقتي الصحفية وغابت عني اسماؤهم الان .
كم عدد الحوارات التي اجريتها للتلفزيون والاذاعة ؟
على عدد حبات المطر واوراق الشجر .
ما اصعب حوار اجريته ، مع من ؟ ولماذا؟
مع استاذ فلسفة الجمال في كلية الفنون الجميلة ببغداد الدكتور ثامر مهدي ،الذي شاء ان ينقلب عليّ على الهواء مباشرة بعد ان كان سهلا طيعا قبل ان نفتح باب الاستوديو ، فقد ركبته موجة من العناد وهو الذي يستطيع ان يجيب عن اي سؤال في كل اختصاص لانه متفلسف من الطراز الاول .
برأيك .. ما ابرز مواصفات المحاور الجيد ؟
ان يتحلى بالصبر والسلوان وان ينهل من عجائب الكتب يتعلم من عبر الزمان وان يسعى الى استبطان من يحاوره وان يسعى الى ان يغلبه من اجل الصالح العام الذي يصب في اذن المستمع او عين المشاهد .
ما الذي استفدته من الفن التشكيلي في عملك التلفزيوني؟
لما درسنا الفن التشكيلي درسنا معه علم الاجناس واللسانيات وتاريخ الشعوب وحفظنا الكثير من مؤلفات فريزر واولها الغصن الذهبي الذي يتحدث عن السحر عند القبائل البدائية ودرسنا الحيوان باعتبار متحجراته دليلا على قيام نوع من العبادات والفنون التي نشأت حولها ودرسنا علم النفس والانواء والاهواء والاثار والاخبار فلابد ان يظهر اثر كل ذلك في مانقول ونسمع ونكتب على الشاشة.
من هو المحاور العربي الذي توقف عنده ؟
- كل من تربى في مؤسسات اعلامية رصينة يستحق التوقف عنده والوقوف له احترامامثل اذاعة البي بي سي او قناة الجزيرة او مجلة صباح الخير المصرية او مجلة الف باء العراقية وغيرها .
ايهما اقرب الى نفسك كاميرا التلفزيون ام مايكروفون الاذاعة؟
كنت اسعى الى الظهور الجميل في التلفزيون وكان لابد ان يكون ( عندي ظهر ) يسندني الا انني الان افضل الرجوع للاذاعة من محاولة تقطيع اوصالي بلقطات يصنعها المخرجون على اهوائهم بحجة ان لاقاعدة في الاخراج استثني من ذلك ( حسن قاسم ) الذي احبني واحببته وهذا شرط العمل الناجح .
كيف ترى حال المذيعين ومقدمي البرامج الان ؟
اشاهد الكثيرين واتخفظ في اظهار الاعجاب امام الناس لان الذين يعجبونني لايعجبون الناس ، سلاح المذيع اللغة وبعض الناس ينجح بدون هذا السلاح ويحوز على جمهور واسع ، الظهور بين مد ومد ، اي يجعل للمقدم قاعدة جماهيرية ، مثلا هالة سرحان كانت في نظري مذيعة جبارة ولكنها في لحظة غرور ظنت انها تستطيع ان تلعب بالبيضة والحجر في المحرمات لذلك هي الان خارج مجال التغطية ، واعتقد ان الحظ يلعب لعبته مع بعض الوجوه ، مثلا انا اشاهد بانتظام (جمانة) التي تقدم برنامج (صباح الخير ياعرب) على (mbc) لانها سهلة وبسيطة ، هي من السعودية وكأنك معها تشرب من ماء زمزم ، محمود المسلمي كنت اسمعه من اذاعة لندن ، ولا اعرف ان كان مسجلا على قيد الهواء ام اختفى .
اينك الان من الصحافة؟
اكتب في الزمان ولكن ليس بانتظام ، كلما حاصرتني فكرة هربت منها الى الكتابة ، اكتب في زاوية زمانجديد والف ياء في الزمان اللندنية الصدور والعراقية المنتمى والمنحدر ساكتب عن بلدة لا نهر فيها وشعارها اجعل صيفك ربيعا ، وهي عمان التي اقيم فيها الان .
لماذا تخليت عن (مقعد امام الشاشة الصغيرة) ؟
لم اتخل عنه ولكن لم يعد للنقد معنى ، كنت حينما اكتب يتجمهر الناس في كافتيريا التلفزيون للرد عليّ او للنيل مني او اظهار اي شكل من اشكال الاعجاب ، (مقعد امام الشاشة) مااحلى الرجوع اليه .
غائب انت عن بغداد ، الى اي الاماكن منها يراودك الحنين؟
الوزيرية حيث يحفر العشاق من خريجي كلية الفنون الجميلة اسماءهم على اشجار اليوكالبتوس ، وجسر الصرافية الذي يفضي الى العيواضية والكرنتينةى حيث كان لصحيفة الجمهورية عرش وجلالة .
اغمض عينيك وتلمس طريقك الى سامراء ، حدثني عنه؟
اخر مرة زرتها لم اجد فيها مايشدني اليها فلاقبة الذهبيسطع ضياؤها ليلا ، والملوية لايجرؤ احد على ارتقائها ، وبطيخها بلا طعم ، ودجلة الذي كان في طفولتنا يمر بسامراء يغطي الشجر والحجر اصبح بامكان اي صبي لايجيد السباحة ان يجتازه مشيا .