الفرش الحديثة تهدد اصحاب الحرف الشعبية في العراق
صباح عرار منبغداد: يقول ابو احمد منجد الفرش القديمة المصنوعة من القطن، ان غزو السلع الحديثة لاسواق بغداد quot;يقطع ارزاقناquot; فضلا عما يشكله عزوف الشبان عن الزواج من انحسار لهذه المهنة المتوارثة في المناطق الشعبية quot;ابا عن جدquot;.
وتنتشر ورش صناعة المفروشات القطنية حاليا في العديد من ازقة المناطق الشعبية بعد ان كانت في عموم احياء بغداد فضلا عن انحاء اخرى من البلاد.
وبدات هذه الحرفة الشعبية، التنجيد، تشهد انتشارا واسعا مطلع عشرينات القرن الماضي. ويعرف صاحب المهنة بالمنجد او النداف وهو يتولى حشو الوسائد واللحف بالقطن قبل خياطتها.
وادوات المهنة بدائية منها القوس الوتري الذي يطلق عليه اسم quot;الكوزquot; ثم المضرب الخشبي وعصا قصيرة لضرب القطن الصلب بالاضافة الى خيوط وابر.
ويتابع ابو احمد (55 عاما) الذي يتخذ من احدى الامكنة الشعبية في الكاظمية (شمال العاصمة) مقرا له quot;لا يمكن ان نترك المهنة لانها حرفتنا الاصيلة ومهنة اجدادنا رغم محدودية عملنا في الوقت الحاضر وقلة مردودها الماليةquot;.
ويضيف ان quot;المفروشات التي نصنعها هي الوسائد والفرش المحشوة بالقطن الذي يستورد حصرا من سوريا فضلا عن القطن العراقي ذي الجودة النوعيةquot;.
ويتراوح ثمن فرش السرير الكبير لشخصين بين ستين وسبعين دولارا بينما يبلغ سعر الفرشة للشخص الواحد 30 دولارا، وهو مرتفع بالنسبة للعائلات التي تسكن المناطق الشعبية.
ويضيف ابو احمد ان quot;العراقيين ما زالوا يقبلون على صناعتنا ولو بنسبة ضئيلة لانهم يفضلونها على المنتجات الجاهزة المصنوعة عادة من الاسفنج الذي لا يلقى الاستحسان لدى البعضquot;.
وقبل عشرين عاما، ادخل المنجدون الالة الى عملهم وهي عبارة عن ماكينة لولبية تعمل على حلحلة الكتل القطنية ونتفها في الوقت ذاته فيصبح اكثر نعومة وليونة.
ويعمل في ورشة ابو احمد شخصان اخران.
من جهته، يقول احمد عباس (44 عاما) quot;منذ اكثر من ثلاثين عاما وانا امارس هذه المهنة التي تعلمتها من والدي ونشات عليها حتى اصبحت مصدر رزقي الوحيدquot;.
ويضيف quot;رغم قلة الاقبال على الفرش المصنوعة في ورشتنا، هناك من يفضلها ونعمل لمصلحة من يرغبون بتزويد منازلهم هذه المقتنيات سواء الوسائد او الفرش. لدينا زبائن يترددون علينا باستمرار واقمنا علاقات متينة معهمquot;.
يشار الى ان العائلات العراقية كانت قديما تدعو المنجد الى منازلها لصناعة الفرش من القطن او عندما تريد تجديد بعضها بحيث كان يمضي عدة ايام بينها لانجاز مهتمه.
ومهنة التنجيد من الحرف الشاقة نظرا لما يتنشقه صاحبها من غبار القطن خلال عملية التفتيت، يمكن ان تؤثر في صحته في وقت لاحق.
وتفضل ربات الاسر في العراق هذه المصنوعات الشعبية لما تتمتع به من مواصفات ولاكمال تجهيزات المنزل. والبعض يتندر بوفرة الفرش لديه باعتبارها دليلا على سعة صدره واستقباله الضيوف بكثرة.
وقالت احداهن ان quot;الفرش القطنية من الاشياء الجميلة بالوانها (...) فضلا عن سهولة نقلها وترتيبها عندما نريد حفظها فالفرشة المصنوعة من الاسفنج غير مريحة وتنظيفها صعبquot;.
وتضم ناحية الكرخ (غرب دجلة) او الرصافة (شرق دجلة) ورشا للمنجدين وخصوصا في مناطق الفضل والمهدية والشواكة والكاظمية حيث تنتشر في ازقتها دكاكين صغيرة مخصصة لهذه الحرفة الشعبية.
وقد شهد العراق خلال الاعوام القليلة الماضية تدفق السلع الحديثة التي بدا العراقيون استخدامها لانها جاهزة ولا تتطلب وقتا لاقتنائها.
التعليقات