"الهاراكيري" والاعلام الرياضي المغربي

1-

عندما أعدت مشاهدة فيلم "طروادة"(2004) للمخرج الألماني ولفغانغ بيترسن ، أدركت أن حتى خدعة "حصان طروادة" لن تنفع في اختراق قلعة الاعلام الرياضي المغربي الحصينة، والتي تعتمد على تحجر بعض الأصنام الاعلامية الرياضية وعدم زحزحة عدد من الصحافيين الرياضيين لمؤخراتهم المتحجرة مع تشبتهم بكراسي مناصبهم،وإصرارهم على الإطلالة على المواطن المغربي الذي مل مشاهدة وجوهم الكئيبة، وسد أذنيه أمام أصواتهم المزعجة ،وقاطع قراءة أعمدتهم ومقالتهم التافهة ،هؤلاء الاعلاميون الرياضيون الذين يشهرون سيوفهم الكارتونية في لحظات سقوط الرياضة المغربية ،متناسين أنهم من أوائل المساهمين في تخريب الرياضة المغربية والرمي بها في القيعان السحيقة.

لقد فعل الناخب الوطني السابق بادو الزاكي خيرا عندما طوى صفحة المتنخب الوطني المغربي وجمع حقائبه وأحلامه بحثا عن أفاق جديدة دون ان يطالب الجامعة المغربية بسنتيم واحد،وإن استقال الزاكي أو أقيل فإنه قدم درسا لجميع المغاربة من وزراء ورؤساء أحزاب وصحافيين يتشبتون بكراسيهم حتى الرمق الأخير ،والذين رغم اخفاقاتهم وانكساراتهم المتتالية فإنهم يعضون بالنواجد على مناصبهم إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها ،وإن شاءت الأقدار وغادرت هاته الديناصورات السياسية والاقتصادية والرياضية مناصبها، فإنها تفرغ معها خزائن الدولة ،وتورث أبنائها مناصبها القديمة ، وتزرع أقاربها وأصدقاء أصدقائها حتى "ياكلو ويوكلو" بعضهم بعضا.

2-

لا تستحق الرياضة المغربية اعلاما رياضيا متخلفا ،يتلخص في برامج هزيلة عبر التلفزة والراديو لا تلامس هموم الرياضة المغربية ،لا تستحق الرياضة المغربية برامج تتلخص مضامينها في تصفية الحسابات ،لا تستحق كرة القدم المغربية جرائد مثل المنتخب أو النخبة تطبع في أوراق رديئة تتسخ معها العقول والأيدي،فهل يعقل أن يدفع المواطن الفرنسي أقل من أورو واحد من أجل صحيفة متميزة وعريقة كl'equipe، بينما ندفع نحن "شعب السداري" أربعة دراهم من أجل جريدة كالنخبة تطبق قاعدة ذهبية "اكذبوا اكذبوا لعل شيئا يعلق بأذهان الناس" وهل تستحق صحيفة كالمنتخب ثمنها؟ وهي التي تشكل الاعلانات نصف صفحاتها.

بعد موقعة رادس ،حمل الزاكي مسؤولية الاقصاء للحكام وللاعلام الرياضي المغربي ،وحمل الاعلام الرياضي المغربي فشل الاقصاء للزاكي ،وكما اختار الزاكي الرحيل فعلى ديناصورات الاعلام الرياضي المغربي أن تسد دكاكينها وتسلم مفاتيحها لطاقات صحفية شابة لم تتسخ أياديها بعد بالمظاريف التي تسلم تحت الطاولة ،وبالمقالات التي تكتب بعد تسلم صناديق من "الهينكين" وقناني"جوني والكر"،وبامتيازات السفر التي جعلت من ديناصورات الاعلام الرياضي المغربي أكثر حلا وترحالا من ابن بطوطة،لقد مل المغاربة من صحافة الصندالة والمارلبورو والزووم ،وتعبوا من زلات "شقيف القناة الثانية" وفتوحاته العجيبة واستضافته لأصدقائه عبر برنامجه الأسبوعي في جلسة لا تنقصها سوى الشيشة ، حتى أصحاب الطاكسيات يديرون مؤشر الراديو بمجرد سماع نشرة ميدي1 التي يتناوب عليها صحافيان فقط ،وكأنها إذاعة تبث من البالتوك وليس إذاعة مغاربية عريقة،لقد ضاق المشاهد المغربي درعا بقائمة وكأنها Tomb raider المرأة الوحيدة القادرة على التعليق على مقابلة في كرة القدم بالمغرب .

3-

تحفل قناة الجزيرة الرياضية بعدد من المقدمين الرياضيين التونسيين والجزائريين ،بينما يلاحظ الكثيرون غياب العنصر المغربي ،وعلى عكس الصحافيين المغاربة الذين يبررون فشلهم في الالتحاق بقناة الجزيرة بوجود لوبيات لبنانية وسورية وتونسية تساهم في وضع "قشور الموز" أمام الصحافيين المغاربة ،أرى ان لا صحافيا رياضيا مغربيا يظهر على التلفاز يستحق العمل بقناة الجزيرة الرياضية ،فهذه الأخيرة تعتمد على الوجوه الشابة المتألقة و النشطة ،بينما صلاحية أغلب الصحافيين العاملين ب"اتم" ودوزيم انتهت منذ مدة.

الهاراكيري هي الطريقة المفضلة للانتحار لدى العسكريين في اليابان وهي طريقة تمتد جذورها أيضا لمقاتلي الساموراي، ويفضل العسكريون اليابانيون هذه الطريقة لا لشيء إلا ليظهروا شجاعتهم وقوة إرادتهم وإيمانهم العميق بالشرف العسكري ، وإذا كان بعض الاعلاميين الرياضيين المغاربة "فيهم شوية ديال النفس" فإننا نعفيهم من الهاراكيري ،ليحزموا فقط حقائبهم ،وليغادروا مكاتبهم ،ليذهبوا للعمل في الخليج فهناك يدفعون أكثر ،ليبيعوا " سوارت" مؤسساتهم الصحفية ،ليفعل ما يشاؤوا المهم أن يغبروا "خناشيشهم" ،فهم من أسباب إخفاق الرياضة المغربية ،وهم أيضا يتحملون مسؤولية تخلف الاعلام الرياضي المغربي.

أمين الكنوني

[email protected]