من الضربة الصحفية ..إلى المضاربة التجارية!
عـلي ريـاح
بين ليلة وضحاها تحول نشأت أكرم من فاتح كروي عراقي لأرض عذراء لم يطأها إحتراف لاعب عراقي من قبل ، إلى مشكلة تنشر الألم والوجع ، وتستدر العطف في وجدان البعض ممن تجمعه بهم صلة العمل .. لكن ما لم يتوقف عنده منصف وعلى نحو إنساني بعيد عن مداخلات الكرة وهمومها ، إجابة على سؤال يتعلق بالمآل الذي وصلت إليه قصة النجم العراقي مع مانشستر سيتي وما إذا كانت له يد من قريب أو بعيد في تلك النتيجة ؟!
لن أزيد على هذا التساؤل تساؤلات أخرى متوالدة ومتكررة ، لأن الإجابة التي سنصل إليها في خاتمة المطاف لا تثلم جزءا من تلك المصداقية التي تعامل بها نشأة سواء مع ناديه الحالي العين الإماراتي أو النادي الذي كان يروم الذهاب إليه وهو مانشستر سيتي الانكليزي .. لكن أسئلة أخرى طرحت من الباب الخلفي على ما يبدو ، والهدف منها أن تغمز من قناة اللاعب نفسه من دون أن تحمّل الانكليز وتبريراتهم الواهية وأنظمتهم الجائرة مسؤولية ما حصل ..
هل كان نشأة الذي يمرّ الآن بظرف نفسي عصيب لا يعلم إلا الله وحده تأثيراته وجرائره ، قد تمادى في إبداء التفاؤل مع الانكليز ؟ إذا كان الرد بالإيجاب ، فان ما توافر لدينا ولديه من تطمينات بذهابه المؤكد إلى مانشستر يبدد كل الشكوك التي حامت حول الصفقة وأسباب رفضها الإجرائي بمعناه الإداري وليس الفني بمعناها الكروي .. ولهذا كنت ألتمس العذر لجهة معنية ويهمها الأمر مثل نادي العين أن تبدي الأسف لعودة نشأة بخفي حنين ، لكن ما لا يمكن فهمه أن يضع رد فعل النادي وزر الرفض الانكليزي كله على كاهل اللاعب العراقي .. حتى بلغ الحال أن تصل إلينا أخبار تقول إن (العين) قرر البدء في طيّ صفحة نشأة أكرم إلى الأبد ، ومن علائم ذلك تخييره بين قبول اللعب للفريق الرديف في النادي (!!) أو الذهاب إلى جهة احترافية أخرى !
نستطيع تماما أن نتفهم مبلغ الضرر الذي أصاب النادي بسبب غياب نشأة الاضطراري للانهماك في استكمال إجراءات الاحتراف ، يضاف إلى ذلك موقف النادي المؤازر لاحتراف نشأة في مشهد إنساني يتجلى بروحية الإيثار ، لكن ما لا نستطيع أن نفهمه ذلك الانقلاب على نشأة الذي تضرر لوجود منتخب بلاده في ترتيب لا يسمح له بالاحتراف ، وأتصور أن لا نشأة ولا الجهة التي تحركت لتنفيذ الاحتراف على علم مسبق بهذا الشرط الجائر القاتل ، في حين يدري العالم كله أن المنتخب العراقي لم يتمكن من خوض مبارياته على أرضه خلال السنوات الأخيرة ، وهو أمر كان يجب تفهمه ووضعه في الاعتبار قبل سكب الماء المثلج على المشاعر المتـّقدة التي كانت تغمر نشأة أكرم وهو يهم بالذهاب إلى بلد الضباب !
حين كانت أخبار نشأة وصوره تتصدر الموقع الرسمي لنادي مانشستر سيتي ، كان الإعلام العربي يتعامل مع كل تفصيلة جديدة على أنها ضربة صحفية تلبي اهتمام الجمهور المنتشي بأخبار بنشأة ، وما هي إلا أيام حتى تحول مسرح السبق الصحفي إلى سوق للمتاجرة والمضاربة بالآراء الموجعة التي أضافت إلى مرارة النجم العراقي مرارات أخرى مضاعفة .. وبين الحالتين ، افتقدنا إلى الكثير من مقومات الإدراك الواعي الذي يراعي مشاعر الناس ، وحضر بدل عنها ذلك التباري في تصوير الأمر على أنه الخديعة المؤدية إلى الفشل المدقع الذي يحول أهل الشأن ، من على شاكلة نشأة ، إلى مجرد (خبر) مفرغ من كل محتوى إنساني !
التعليقات