مزارعوا العنب يتجهون نحو تجفيف الجزء الأكبر الى زبيب
سلطان العميثلي من صنعاء: أيام قلائل وتكتظ الأسواق المحلية بأنواع عديدة من فاكهة quot; العنب quot; ( الكروم) التي يبدأ موسمها الحصادي منذ النصف الأول من يوليو من كل عام.
مديرية أرحب (محافظة صنعاء) واحدة ضمن قائمة بمناطق زراعية تشتهر بزراعة هذه الفاكهة والمعروفة بـالعنب الارحبي نسبة إلى اسم المديرية، رغم تعدد أنواعه وألوانه كالرازقي والعرقي والأسود والبياض والنشان والعاصمي وغيره..
الحاج مهدي شعلان ( أحد كبار مزارعي العنب بالمديرية ) قال:quot; زراعة العنب في مديرية أرحب تعتمد وبشكل رئيس على مياه الأمطار الموسمية نظرا لانعدام السدود والحواجز المائية التي نجم عنها شح في المياه الجوفية، إضافة إلى التوسع الكبير في زراعة القات واعتماد زراعته الى مياه الآبار الارتوازية رغم قلة عددها وعتادهاquot;.
وتلك العوامل ساهمت في ان يعتمد أبناء المديرية في زراعتهم لأشجار العنب على مياه الأمطار الموسمية، بل أن تهديدا بالانقراض أصبح وشيكا لأشجار العنب في المديرية، حسب تعبيره.
العم مهدي الذي حبذ أن نلقبه بـ أبو صلاح الدين، خلال صحبته لنا بين أعنابه، قال quot; رحلتي مع محصول هذا العام من العنب تبدأ منذ اللحظة الأولى لتوديع محصول العام الماضيquot;، موضحا انها رحلة تضم في طياتها الكثير من المهام والأشغال الزراعية التقليدية، تتوزع على فصول السنة الأربعة، وتشمل عملية البقيس ( قص الجذوع التي خرجت محملة بثمار العام الماضي لتستبدل بجذوع وأوراق أخرى تحمل الثمار الجديدة، يلي ذلك تخليق الجذوع والأوراق من بعض كثافتها التي نمت بها قبل ظهور بذور ثمرة العنب، لتستمر تلك الرحلة عبر تعفير أشجار العنب بالتراب ولعشرات المرات، وعمل ركائز سواء من الحديد او الأحجار لرفع تلك الأغصان وما ستحمله من أعناب عن الأرض وصولا الى جني المحصول ( العنب ).
ويؤكد ابوصلاح الدين quot; ان ما يحصده، بل والأغلبية من مزارعي المديرية من ثمرة العنب بأنواعها وألوانها المتعددة لا يتم بيعه في السوق مباشرة بعد قطفه كفاكهة.. موضحا ان الجزء الأكبر من تلك الأعناب يتم تحويلها الى زبيب عبر عملية كلاسيكية وتقليدية ايضا تستغرق نحو الشهر والنصف الى الشهرين.
ويعلل العم مهدي اقباله ومزارعي العنب بالمديرية على تجفيف الجزء الاكبر مما يحصدونه من الأعناب وتحويلها الى زبيب، بأنه يرتبط بشكل أساسي بالعامل النقدي الذي يعود عليهم جراء ما يبيعونه زبيبا مقارنة بما يتقاضونه نظير ما يبيعونه عنبا. ويقول:quot; ان هناك فرقا نقديا في سعر العشرة أقداح من الزبيب بزيادة تصل نحو 40 في المائة مقارنة بسعر نفس الكمية فيما لو بيعت عنبا.. منوها الى ان هناك أنواع محددة من الأعناب يجدون أنفسهم مجبرين على بيعها عنبا (فاكهة) بعد قطفها لكون طبيعتها الفسيولوجية لا تسمح بأن تجفف كزبيب ومنها العنب العاصمي، فيما يتصدر العنب الرازقي قائمة الأصناف التي يحبذها المستهلك عنبا كانت او زبيبا يليه الأسود والعرقي والنشان.
* إنقراض:
أشجار العنب انقرضت زراعتها فعلا في قيعان ومناطق زراعية في عدد من قرى هذه المديرية، فيما يستمر الخطر ذاته ليهددها بالانقراض في مناطق أخرى، حيث يؤكد الحاج علي عيسى ( مزارع من أبناء المديرية) ان ثمة تفاوتا في نسبة ما تعانيه هذه الفاكهة من تهديد بالانقراض من نوع الى أخر.
ويرى الحاج علي عيسى أن تباين العامل النقدي العائد من زراعة كل نوع من أنواع العنب، إضافة الى مدى تسويقه في السوق وإقبال المستهلكين عليه سواء كان عنبا او زبيبا من ناحية، وارتفاع العائد النقدي السنوي للمزارع جراء زراعته لشجرة القات مقارنة بذات العائد النقدي السنوي جراء زراعة العنب بكافة انواعه وألوانه من ناحية ثانية، كل تلك عوامل تقف وراء ما تعانيه هذه اشجار العنب بالمديرية من تهديد بالانقراض
وبحسب ما يراه أبو حسان فان نسبة ما يعانيه العنب العرقي من تهديد بالانقراض لا تتساوى مع ما يواجهه العنب الرازقي، كما ان ذات المعادلة تبقى صحيحة بين العنب الأسود والعاصمي مثلا، لنظرا لمستوى القبول لكل نوع عن الأخر سواء كان عنبا او زبيبا.
ابو حسان وحول رؤيته عن إقبال المزارعين نحو تجفيف الجزء الاكبر مما يحصدونه من الأعناب الى زبيب قال:quot;ان الأخير يمكن المزارعين من ادخاره لفترة تزيد عن الحولين ومن ثم بيعه دفعة واحدة تعود على المزارع بعائد نقدي يمكنه استغلاله والاستفادة منه في وقت العوز او المناسبات كالزواج مثلا.
الحاج علي عيسى ابوحسان خلص الى القول:quot; ان العنب الرازقي يتصدر قائمة الاعناب من حيث الجودة وسرعة التسويق في السوق وكذا العائد النقدي منه سواء بيع عنبا او زبيبا وبالتالي فأن زراعته ما تزال تحظى باهتمام اكبر ودرجة ما يواجهه من تهديد الانقراض والاقتلاع تبقى اقل مقارنة ببقية انواع العنب الأخرى وخصوصا تلك التي لا تسمح طبيعتها الفسيولوجية بان تجفف كزبيب.
* quot;العامل المادي quot;.. حجر الزاوية:
وبالنظر الى ما سبق فإن العامل النقدي قد شكل حجر الزاوية لدى مزارعي المديرية ابتداء من اقبالهم على التوسع في زراعة نوع من انواع العنب الى حساب نوع اخر، او إقبالهم نحو تجفيف الجزء الاكبر من تلك الأعناب لبيعها زبيبا، وصولا الى إقبالهم على اقتلاع أشجار العنب بكل أنواع وألوانه واستبدالها بأشجار القات.
المهندس الزراعي طلال محمود النهمي يوضح ان طغيان الجانب المادي لدى مزارعي المديرية واعتمادهم له كمعيار رئيسي في مفاضلتهم بين ما يجب ان يزرعوه من انواع العنب من ناحية، او مفاضلتهم بين زراعة العنب بشكل عام وزراعة أشجار القات خاصة في ظل ارتفاع العائد المادي جراء زراعة الأخير، إضافة الى غياب التوعية الإرشادية الزراعية، وصولا الى تفشي ظاهرة الحفر العشوائي للآبار الارتوازية.. كل تلك عوامل تشكل ملامح لخطر كبير يتهدد أشجار فاكهة العنب بالانقراض في هذه المديرية، يماثله تهديد لأشجار فاكهة اخرى لذات الأسباب في مناطق زراعية أخرى.
هذا وبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالأعناب في الجمهورية اليمنية للعام 2006م 12544هكتار، فيما بلغ حجم الإنتاج من فاكهة العنب لذات العام 117580 طن.
التعليقات