عصام سحمراني- إيلاف: مع ختام المرحلة الثامنة من التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال جنوب أفريقيا 2010 يبدو أن المنطق يفرض نفسه في تأهل المنتخبات العريقة والقوية أو في ارتقاب تأهلها. فبينما وصلت بالفعل كل من منتخبات هولندا وإنكلترا وإسبانيا إلى النهائيات، تنتظر إيطاليا بطلة العالم مباراتها المقبلة التي ستحدّد تأهلها قبل انتهاء التصفيات بمرحلة، بينما على ألمانيا انتظار مباراتين بسبب تضييق الخناق عليها من روسيا الثانية بفارق نقطة واحدة.
وبين هذه الفرق العريقة والتقليدية يشذّ المنتخب الفرنسي عن القاعدة بحلوله في المركز الثاني حاليًا بـ15 نقطة وبفارق أربع نقاط خلف صربيا (19 نقطة) التي يلزمها فوز واحد من مباراتين لتصل إلى جوهانسبرغ وتترك للمنتخب الفرنسي خوض الملحق مع صاحب المركز الثاني في إحدى المجموعات الأخرى.
مفاجآت
صربيا ومن قبلها يوغسلافيا ما قبل الإنفصالات المتعاقبة عوّدتنا دائمًا على خوض تصفيات قوية ووصول إلى المونديال أمام منتخبات كبرى. هذه المرة كان دور فرنسا التي حلت خلفها في المجموعة السابعة بمفاجأة يبررها تراجع بطل العالم عام 1998 ووصيف النسخة الأخيرة. فاللاعبون الفرنسيون الذين لعبوا في كأس العالم عام 2002 وخاضوا تصفيات 2006 ونالوا المركز الثاني بعدها في ألمانيا غاب الكثيرون منهم اليوم بسبب الإصابات وتراجع المستوى والإعتزال. ولا يمكن أن نغفل في هذا الإطار عن أعظم اللاعبين الفرنسيين في العقد الأخير زين الدين زيدان وتأثير غيابه على المنتخب الذي يخوض التصفيات وخاض قبلها تصفيات اليورو وبطولتها التي انتهت بهزيمة مذلة للفرنسيين يومها أمام هولندا 4-1 وأمام إيطاليا 2- 0، وخروجها من الدور الأول في المركز الأخير خلف رومانيا الثالثة.
إحدى المفاجآت الحالية حلول لاتفيا في المجموعة الثانية بالمركز الثالث برصيد 14 نقطة خلف كل من سويسرا 17 نقطة وبفارق هدف واحد عن اليونان. مما يثبت تقدم هذا المنتخب السوفياتي السابق في السنوات الأخيرة بعدما سبق له وأن خاض بطولة أمم أوروبا عام 2004.
مفاجأة أخرى في المجموعة الثالثة حيث يتقدم المنتخب السلوفاكي الذي لم يسبق وأن خاض أي بطولة كبرى من قبل على الجار التشيكي الذي حمل وحده راية المشاركات والمنافسات منذ إنفصال تشيكوسلوفاكيا، حيث حلّ سابقًا وصيفًا لألمانيا في بطولة أمم أوروبا عام 1996 وشارك في بطولات أوروبا 2000 و2004 و2008 وفي كأس العالم 2006. والغريب في الأمر أن تشيكيا مبتعدة كليًا عن المركز الأول حيث تحل رابعة بـ12 نقطة خلف كل من سلوفينيا وايرلندا الشمالية بـ14 نقطة وسلوفاكيا الاولى والتي تقترب من المونديال بـ 19 نقطة قبل مبارتين على اختتام التصفيات. وطبعا فقد ضاعت على تشيكيا فرصة الوصول المباشر إلى المونديال وتبقى لها فرصة أخيرة في خوض الملحق الأوروبي في حال وصولها إلى المركز الثاني.
مفاجأة أخرى في المجموعة الخامسة التي حسمت إسبانيا بطاقتها المباشرة لصالحها بـ 24 نقطة كاملة من 8 مباريات، وتركت المركز الثاني للبوسنة والهرسك التي تتفوق على تركيا الثالثة بـ16 نقطة مقابل 12. وبالطبع فإنّ لاحتراف اللاعبين البوسنيين وخاصة في ألمانيا دور كبير في تقدم الفريق وتحقيقه هذه النقلة الكبيرة.
ونعود إلى المجموعة السابعة حيث تشهد مفاجأة عكسية هذه المرة في حلول رومانيا ذات السمعة التاريخية الحسنة في المركز ما قبل الأخير في المجموعة السابعة بـ9 نقاط وتتقدمها كلّ من ليتوانيا بفارق الأهداف والنمسا بـ11 نقطة وفرنسا بـ15 نقطة وصربيا بـ19 نقطة.
المتذيلون حتى الآن
إحدى أبرز المشاكل في التصفيات الأوروبية عادة هي وجود منتخبات ضعيفة للغاية معظمها أفرزها تفكك الإتحاد السوفياتي السابق ومن بعده تفكك الإتحاد اليوغسلافي. وتشهد مباريات هذه المنتخبات مع المنتخبات الكبرى نتائج كاسحة غالبًا ما ينتظرها الهدافون لزيادة رصيدهم كحال أندورا وليشتنشتاين وأذربيجان وكازاخستان وجزر الفاروه.
وفي نظرة سريعة على المنتخبات التي حلت في المركزين الأخيرين في كل مجموعة من المجموعات نجد ألبانيا ومالطا في الأولى، ولوكسمبورغ ومولدوفيا في الثانية، وبولندا وسان مارينو في الثالثة، وليشتنشتاين وأذربيجان في الرابعة، وأستونيا وأرمينيا في الخامسة، وكازاخستان وأندورا في السادسة، ورومانيا وجزر الفاروه في السابعة، والجبل الأسود وجورجيا في الثامنة، ومقدونيا وأيسلندا في التاسعة وهي المجموعة الوحيدة التي انتهت تصفياتها.
ويبدو دون أدنى شك أن المنتخبين الطارئين على ذيل الترتيب هما بولندا التي وصلت إلى المونديال السابق كأفضل منتخب يحتل المركز الثاني فقد حلت خلف إنكلترا في التصفيات يومها، ورومانيا التي لم تتأهل في المونديال السابق لكنها حلت في المركز الثالث مع انتهاء التصفيات خلف هولندا وتشيكيا.
أما على الصعيد الجيوسياسي فمنتخبات الذيل تتوزع على: ستة من الإتحاد السوفياتي السابق (مولدوفيا، أذربيجان، أستونيا، أرمينيا، كازاخستان، جورجيا)، وخمسة من غربي أوروبا (مالطا، لوكسمبورغ، سان مارينو، ليشتنشتاين، أندورا)، وثلاثة من يوغسلافيا السابقة والبلقان (ألبانيا والجبل الأسود ومقدونيا)، واثنين من اسكندنافيا الموسعة (جزر الفاروه وايسلندا)، واثنين من وسط أوروبا (رومانيا وبولندا).
لقطات سريعة
في إحدى المفارقات المميزة يظهر أن اللاعب البلجيكي ويسلي سونك سجل وحده أكثر من نصف أهداف منتخبه. وتشكل حصيلة سونك 6 أهداف من أصل 11 سجلتها بلجيكا حتى الآن في المجموعة الخامسة التي تحل فيها بالمركز الرابع بـ7 نقاط.
هداف آخر مميز هذا العام هو الإنكليزي واين روني الذي يتصدر الترتيب بـ9 أهداف من أصل 31 هدفًا لإنكلترا. ويوازي عدد أهداف روني تلك التي لكل من منتخبي السويد ثاني المجموعة الأولى والنروج ثاني المجموعة التاسعة. ويقل بفارق هدف واحد عن أهداف كل من البرتغال ثالث المجموعة الاولى، وفرنسا ثاني المجموعة السابعة وإيرلندا وبلغاريا ثاني وثالث المجموعة الثامنة.
المنتخب الهولندي وعلى الرغم من تأهله العريض باختتام مباريات المجموعة دون أي خسارة وتعادل فهو لا يملك هدافا مميزا كحال فرق أقل منه مستوى وأفقر باللاعبين الكبار. وربما يشكل هذا الأمر نقطة قوة برأي بعض الخبراء عادة الذين يتحدثون عن اللعب كمجموعة كاملة وهو ما عودتنا هولندا عليه. وأبرز هدافي هولندا هم هونتيلار وكويت بـ3 وفان بومل بـ2، علمًا أنَّ حصيلة أهداف المنتخب الهولندي توقفت عند 17 هدفًا.
تبقى مباراتان لكل فريق في المجموعات الثماني الأولى ستحسم وضع المتأهلين المباشرين وكذلك منتخبات الملحق. أما الخوف الأكبر لدى مشجعي كأس العالم والمهتمين باكتماله فهو في عدم تمكن أحد المنتخبات الكبيرة من الوصول. ربما يكون ذلك في ظل احتلال البرتغال المركز الثالث في الأولى وتشيكيا الرابع في الثالثة والتهديد الروسي المستمر لألمانيا في الرابعة. لكن التاريخ يشفع فقط لمن يقرنه بثبات المستوى وهو ما أثبتته منتخبات إسبانيا وإنكلترا وهولندا بالتأهل قبل الجميع.
التعليقات