أصبح المهاجم البرازيلي روبينيو في طي النسيان كلاعب كرة القدم، حيث أنه لم يكن جالساً على مقاعد بدلاء مانشستر سيتي في افتتاحه لحملة موسم الدوري الممتاز الجديد. وعلى رغم أنه قد يشارك معه يوم الخميس في تأهيلات الدوري الأوروبي أو ربما سيلعب كرة القدم في نادٍ آخر قبل نهاية الشهر الجاري، إلا أنه سيحتاج إلى ترتيب أموره بسرعة، لأن هذا الموسم سيكون كبيراً بالنسبة إليه.

ويذكر بعض المراقبين جيداً أول مشاركة له في بطولة البرازيل عندما حصل نادي سانتوس الشاب والمدهش على اللقب. كان ذلك قبل ثماني سنوات. وبعد ثماني سنوات من الآن سيبلغ روبينو 34 عاماً أو مقبلاً على الـ35 عاماً، وبالتالي فإن وقت الذروة ربما قد مرت بالفعل علامة منتصف الطريق، ومع ذلك هناك علامة استفهام كبيرة مازالت تخيم عليه.

ولا مفر من حقيقة أن أداءه كان بمثابة خيبة أمل كبيرة في كرة القدم الأوروبية حتى الآن. وسيكون من الظلم إلقاء اللوم كله على الأندية التي لعب معها، لأنه حتى بعدما لعب حوالي 80 مباراة لمنتخب البرازيل، إلا أن الشكوك ذاتها تحيط حوله على المستوى الدولي. وسبق للانكليزي تيم فيكري، الخبير في كرة قدم أميركا الجنوبية أن كتب نظرته العامة في مجلة quot;وورلد سوكرquot; في عددها الخاص عن نهائيات كأس العالم في جنوب افريقيا على أن quot;روبينيو كان يبحث عن صرف النظر للادعاءات على أنه غير جيد جسدياً وذهنياً في المناسبات الكبيرةquot;. ولكنه لم يستطع أن يدحضها.

ولكن في مباراته الـ80 للبرازيل، كان عدد قليل من أدائه فيها أفضل من مباراة الأسبوع الماضي في الفوز 2- صفر خارج أرضه على الولايات المتحدة، نظراً إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه بعد تسلمه شارة الكابتن ليقود منتخب البرازيل الشاب، إذ كان نجماً لامعاً في تلك الليلة. فقد تخلت البرازيل عن استراتيجية الكرات المرتدة التي تبنتها لمدة طويلة، واستند أسلوبها تحت قيادة مدربها الجديد مانو مينيزيس على حيازة الكرة ووجود لاعب إضافي في خط الوسط (4-2-3-1) ليساعد على تقديم أداء سلس وعرض خيالي في مقابل طريقة 4-4-2 للولايات المتحدة، ولكن روبينيو هو الذي ضمن حصول البرازيل على القية الكاملة لهذه الميزة. فقد كان يجري من جهة اليمين ليكون اللاعب الإضافي وينسق التمريرات السريعة ويوجه ركلاته النارية على المرمى التي لم يتمكن خط الدفاع الأميركي من اخمادها.

وكانت هناك مباريات حيث كان روبينيو يحاول في العديد منها بالقيام بحركات مبالغ فيها، ولكن في قلة منها استطاع أن يجعل من نفسه لاعباً جيداً لفريقه، عندما تم وضع موهبته الفردية غير العادية في الخدمة الجماعية.

وبطبيعة الحال، ليس من الحكمة بمكان اعطاء أهمية كبيرة للمباريات الودية الدولية، خصوصاً في شهر آب. ولكن إذا كانت موهبة روبينيو هناك، وإذا كان استعداده للعمل من أجل الفريق موجوداً، فلماذا لم يكن قادراً على اظهارها كل أسبوع؟ربما لأن مدربيه لم يبذلوا قصارى جهدهم لفهمه. وللإشارة إلى النقطة الأهم، ربما لم يبذل جهداً كافياً لفهم نفسه والوضع الذي يجد نفسه فيه.

ومثل نسبة كبيرة من لاعبي أميركا الجنوبية، يبدو أن روبينيو يتألق بسبب العاطفة ويشعر أنه اعطيت له أهمية خاصة. فبإعطاء شارة الكابتن، على سبيل المثال، فإنه يبدو أنه قد أعطته قوة جيدة للبرازيل في الأسبوع الماضي. وهي مثل الابن المفضل في العائلة.

فالعلاقات الأبوية هي جزء مهم في المجتمع البرازيلي وكرة القدم. فبعد خسارة منصبه الإداري في تشلسي، اشتكى المدير الفني لويس فيليبي سكولاري أن علاقته مع العديد من تشكيلة فريقه كانت مهنية quot;فقطquot;، كما لو كان هناك شيئاً مفقوداً. وكانت تشكيلة منتخب البرازيل في عام 2002 باسم quot;عائلة سكولاريquot;، ولكنه لم يكن قادراً على خلق الروابط والتسلسلات الهرمية نفسها مع فرق متعددة الجنسية في شمال أوروبا.

ولم يكن روبينيو أبداً جزءاً من quot;عائلة سكولاريquot;، ولو أن نيته كانت الارتباط بالمدرب البرازيلي في ستامفورد بريدج عندما ترك ريال مدريد باكياً، فقط ليجد نفسه في طريقه إلى مانشستر سيتي بدلاً من ذلك. ويبدو أنه بدأ يكافح مع المشكلة نفسها وهي عدم القدرة على التكيّف مع القيم الثقافية المختلفة.

وهناك أيضاً أسباب فنية لعدم تألق روبينيو في أوروبا. إنه لاعب يزدهر مع الثقة. والأمر يصبح أكثر سهولة بالنسبة إليه لإبراز مهاراته في كرة القدم البرازيلية المحلية، حيث أن التوازن يميل لمصلحته، لأنه يعرف أنه إذا لم يستطع من تخطي خصمه، فإنه من المرجح أن يحصل على ركلة حرة لأدنى اتصال جسدي بين اللاعبين، إلا أنه يبدو أن أداءه يتراجع إذا وضع في بيئة أكثر صرامة.

وعلى رغم أن الاختلافات الثقافية والفنية هي شيء واحد بالنسبة إلى تفكيره وهي الرغبة في الحماية، إلا أنه مثل الابن المدلل فإنه يريد ضماناً أن يكون له مكاناً في الفريق الأول بسبب سمعته، ولكن في أوروبا يتم الحكم على أفعاله: الميزة في المعايير. وفي تشكيلة كبيرة في الأندية الأوروبية الكبرى لا يوجد شيء من هذا القبيل كضمانة لمكان في الفريق الأساسي، لذا فإن عليه أن يقدم أداء مميزاً ليحجز مكانه.

ولا يوجد حل لإستياءه عند استبداله أو تركه خارج تشكيلة الفريق. والجواب يكمن في العمل الدؤوب واظهار لمدربه وزملائه أن قدرته مفيدة للفريق، تماماً كما فعل بالنسبة إلى البرازيل الثلاثاء الماضي ضد الولايات المتحدة.

حتى أن روبينيو نفسه قال في وقت سابق من هذا العام عندما تمت إعارته لسانتوس: quot;كرة القدم في أوروبا صعبة جداًquot;. ثم اعترف: quot;المدرب لا يختارك دائماًquot;. وكان الدافع وراء العودة إلى سانتوس إلى حد كبير هي الرغبة في المحافظة على لياقته البدنية بصورة جيدة لنهائيات كأس العالم، ولكنه صادف أيضاً خياراً كرغبة الطفل الصغير بالعودة إلى رحم أمه هرباً من مشاكله.

لقد حان الوقت لروبينيو أن ينمو، فهو يقترب من الـ27 عاماً. ومع مشاركته مرتين في نهائيات كأس العالم، فإنه يأمل أن ينضم نفسه سواء في مانشستر سيتي أو في أي نادٍ آخر. فاللاعب الذي حمل شارة البرازيل الأسبوع الماضي يستحق الإنقاذ.