تكريت: يبدو أن الترشيح لانتخابات مجالس المحافظات لم يقتصر على السياسيين فقط، بل أغرى الصحفيين بترك صاحبة الجلالة والاتجاه إلى السياسة، من باب مجالس المحافظات. وفي سابقة تحدث لأول مرة في المحافظة، رشح عدد من صحفيي محافظة صلاح الدين أنفسهم لانتخابات مجالس المحافظات، في محاولة منهم لنيل مكاسب اجتماعية وخدمية لهم ولزملائهم الذين يتطلعون من خلالهم لتحقيق ما لم تحققه الصحافة.

تهميش الصحفيين دفعني لترشيح نفسي

يقول الصحفي براء محمد صالح، مرشح القائمة العراقية لانتخابات مجلس محافظة صلاح الدين، في حديث لـquot;نيوزماتيكquot;، إن quot;ما دفعني لترشيح نفسي للحصول على مقعد في مجلس المحافظة هو ما حصل من تهميش للصحفيين والصحافة بشكل عام، وهو الدافع الرئيس بالنسبة لي للاشتراك بالعملية السياسية القادمةquot;.

ويعتقد صالح، الذي كان يعمل مديرا لإعلام المحافظة لمدة ثلاث سنوات، وتم طرده وغلق مكتب الإعلام، بسبب نشره مقالات تنتقد أداء المجلس وتلكؤه في إعمار المحافظة، في صحيفة المنتصف الأسبوعية التي يرأس تحريرها، أن quot;الإعلام همش بشكل غير طبيعي، ولم نجد من يدافع عن حقوق الصحفيين وما تعرضوا له، بالرغم من مقتل عدد كبير منهم بأعمال عنفquot; ويؤكد أن quot;هذا الإهمال لحقوق الصحفيين هو ما دفعني للاشتراك بالعملية السياسية، لضمان حقوق زملائي ورفع بعض الحيف الذي لحق بهم وبأسرهمquot;.

ويسعى الصحفي صالح، في حال فوزه بأحد مقاعد مجلس محافظة صلاح الدين إلى quot;توفير حصانه للصحفيين أثناء تناولهم المواضيع الحساسة، ودعمهم لإطلاق حرية الرأي، وتوفير دعم مادي للمؤسسات الإعلامية التي يعملون بها من خلال نشر الإعلانات وكافة النشاطات الحكومية، بالإضافة إلى توفير مجال أوسع لحضور الصحافة والإعلام في كافة الاجتماعات الرسمية، ومساعدتهم في كشف كل ما يدور خلف الكواليس، ونقله إلى الشارعquot;.

ليست هناك حرية للإعلام

ويرى الإعلامي مزهر فليح حسن السامرائي، الذي عمل مذيعا في قناة صلاح الدين التلفزيونية، ومرشح مؤتمر صحوة العراق لانتخابات مجلس محافظة صلاح الدين، أنه quot;ليس هناك حرية كاملة للإعلام، بدليل وضع الكثير من القيود على نقله للحقائقquot;، ويشير إلى أنه quot;في حال فوزه سيدعو لإعادة النظر بحقوق الإعلاميين وتفعيل دور الإعلامquot;.

ويؤكد السامرائي الذي يعمل حاليا معاونا لرئيس المجلس البلدي لمدينة سامراء، أن quot;انتخابات مجالس المحافظات القادمة، ستؤسس لمرحلة مهمة في تاريخ العراق، نظراً لما تمثله الحكومات المحلية من أهمية كبيرة في صنع القرار، خصوصاً في المرحلة المقبلة لما ستشهده من انعطافة مهمة في تحديد هوية العراق الإدارية فيما يخص تشكيل أقاليم محافظات العراقquot;.

وكان النائب المستقل في البرلمان وائل عبد اللطيف، قد أعلن بداية آب الماضي، إلى إقامة إقليم في محافظة البصرة، وجعلها إقليماً فيدرالياً، ودعا مواطني المحافظة إلى توقيع استمارات لمطالبة الحكومة الاتحادية بإجراء استفتاء حول الفيدرالية، ويعتبر المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عبد العزيز الحكيم من دعاة إقامة الأقاليم الفيدرالية في جنوب ووسط العراق على غرار إقليم كردستان في الشمال، لكن الدعوة تواجه ردود فعل متباينة لدى الكتل السياسية التي يفسر بعضها الفيدرالية على أنها تقسيم للعراق.

لم نسمع بمسؤول يطلب رأي الإعلاميين

ومن جهتها، تقول الصحفية منال العلي، التي تعمل كمحررة في صحيفة الوطن المحلية، وغالبا ما تنتقد عبر مقالاتها أداء المسؤولين، وتتهمهم بالتقصير في تقديم الخدمات للمواطنين، ومرشحة قائمة الكتلة العربية إن quot;دور الإعلامي لا يختلف عن دور أي فرد فاعل في الحكومة المحلية، بل وربما يكون أكثر دراية بالكثير من الأمور منه، لأنه في قلب الحدثquot; وتضيف quot;إلا إننا لم نسمع يوما أن مسؤولا طلب رأي إعلامي في أي موضوع يخص المواطنينquot;.

وتعتبر العلي أن quot;تهميش دور الإعلام في العديد من القضايا التي تهم المواطنين إن كانت اقتصادية أو أمنية أو سياسية، هو دافع إضافي للإعلاميين لكي يتمكنوا وعبر طرق مختلفة من المشاركة في العملية السياسيةquot;.

وتسعى العلي، من خلال ترشيح نفسها لمجلس المحافظة، إلى quot;تشكيل لجنة للإعلام تتبنى المشاريع الإعلامية، كتأسيس مؤسسة إعلامية، أو صحيفة، أو مجلة ثقافية، أو لتطوير قابليات الطفلquot;.

وتبين الصحافية منال العلي أن ما دفعها للابتعاد عن مهنة المتاعب إلى مهنة أكثر تعبا وهي السياسة، هو quot;قلة الخدمات في المحافظة، حيث تشكو الكثير من القرى والأحياء من وصول الماءquot; وتضيف أن quot;تقديم الخدمات هو أساس عمل الحكومة المحلية، التي أسعى للحصول على مقعد فيها، للمطالبة بالخدماتquot;.

ولا تنكر الإعلامية العلي، أن quot;الامتيازات المادية التي يحصل عليها أعضاء الحكومة المحلية، هي أحد الأسباب التي دفعتها للترشيح، فهي تقول أن quot;العضو الذي تنتهي مدة عضويته في المجلس سوف يحصل على راتب تقاعدي، ولكن الصحفي ليس له أي راتب تقاعديquot;.

الإعلامي هو الأصلح.. ولكن

من جانب آخر يقول المواطن علي سعيد 32 سنة، في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; quot;إننا نشاهد يوميا مئات البوسترات، وعشرات الإعلانات، عن المرشحين، والكل يدعي النزاهة والأمانة والكفاءة، ونحن في حيرة من أمرنا ومن ننتخب من هؤلاء الأمناءquot; ويضيف quot;لذلك قررت أن أقضي يوم الانتخاب، مع عائلتي ووسط أطفالي، بعيدا عن إزعاجات السياسة والمرشحينquot;.

فيما ترى المواطنة فاطمة فرحان 35 سنة أن quot;الإعلامي سوف يكون الأصلح للفوز بمقعد في مجلس المحافظة، لأنه يشعر بمعاناة المواطنين، وبالتالي سوف يكون مطالبا بحقوقهمquot;.

أما التربوي المتقاعد، جاسم محمد، 54 سنة فيعتقد أن quot;انتخاب الشخص المتعلم والذي يحمل شهادة جامعية، أفضل من انتخاب آخر غير كفءquot; لكنه يستدرك، أن quot;الإعلامي الذي يظهر من خلال شاشة التلفزيون، أو يكتب مقالا في صحيفة، غير قادر على المطالبة بالخدمات للمواطنينquot;.

أما الصحفي صباح البازي، مراسل وكالة رويترز، فيقف موقف المشجع لزملائه الإعلاميين الذين رشحوا لمجلس محافظة صلاح الدين، ويقول في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; إن quot;زملائي اختاروا الابتعاد عن مهنة المتاعب، إلى مهنة البحث عن السياسةquot;.

ويضيف البازي quot;أتمنى أن تتخطّى الأحزاب والقوى السياسية، موضوع المجاملات والعلاقات في مسألة الترشيح لمناصب مجالس المحافظات، وأن يكون المعيار الوحيد للترشيح والفوز هو الكفاءةquot; ويتابع quot;كما أتمنى أن يحصل أحد زملائي على مقعد في مجلس المحافظة القادمquot;.

يذكر أن عدد الصحفيين الذين رشحوا لمجلس محافظة صلاح الدين، مركزها تكريت 190 كم شمال بغداد، أربعة صحفيين، من مجموع صحفيي المحافظة البالغ عددهم أكثر من 300 صحفي موزعين على الوكالات الإخبارية، والصحف والقنوات التلفزيونية، يتنافسون مع مرشحي المحافظة البالغ عددهم 591 مرشحا، يمثلون 45 كيانا سياسيا، للفوز بمقاعد المحافظة البالغة 28 مقعدا، ومن المؤمل أن تجري انتخابات مجالس المحافظات نهاية الشهر الحالي.