*نباتات فلسطين ضعف مثيلاتها في بريطانيا
*لماذا تفرك البدويات أجسامهن بتفاح البحر الميت؟؟
*(الرجلة) من أكلات عبد الناصر المفضلة اخذها من فلسطين..!


القدس: فتن كثير من المستشرقين ورجال الدين الاجانب الذين زاروا فلسطين او مكثوا فيها بازهارها البرية، وبعضهم عمل على تجفيفها ولصقها على البطاقات وتسويقها لابناء جلدتهم، ومنهم وضع الكتب والابحاث والاحصاءات عن تلك الزهور التي يساعد ربيع فلسطين الطويل على ابقاءها شهورا يانعة مخضرة في البراري خصوصا تلك التي لم تصلها اسنان جرفات الاستيطان بعد.
في بداية مقدمة كتاب (أزهار برية من فلسطين) الذي صدر ضمن سلسلة دراسات الوعي البيئي الذي يحررها الدكتور جاد اسحق مدير معهد الابحاث التطبيقية والكتاب من إعداده بالاشتراك مع الباحث البيئي عماد الأطرش، يفاجأ القارئ بما جاء فيها من ان عدد النباتات الوعائية التي تم العثور عليها في فلسطين حتى ألان وصل إلى 2500 صنف (وهو حوالي ضعف عدد الأصناف النباتية الموجودة في بريطانيا على سبيل المثال، و التي تبلغ مساحتها أضعاف أضعاف مساحة فلسطين).
وربما لا تقتصر المفاجأة على هذه المعلومة الهامة فنقرا "ان التوزيع النباتي في فلسطين كاد ان لا يكون هناك مثلا له في أي بلد آخر، فمثلا يوجد في منطقة القدس وحدها اكثر من ألف صنف نباتي متنوع".
وتزهر هذه النباتات في معظمها في شهر نيسان وقليلها يزهر في شهر كانون الأول.
وتعيد مقدمة الكتاب أسباب هذا التنوع إلى عدة أسباب منها الموقع الجغرافي لفلسطين كمنطقة التقاء القارات الثلاثة، والطبيعة المناخية والتنوع المناخي في مساحات قليلة. وكون فلسطين كانت مسرحا لصراع كثير من الحضارات تم إدخال العديد من الأنواع النباتية أما قصدا بواسطة الإنسان أو أما عن غير قصد بواسطة الحيوانات.
ويلعب الماء دورا أساسيا محددا في نمو النباتات في فلسطين، وبسبب تفاوت الكميات المتساقطة من الأمطار من منطقة لأخرى فان النباتات البرية، وبذكاء تحسد عليه..!، تكيفت وتأقلمت مع هذه التغيرات في نسبة سقوط الأمطار، ومن أشكال هذا التكيف كما يورد الكتاب زيادة امتصاص المياه من حوض الأرض وتقليل التبخر، حتى ان الأشجار المثمرة غيرت من شكلها سواء كان في شكل الساق أو الأوراق أو الجذور وذلك لمقاومة الجفاف وتقليل النتح والتبخر التي تفقد عن طريقه كميات ليست قليلة من المياه، وكذلك تحاول الاحتفاظ بكميات احتياطية من المياه لاشهر السنة التي تقل فيها كمية الأمطار.


ومن (حيل) النباتات على الطبيعة، جعل السيقان اغلظ واسمك من قبل، والأوراق تصبح صغيرة لتقليل الثقوب التي من خلالها تفقد النبتة كميات ليست قليلة من الماء عن طريق النتح، أما جذور النباتات فتتطور لتصبح اغلظ واكثر تشعبا وقوة، حتى تستطيع الوصول إلى أماكن تواجد المياه الجوفية والمخبأة في باطن الأرض والتي تكون قد ترسبت هنا بعد سقوط الأمطار.
وهناك العديد من النباتات تخزن الماء والغذاء والأملاح بداخلها للاستفادة منها في أوقات الحر الشديد.


للطب منها نصيب
ويورد الكتاب معلومات مختصرة و صورا عن نحو 100 من النباتات، ومما يلفت الانتباه إيراد فوائد طبية لبعض النباتات والتي كان يستخدمها الأجداد للتطبيب مثل نبات (سماق الدباغين) الذي يعتقد انه مفيد ضد الإسهال المزمن حيث يستعمل ثمره في صنع مشروب حامض لهذا الغرض، ونبات (تفاح البحر الميت) الذي يستعمل سائله علاجا ضد العقم عند النساء ويقدر البدو هذه النبتة وتفرك النساء البدويات أجسامهن بالسائل الحليبي الذي ينزل من الشجرة لاعتقادهن ان ذلك يجعل الحمل سهلا رغم المخاطر لأنه إذا لمس هذا السائل العين يمكن ان يسبب لها العمى، ولسان الحمل أو آذان الجدي والذي يستعمل كمضاد للإسهال ولتجليط الدم بسبب وجود مادة هلامية وكلوكوزية الايكوبين، والزعفران الشتوي الذي يعتبر مهدئا للمعدة والأمعاء وطاردا للغازات ويعمل على تنشيط الإدرار البولي وإفراز العرق ويستعمل مستخلصه المائي في علاج نزلات البرد والسعال الديكي، ويعمل على تنشيط الإدرار البولي وإفراز العرق، والحنضل الذي استخدمه الأطباء القدماء في تطبيب الإسهال. وللمريمية التي تستخدم على نطاق واسع فوائد صحية كتنقية الجهاز التنفسي، وتساعد في إفراز العرق من الجسم، وتمنع تكون الحصى في الكلى، وتساعد في تخفيف أمراض الروماتزم، وشرابها يمنع تساقط الشعر. ويستخدم الخروع كمادة ملينة ومسهلة لحالات الإمساك المزمن تستعمله النساء في غسيل الشعر بإضافته للشامبو لزيادة بريق الشعر ومنع تقصفه، وتغلى أغصان وأوراق (رجل الحمام الفلسطينية) بعد تجفيفها ويشرب منها من لديه حصوة في الكلى وهي مدرة للبول أيضا. وتستخدم مستخلصات من نبات (السكران) في صنع عقاقير مسكنة وفي طب العيون وهذا النبات سام، ومن النباتات الشهيرة جدا في فلسطين (الصعتر) او الزعتر الذي يقال انه يعالج التهابات الرئة والسعال الديكي ويسكن آلام المعدة ويداوي الأمراض الجرثومية في المعدة والأمعاء ومهدئ للأعصاب. وهناك تلك النبتة التي أهانها أهلها واخذوا يستوردونها من الخارج (البابونج) أو كما يسميها الفلاحون (القريعة) ويشرب سائلها المغلي لطرد البرد. وتستخدم (الجعدة) مرة المذاق لتخفيف آلام المعدة من الرياح.


الجمال السام
وهناك العديد من النباتات التي تخفي خلف جمالها موادا سامة، وربما اشهرها (اللوف) الذي يأكله كثير من القرويين، وهناك نوع منه اسمه العلمي (لوف فلسطيني) وهي عشبة سامة بكافة أجزاءها وتفقد جذورها سميتها بالتجفيف والغلي، أما بالنسبة للحنضل الذي يضرب به المثل لشدة مرارته فان ثمرته سامة أما البذور فهي بيضاء أو بنية غير سامة وصالحة للأكل.
وربما كانت اشهر النباتات السامة هي (الدفلى)، رغم جمالها الذي جعلها تنتشر في مناطق كثيرة في العالم لتزيين الحدائق و الشوارع والتي شبه نزار قباني حبيبته بها، ولكن من أخطرها (زوان مسكر) وهو نبات من الفصيلة النجيلية، ينبت بريا في الزرع والمروج ويجب تنقية الحبوب منه (كالقمح والشعير) بسبب خطورته، وربما تخدع (بندورة الحيات) الإنسان فيحاول أكلها بسبب أنها بندورة ولكن حذار فهي سامة ..جدا، اما تفاح المجانين فهو نبات معروف حتى ان الكاتب الفلسطيني يحيى يخلف، وهو الان وزيرا للثقافة، له رواية تحمل هذا الاسم، وهو نبات عشبي معمر سام وطبي، سمي بهذا الاسم بسبب التأثير المخدر لثماره، وتجذب النبتة الإنسان والحيوان إليها برائحتها الطبية المسكرة،.


استخدامات اخرى
يستخدم نبات سماق الدباغين (الأوراق والثمر واللحاء) في دبغ الجلود وصبغها، ولكن المعروف ان الكثير من الأمهات يجففن ثمره ويسحق ويمزج مع الصعتر أو أنواع أخرى من التوابل كبهار أو دواء.
وهناك (بلان العوسج) النبات الشائك الذي يستعمل في الأفران أو في كنس الأزقة بعد تجفيفها، ويستخدم البعض ثمار نبات (الكبار) للآكل وذلك بتخليل البراعم بماء الملح والخل قبل آكلها، ومثلها نبتة (قرن الغزال) أو الزعمطوط أو عصا الراعي، فهذه النبتة، ومن شدة جمالها أطلقت عليها أسماء كثيرة وفي بعض المناطق تستعمل أوراقها في الغذاء وذلك بطبخها مع الأرز، ومن النباتات الشهيرة المستخدمة في الأكل (بقلة مباركة) ومعروفة باسمها الشعبي (الرجلة) وفي إحدى الحوارات مع نجل الرئيس المصري السابق خالد عبد الناصر ذكر ان طبق (الرجلة) كان مفضلا لدى والده الذي تعرف عليها أثناء حصار (الفالوجة) خلال حرب فلسطين (1948)، وهناك بقلة تعرف باسم (العكوب) يتبقلونها في الربيع وتباع في الأسواق ويطبخ منها الساق والعروق والورق، وزهرتها عبارة عن راس مزهر وهو يؤكل ويعتبره البعض طعاما فاخرا تفوق لذته الأرضي شوكي. وتشبه هذه النبتة نبتة (خرفيش الجمال) التي يتبقلونها ويطبخون ساقها وعروقها وورقها بعد إزالة الأشواك عن النبتة، وتستخدم (صعتر البر) والتي يطلق عليها أيضا (زعتمانة) مع الأكلات الشعبية وهي ذات رائحة عطرة وتختلف قليلا عن رائحة (الصعتر)، وهناك من يستخدم أوراق (السلفيا الفلسطينية) بحشوها بالرز وأكلها.
ولنبتة الحصادة او البليحاء رائحة مميزة تستعمل في صباغة الصوف الحرير وتظهر هذه الرائحة بشكل افضل حين فركها بين الأيادي ويزول لونها بسهولة بواسطة الماء.


أسماء دالة
ومن الأمور الملفتة أسماء هذه النباتات المنتشرة في فلسطين، ولم يتوقف الباحثان كثيرا عند أسباب هذه التسميات، إلا قليلا مثل ما ذكراه عن (المريمية) عن انه عندما "هربت سيدتنا مريم مع الطفل يسوع إلى مصر من الملك هيرودس جلست متعبة تحت ظل شجيرة وقصفت غصنا منها ومسحت وجهها بأوراقه حتى شعرت بالانتعاش بسبب شذاها، ثم قال للنبتة : لتكوني مباركة إلى الأبد، ومنذ ذلك الوقت تدعى النبتة بالمريمية تخليدا لذكراها، وهي حقيقة مباركة لذا فان النساء الفلسطينيات يقدرن المريمية و يحبنها معتقدات بأنها مليئة بفضيلة الصحة".
وهناك أسماء ذات دلالة مثل (زهرة الشمس الوردية) و(سيف الغراب) و(لحية التيس) و(آذان القط) و(الشقيق المقدسي) و(آذان الدب) و(دم الغزال) و(قراص كاذب) و(لسان الثور) و(قثاء الأنبياء) و(ساق الحمام اليهودي) و(عين الأسد- أدونيس) و(آذان الدب) و (لبن الطير) و(قاتل الكلب) و(زهرة الجرب الفلسطينية) و … غيرها.
هل علاقة لهذا الأسماء بمثلوجيا فلسطينية؟؟
سؤال للباحثين المعنيين.