ياسر ومانشستر والحمل الكاذب

تركي العواد

يروي لي احد زملاء الدراسة معاناته مع زوجته التي تتلخص في أنها حملت تسع مرات خلال خمس سنوات. ورغم تكرار حملها إلا أنها لم تنجب طفلا واحدا يحمل اسمه. فما يحصل لها في كل مرة هو حالة تشبه الحمل الحقيقي وتحمل جميع أعراضه(وحم... دوخة وتطريش.. انتفاخ في البطن) ولكن بدون ولادة.
حال زوجة صاحبنا لا يختلف كثيرا عن حال احتراف اللاعب السعودي خارجيا. فرغم أن نجومنا على مر التاريخ كانوا الأبرز خليجيا وعربيا وآسيويا إلا أنه لم يُكتب لأحد منهم الاحتراف الخارجي. فأحداث انتقال ياسر القحطاني لنادي مانشستر سيتي ليست جديدة بل هي حجر جديد من أحجار سبحة طويلة من الفشل الذي يلازم احتراف نجومنا في الخارج . ففؤاد أنور ونواف التمياط وحسين عبدالغني واحمد الصويلح وغيرهم كثير قد مروا بنفس الأعراض دون أن يرى المولود النور.

فأعراض الاحتراف الخارجي كانت ظاهرة على كل تفاصيل صفقة انتقال ياسر للنادي الانجليزي وتدل على أن مولودا سيولد هذه المرة. فياسر لاعب متكامل ويملك إمكانيات لا يملكها إلا القليل من اللاعبين. إضافة لكونه يمر بأحسن حالاته الفنية والنفسية خصوصا بعد فوزه بجائزة أفضل لاعب آسيوي . أيضا اللاعب لديه رغبة قوية في الاحتراف الخارجي. كما أن نادي الهلال كان متحمسا لإتمام الصفقة. فرئيس النادي الأمير محمد بن فيصل وقف مع اللاعب بكل شجاعة وسافر معه مقدما الدعم الإداري والمعنوي والرسمي للصفقة. ما زاد القضية سخونة هي رغبة النادي الانجليزي الواضحة في ضم اللاعب. فالموقع الرسمي للنادي وتعليق المدير الفني وحتى الصحف الصادرة في مانشستر تؤكد جدية جميع الأطراف في إتمام الصفقة. ولكن النتيجة (والعبرة بالنتائج)هي عودة ياسر دون أن يوقع للنادي الانجليزي. ليكرر قصة سمعناها كثيرا وبسيناريوهات مختلفة ولكن بنهاية مأساوية واحدة.

أتذكر أن المدرب الهولندي فان هانجيم عندما درب الهلال أبدى إعجابه الشديد باللاعب الموهوب فهد الغشيان. وأتذكر أيضا أن هانجيم قد أوقف إحدى التمارين بعد فاصل مهاري من الغشيان ليطلب من المترجم أن يقول لنا أن مكان هذا اللاعب في أوروبا وليس في السعودية. وهو فعلا ما حدث ولكن فشل المفاوضات جعل فهد يعود لنادي الهلال بعد مدة قصيرة من ذهابه لهولندا رغم تمسك النادي الهولندي ومدربه باللاعب. فشل المفاوضات لم يغلق فقط صفحة الاحتراف الخارجي في وجه الغشيان بل طوى صفحة الغشيان كلاعب وللأبد .ففهد الذي عاد من أوروبا لم يكن فهد الذي ذهب.

ما أتمناه أن تتم مناقشة موضوع الاحتراف الخارجي بعمق للوقوف على أبعاد هذه الظاهرة التي أصبحت نكتة قديمة مللنا سماعها. كما أتمنى أن تقوم لجنة الاحتراف في الاتحاد السعودي بمناقشة هذه القضية بكل صراحة وشفافية مع جميع اللاعبين الذين فشلت محاولة احترافهم في الخارج لمعرفة المعوقات ومحاولة حلها. حتى لا تضيع فرصة الاحتراف الخارجي على النجوم الحاليين ونجوم المستقبل أيضا وحتى لا تستمر قضية الاحتراف الخارجي مجرد انتفاخ في بطن الكرة السعودية مولودها الوحيد هو الإحباط.

نقلا عن جريدة الرياض بتاريخ 6 يناير 2008