مثقفون يسعون إلى جعلها ضمن قوائم التراث الإنساني
شفشاون مدينة مغربية ترقد بأمان بين جبلين عملاقين
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: على بعد 50 كيلومترًا من مدينة تطوان في أقصى الشمال الشرقي للمغرب، وفوق أرض تزداد في الارتفاع ويكسوها اللون الأخضر أكثر فأكثر، تطل عليك مدينة شفشاون التي تعيش آمنة بين جبيلن عملاقين، لا يكسر سكونها، إلا أنغام quot;الطقطوقةquot; الجبلية التي تأسر الزوار والسياح الأجانب. كل شيء أبيض وشديد النظافة في هذه المدينة التي ترقد في أمان تحت أشعة الشمس، وحتى الأرض لم تستثنَ من هذه الميزة، إذ يجري طلاؤها باللون الأزرق باستمرار من قبل نساء الحي، في واحدة من المهام اليومية المنوطة بهم، إلى جانب الطهي والتنظيف ورعاية الأسرة.
ويتكون إسم المدينة من كلمتين quot;شوفquot; وquot;شاونquot;، وهو إسم بربري معناه أنظر القمم، ويبدو أن اسمها جاء من موقعها بين قمتي الجبلين المحيطين بها.
وشهدت شفشاون هجرات مختلفة في عهد الفينيقيين والرومان والقرطاجيين والوندال، إذ ما زالت آثار قديمة تحكي تاريخهم العريق، كالقنطرة الرومانية ومسجد طارق بن زياد في منطقة تدعى (الشرافات).
ويحافظ أهالي المدينة على الكثير من العادات والتقاليد والطقوس يحيونها في حفلات أعراسهم ومواسم دينية ومهرجانات متعددة.
وتشتهر المدينة بمهرجانات سنوية عدة، كمهرجان (المديح والسماح) و(الأندلسيات) الذي تنظمه وزارة الثقافة.
وتتوافر المدينة على الكثير من الرموز التاريخية التي تفتخر بها المملكة، ومن بينها القصبة الأثرية التي احتضنت فعاليات المهرجان الثقافي والإعلامي الكويتي.
وتضم القصبة رواقًا للمعارض وصهاريج قديمة وبرجًا تاريخيًا يصعد إليه السياح، فتبدو المدينة من الأعلى كلوحة تشكيلية مفعمة بالبياض.
ويقال إن شفشاون كانت مشهورة بطواحينها المائية التي لم يعد يوجد منها سوى ثلاثة عشر هي ما تبقى من زمانها القديم.
وعرفت المنطقة وصول الفاتحين العرب كموسى بن نصير الذي بنى مسجدًا له بقبيلة بني حسان، وكذا طارق بن زياد الذي لا يزال مسجدًا يحمل إسمه في قرية الشرفات.
وهكذا، فمنذ الفتح الإسلامي للمغرب، أصبحت مركزًا لتجمع الجيوش العربية. وفي عهد الأدارسة (القرن التاسع)، أضحت تحت حكم عمر بن إدريس الثاني الذي جعل من تيكساس عاصمة لإمارته.
وشهدت المنطقة وقوع حروب ونزاعات مختلفة حتى تأسيس مدينة شفشاون في 876هـ/1471م على يد مولاي علي بن راشد، لإيقاف الزحف البرتغالي على المنطقة. تحتضن المدينة العتيقة لشفشاون مجموعة مهمة من المباني التاريخية التي تعكس إلى حد كبير الطابع التاريخي والحضاري الذي تكتسيه المدينة.
وتؤكد المصادر التاريخية أن اختطاط المدينة كان في الجهة المعروفة في عدوة وادي شفشاون في حدود 876هـ/1471م، على يد الشريف الفقيه أبي الحسن المعروف بابن جمعة.
وقام من بعده إبن عمه الأمير أبو الحسن علي بن راشد باختطاط المدينة في العدوة الأخرى، فبنى قصبتها وأوطنها بأهله وعشيرته.
وشفشاون مدينة صغيرة تبلغ مساحتها 700 هكتامتر، لكنها عامرة بالسياح في جميع فصول السنة لينعموا بهدوئها وجمال غاباتها المترامية الكثيفة والمتنوعة الأشجار، ومياهها العذبة الدافئة وكذلك لاقتناء ما خف حمله من صناعاتها التقليدية.
وأحيطت شفشاون بأسوار ما زالت قائمة ولها أبواب عديدة. وهذه الأسوار كانت قد بنيت كحصنٍ واقِ من غزوات الأعداء.
وتمتاز شفشاون، إلى جانب جمال طبيعتها وحدائقها الغناء وعيون المياه المنتشرة ومرتفعاتها المكسوة بالزهور والنباتات المتنوعة وبالمناخ الجبلي الجاف وربيعها الذي تشتد فيه زرقة السماء وكثافة الأزهار وهدوء حدائقها الذي لا يقطعه سوى خرير مياه العيون وتغريد الطيور، بخلوها من الصناعات الحديثة، واحتفاظها بالصناعات التقلديدية المتمثلة بالحدادة.
ويسعى مثقفون من المدينة لجعلها ضمن قوائم التراث الإنساني، خاصة أنها عرفت تواجد الإنسان منذ العصور القديمة.
الغابات والبيوت وعيون المياه تحدد لنا موقع شفشاون ذات البيوت الناصعة البياض، الراقدة في أمان تحت أشعة الشمس.. كل شيء أبيض شديد النظافة
بعد خمسين كيلومترًا من مدينة تطوان، في اقصى شمال المغرب، في أراضِ تزداد في الإرتفاع والخضرة، تمتد مدينة quot;شفشاونquot; وتعيش آمنة بين جبلين عملاقين هما جبل quot;تيسوكاquot; وجبل quot;القلعةquot;.
التعليقات