اسماعيل ابراهيم من بغداد: بعد تفجير ضريح الأماميين علي الهادي والحسن العسكري الذي مثل قمة التراجيديا في المشهد العراقي الدامي، الذي يلملم جراحة منذ ثلاث سنوات وكلما التئم جرح اندمل آخر، فلم تنته سلسلة السيارات المفخخة وتفجير الاسواق والمحال التجارية والجوامع والكنائس التي لم تفرق بين الطفل والمرأة والشيخ الكبير بين الشيعي والسني بين المسلم والمسيحي والتي أزهقت الكثير الكثير من الأرواح البريئة، حتى أضحى العراقيون ليس لهم من أمنية في هذا الوجود سوى العيش بأمان وسلام. ان الاعتداء على حرم الأماميين من وجهة نظر ( الشيعة ) يمثل الذروة في الجراح والآلام. فالشيعة الذين عرفوا بحبهم الشديد الى آل بيت النبي حتى اتهمهم أعداؤهم بالغلو في هذا الحب، فشبهوا حادث التفجير باللحظة التي أجهز فيها شمر بن ذي الجوشن على جد الأماميين المعتدى عليهما ظلما وعدوانا هي لحظة حز راس السبط الشهيد الحسين بن علي. ورأوا ان لحظة التفجير هي ضربة عبد الرحمن بن ملجم راس أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، ان كان الشيعة يبكون الحسين منذ 1400 سنة فهم بالتأكيد سوف يبكون الأماميين العمر كله كما يرددون اليوم.

فعل المخيال
وللوقوف على اراء الشارع العراقي ومدى ما يشكل هذا الحادث من تداعيات على رباط الاخوة بين السنة والشيعة التقت ايلاف بالأستاذ ( جعفر نجم ) أستاذ مادة علم الاجتماع في الجامعة المستنصرية وسألته quot; ايلاف quot; عن تفسير ما يجري في العراق اثر حادث التفجير المروع؟
*quot;انها ردة فعل دينية شعبية جراء انتهاك قدسية رمز إسلامي عموما وشيعي أمامي خصوصا كما أنها ردة فعل طبيعية تمثل فورة غضب شعبية وليست ثورة جماهيرية لانها غير منظمة عموما وأيضا هي تمثل عملية احتقان طائفي مسبق ضد طائفة بعينها ولعل ما يسمى المتخيل او المخيال الشيعي ضد الآخر السني قد فعّل من قبل جهات غير واعية لهذا التفعيل الخطير الذي يهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي.
- من تعتقدون يقف خلف هذا الحادث؟
الحقيقية نعتقد ان من يقف خلف هذا الحادث الإجرامي يتحمل عدة أجوبة قد يكشف عنها التحقيق، أولها الذي يراهن على أحداث الحرب الأهلية ndash; الطائفية ndash; لاجل الاستفادة من ذلك استعماريا وتبرير تواجد الاحتلال والثاني هم بقايا النظام البعثي الصدامي الذين يريدون عرقلة العملية السياسية في العراق، واخيرا المتطرفون التكفيريون والذين تجرأوا سابقا على هدم أضرحة الأئمة عام 1881 بحركة قبلية متطرفة وهم يريدون إنجاز تحقيق طروحاتهم حول القضاء على المعالم الدينية التي يعدونها حسب عقيدتهم الباطلة ( أضرحة وثنية).

- من يسيطر على الشارع العراقي بشقية ( السني والشيعي ) وهل يمكن للقيادات العراقية الدينية والسياسية السيطرة على ردات فعل الشارع واحتواء الأزمة؟
ان المرجعيات والقيادات الدينية والسياسية هي من يسيطر على الشارع واعتقد ان الأزمة يمكن احتوائها ولعل الان بوادر احتواء كثيرة ظهرت لاسيما من قبل سماحة المرجع الاول في العراق ( السيد السيستاني ) وكذلك زعامة التيار الصدري بشخص السيد مقتدى الصدر كما ان ما صدر من تصريحات وبيانات من قبل هيئة علماء السنة او من قبل قادة التوافق كانت تدعو الى التهدئة واحتواء الأزمة، فالجميع يدرك ان نار الفتنة هذه لا يخرج منها طرفا منتصرا فالجميع خاسر.
واعتقد ان على الجميع إظهار الاستنكار والشجب والابتعاد عن الخطب النارية والدعوة الى التهدئة وضبط النفس كما انه على الحكومة ان تمسك بالأمن وتضرب بيد من حديد على من يريد زحزحة الأمن والاستقرار.

كما التقت ايلاف بالسيد صباح السامرائي 40 سنة من بغداد الجديده والذي قال لايلاف quot; ان من يقف خلف هذا الحادث هي أمريكا بلا شك فهم جاءوا ليبقوا والأمن والاستقرار نذير بخروجهم أذن الفوضى والحرب الأهلية هي من يبقيهم وقد فعلوها وفجروا قبة الأمام رضي الله عنه لكي تنشب الحرب بين الشعب لكن أكيد الشعب العراقي واعي وسوف لا ينفذ ما تريده أمريكا quot;.

ايادي بعثية
و التقت ايلاف بالشيخ جمعه العطواني مسؤول المكتب الثقافي والإعلامي لحركة حزب الله في العراق والذي سألناه عن الحادث وتداعياته فقال:
ان العملية السياسية في العراق ولحد الانتخابات الأخيرة كانت تسير بنجاح كبير تجسد في المشاركة الواسعة الاخوة السنة فيها والذين فازوا بأكثر من ستين مقعدا، الا ان فوز قائمة الائتلاف بالحقيقية لم يرض القوات الأمريكية والتي كانت تدعم الدكتور علاوي من هنا بدأت تلتقي بما يسمى بالمسلحين والبعثيين في محاولة منها لجرهم في العملية السياسية رغم تلوث أيدهم بدماء الشعب العراقي، كما أن التآمر على الائتلاف بلغ ذروته عندما صرح زلماي السفير الأمريكي بان دولته ترفض ان يستلم الوزارات الأمنية طائفيين وهو اتهام باطل الى الائتلاف وضغط على وزارة الداخلية التي انسحبت كثيرا تحت الضغط الأمريكي، كما ان الصداميين او التكفيريين هم الأداة التي نفذت هذا الحادث الأثيم الغادر.
- ان القادة يبرز دورهم في هكذا مواقف ما هو دور القيادات العراقية لاحتواء الأزمة والتي لا نبالغ ان قلنا أنها تنذر بحرب اهلية؟
*ان القيادات العراقية الدينية والسياسية تعي ذلك بالتأكيد لذلك مباشرة بعد الحادث الأثيم بادر سماحة المرجع السيستاني الى اجتماع ضم المراجع الكبار وهم ( محمد سعيد الحكيم ومحمد إسحاق الفياض والشيخ بشير النجفي ) وقد اصدروا فتوى بعدم المساس باي جامع او مزار للاخوة السنة، وكذلك فعلت المرجعيات السنية بإدانة الحادث، لكن ما حصل اعتقد هو من بعض الصداميين الذين نفذوا حادث التفجير في محاولة منهم لشق وحدة الصف، او بعض الجهال الذين انجروا بدافع العاطفة والذين يجب ان تتم محاسبتهم.
واذكر ان البعثيين لهم موقف مشابه ففي سنة 1991 واثناء الانتفاضة الشعبانية قام بعض البعثيين في سامراء بهدم مدرسة الامام الشيرازي ndash; قائد ثورة العشرين ndash; وتسويتها بالأرض كرد فعل لما حصل من انتفاضة الشيعة.

قتل جماعي
كما اتصلت ايلاف بالمحامي خليفة الشمري والذي كان عدد من عمومته وابناء عمومته في حادث القتل الجماعي الذي وقع بين منطقة النهروان وبلدروز شرق بغدادوذهب ضحيته ( 47 ) من الابرياء الشهداء والذي كان مفجوعا من هول الكارثة ويقول ان مجموعة من الارهابيين نصبوا سيطرة وسط الطريق واخذوا يوقفون السيارات القادمة من منطقة بلدروز باتجاه النهروان ndash; بغداد ويقتلون الناس على الهوية وفي ظرف ساعة قتلوا 47 شخص ذنبهم انهم من الشيعة.

كما اتقلت ايلاف بالسيدة ام مريم 39 سنة معلمة قالت: quot; يخطأ من يظن ان الأمر مجرد جامع او ضريح يتم بناءه بعد يوم او يوميين وقد علمت ان الرئيس الطلباني ورئيس الوقف السني والرئيس بوش والمرشد الاعلى لإيران واخرين تبرعوا لبناء الضريح. أبدا المسألة ليست بهذه البساطة ان التفجير كان في قلب كل مسلم وليس الشيعة فقط في كل مكان في هذه الأرض وبالذات العراقيين منهم فهو المعنيين بحماية الأماميين، وقد قصروا في ذلك، وان التكفيريين هم من يقف خلف ذلك فقبل يوم كان هنالك احد منهم فجر جسده القذر وسط باص لركاب تصروا من يصعد الباص غير الفقراء والبسطاء الكسبة والذين ينتظرهم أطفالهم بلهفة وشوق ليعودوا الهم أخر النهار وهم يحملون قليل من الطعام او الحلوىquot;.
و التقت ايلاف بالسيد ابو علي وهو من التيار الصدري وسألناه عن اثر الحادث في وحدة الشعب العراقي المسلم بطائفتيه السنة والشيعة فقال: ان الحادث يشكل منتهى الخسة والجريمة وقد استطاع الارهابيين ان يدموا قلب كل مسلم بهذا التفجير، لكن الشيء المؤكد ان الوحدة والاخوة بين السنة والشيعة باقية وقد رسم معالمها السيد الشهيد محمد باقر الصدر والذي قال quot; من قال هذا سني وهذا شيعي فهو ليس من السنة والشيعة quot; لذلك نحن نؤكد هذا الوحدة وندعو اليها بكل الطرق وقد دعا المرجع كاظم الحائري الحسيني ndash; وهو من يرجع اليه التيار الصدري في التقليد ndash; دعا اتباعه الى:
1 إنّ العدو الغادر يُريد إحداث الفتنة بين المسلمين، فعليكم بالاتّحاد جميعاً ضدّ الإرهابيّين، وضدّ قوّات الاحتلال، ولا يجوز التعرّض لإخواننا السنّة ومساجدهم.
2 تُعطّل الدوائر والمتاجر والأسواق ثلاثة أيّام.
3 الحداد لمدّة اُسبوع، وإظهار معالم العزاء من نشر الرايات السوداء وغيرها، وتعطّل الدروس في الحوزات العلميّة في تمام الفترة.
4 التعبير عن سخطكم لما جرى وبكلّ الأساليب السلميّة.
5 لا يجوز التعدّي على الممتلكات العامّة، ويحرم العبث في الشوارع وغيرها.
6 تعاونوا مع أبنائنا من قوى الأمن، لقطع الطريق على النواصب والبعثيّين كي لا يحصلوا على ثغرة يضرّوكم منها
لذلك نحن كتيار نتبع ما يقوله قياداتنا وقد انبرى مجموعة من انباء التيار لحماية المساجد والجوامع السنية الا ان البعض فهم من ذلك اننا نحتل الجوامع وهذا غير صحيح حيث تم اخلائها وتسليمها الى الاخوة السنة وان من تعض لهذه الجوامع سوف يعاقب وسوف نقوم نحن بصيانتها وتنظيفها فهي قبل كل شيء بيوت الله التي اذن ان ترفع.
وقد اصدرت هيئة علماء المسلمين بيان تنديد عقب الحادث الاثيم وبيان اخر بعد التداعيات التي اعقبته اثر درة الفعل الغاضبة جاء فيه:
بعد حدوث الكارثة كنا متوقعين خروج الجماهير العراقية مدفوعة بمشاعرها المخزونة والجياشة اتجاه آل البيت الأطهار وكان أول خروج لها في سامراء في تظاهره سلمية شاجبة ومستنكرة لهذا الحدث الجلل وقد نقلت ذلك مراسلة العربية بكل أمانة وصدق وذهبت ضحية الكلمة الصادقة والحرة والنـزيهة إلا أن الأيدي الخفية والمسمومة اندست بين الجماهير الغاضبة لتستغل هذه المناسبة التي بدأت بتوحيد الصف العراقي تشغلها لتكون أداة تفريق وتمزيق للصف العراقي الوطني.

إن الحصيلة التي آل أليها الأمر إلى هذه اللحظات قائمة طويلة بحرق مساجد أهل السنة والتي وصل عددها إلى (168) مسجداً ما بين مختطف ومتضرر ومحترق حتى منبره وإحراق المصاحف أضافة إلى ذلك عندنا عشرة شهداء من أئمة وخطباء هذه المساجد لقد دخلوا عليهم في بيوتهم والبعض منهم في حرم المسجد وأمطروهم بالرصاص كذلك عندنا (15) معتقلاً من الأئمة والخطباء واغلبهم جرحى ولا يزال مصير هؤلاء مجهولاً ولذلك وبعد كل هذه المآسي المخطط لها من قبل جهات معلومة ومعروفة تريد تأجيج الصراع والتي وصلت إلى حالة اليأس من أن يحدث ذلك على ارض العراق.

كما ان السيد محمد حسين فضل الله وهو من مراجع الشيعة في لبنان والعالم ادان الحادث بشدة وكذلك ندد بالهجوم على الجوامع ويذكر ان كافة المرجعيات الشيعية قد اعلنت الحداد سبعة ايام اسوة بما اعلن السيد علي السيستاني وتعطيل الدروس في الحوزات العلمية والتظاهر بشكل سلمي واعلان الحداد والحزن العام كما يحصل في عاشوراء الحسين، ومن جهة اخرى بعث آية الله السيد هادي المدرسي برقية إلى شيخ الأزهر و سائر علماء المسلمين طالب الدفاع عن شرف رسول الله و أهل بيته و قائلا: quot;الاعتداء الآثم على قباب أئمة أهل بيت النبي في سامراء، هو اعتداء صارخ على كرامة رسول الله و كرامة أهل بيته العظام.quot;
quot; وإذا كانت الصور المسيئة لرسول الله تستدعي الإدانة، دفاعا عن شرف النبي و قدسيته، فان هذا الاعتداء الذي تطاول ضرائح أبناء رسول الله لحمه و دمه فيه اسائة أعظم للرسول الأكرم ويستدعي ادانة اكبر و دفاعا أقوى; فشرف اهل البيت هو من شرف جدهم المصطفى و شرف جدهم شرفهم أيضا.quot;
اغلقت جميع الدوائر الحكومية والمدارس ابوابها الخميس في محافظة الانبار استجابة لنداء الحكومة باعلان الحداد العام على التفجيرات سامراء.
واليوم تبدو بغداد وصلاح الدين حيث تقع سامراء وديالى حيث يكمن عدد من اتباع القاعدة بعد هروبهم من الانبار خالية شوارعها اثر تمديد حضر التجوال ليشمل النهار ايضا خشية ان تتسبب خطب جمعة نارية بايقاض الفتنة من جديد بعد ان ساهت تصريحات بعض القادة في جبهة التوافق خاصة في الحزب الاسلامي بصب الزيت على النار اول امس الامر الذي تسبب بمهاجمة المساجد التي تحوي مكاتب هذا الحزب انتقاما من تهدايدات نارية اطلقها طارق الهاشمي. بالاضافة الى اندفاع المتظاهرين تجاه مساجد السلفيين الذين يكفرون في خطبهم الشيعة.

[email protected]