يخوض الكاميروني عيسى حياتو و العاجيانوما حربا شرسة للظفر بأكبر عدد من الأصوات المؤيدة من ضمن 54 اتحادا منضويا تحت لواء الكاف من أجل التربع على عرش الإتحاد الأفريقي لكرة القدم. وستؤدي هذه الحرب بالتأكيد إلى انقسام القارة على نفسها إلى معسكرين.


في شباط العام 2011 وخلال نهائيات أمم إفريقيا الخاصة باللاعبين المحليين في السودان صرح الكاميروني عيسى حياتو بأنه لا يرغب في الترشح مجددا لرئاسة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، وإعتقد الكثير بأنه جازم هذه المرة في وضع حد لحياة طويلة على عرش الكرة الإفريقية ، غير أن الأيام أكدت بان تصريح حياتو لم يكن سوى جس النبض لمعرفة خصومه الراغبين في خلافته والجادين في الإطاحة به في إطار مبدأ خطوة إلى الوراء و خطوات إلى الأمام خاصة أن تلك التصريحات تزامنت مع الفضائح التي طالته .

اليوم و بعد مرور قرابة العامين ها هو ابن مدينة غاروا يبدي نيته للترشح لسادس عهدة على رأس الكاف الهيئة التي يدير شؤونها منذ مارس من العام 1988 تاريخ انتخابه في المغرب على هامش نهائيات كاس أمم إفريقيا التي عرفت أيضا تتويج منتخب بلاده بالبطولة.

ومن محاسن الصدف أن الجمعية العمومية القادمة ستقام في العاشر مارس وفي المغرب أيضا على هامش بطولة إفريقيا لأقل من 17 سنة.

غير ان حياتو يحاول ايهام الافارقة بانه لا يرغب في الاستمرار و ان ترشحه جاء نزولا عند رغبة رؤساء الاتحادات و همفي الحقيقة حلفائه الاوفياء لتركة الكاف و الذين يرون بانه من الاجدر عدم تبديل الفريق الفائز.

صراع كبير بين الكاميروني والعاجي على رئاسة الكاف

وقبل حلول ذلك التاريخ فان حياتو بدا يرتب لكسب الانتخابات قبل تصويت أعضاء العمومية سواء بدفع الراغبين في الترشح للتنازل عن طموحاتهم و أحلامهم بالإقناع أو التهديد أو الإغراء لتلجا العمومية إلى تزكيته ، أو الحصول على دعم كل أو جل رؤساء الاتحادات الإفريقية ضد أي مرشح ينافسه.

وقبل حلول آجال إغلاق باب الترشيحات المقررة في كانون الأول فان جاك انوما الرئيس الأسبق لاتحاد ساحل العاج و عضو تنفيذية الاتحادين الإفريقي و الدولي هو الرجل الإفريقي الوحيد الذي تشجع و تجرا على إعلان ترشحه رسميا لإزاحة حياتو من عرشه الذي يرغب في الخلود فيه ، و ربما يضاف إليهم الجنوب الإفريقي داني جوردان الذي داع صيته قاريا و دوليا بعد نجاحه في تنظيم نهائيات مونديال 2010 ، بينما ربط البقية و منهم عرب القارة ترشحهم برحيل حياتو و من بينهم الجزائري محمد روراوة و المصري هاني أبو ريدة اللذان يعتبران من اشد المؤيدين له و لاستمراره في رئاسة الكاف.

ويخوض حياتو و انوما حربا شرسة للظفر بأكبر عدد من الأصوات المؤيدة من ضمن 54 اتحاد منضوي تحت لواء الكاف ، و ستؤدي هذه الحرب بالتأكيد إلى انقسام القارة على نفسها إلى معسكرين احدهما يؤازر الكمروني و آخر يناهضه و ليس بالضرورة يؤيد انوما.

و تدخل الحرب في إطار وضع ترتيبات و تربيطات تحددها مصالح الأشخاص و الحكومات أيضا ، فآي اتحاد لن يمنح صوته قبل الحصول على ضمانات بتنظيم بطولة ما أو مساعدة شخصية ما على الانضمام للتنفيذية القارية أو الدولية ، أو عضوية لجنة من اللجان الكثيرة التي تدر على أعضائها مزايا مادية و عينية تسيل لعاب حكام وفنيين وإداريين كثر.

الكاميروني عيسى حياتو رئيس الإتحاد الافريقي

ويحوز المرشحان على حظوظ متباينة لكسب الانتخابات على الأقل من الناحية النظرية ، و كلاهما يراهنان على ما حققه كل واحد منهما من انجازات ، فحياتو يرى بان ما تحقق للكرة الإفريقية منذ العام 1988 يعود الفضل الأكبر فيه له شخصيا رغم أن ذلك ليس صحيحا ، و من ضمن الانجازات التي يتباهى بها حياتو و من يسير في فلكه زيادة عدد مقاعد القارة في نهائيات كاس العالم من مقعدين إلى خمسة رغم أن ذلك يعود إلى زيادة عدد المنتخبات المتأهلة للنهائيات من 24 إلى 32 و يعود أيضا إلى النتائج الايجابية التي كان يحققها ممثلو إفريقيا في كل مونديال و التي لا دخل فيها للكاف ككل و ليس فقط لرئيسه ، و تنظيم القارة لنهائيات كاس العالم مع أن ذلك كان في إطار سياسة الفيفا في لتداول على الاستضافة بين القارات الخمسة ، و نسي حياتو أو تناسى بان التحكيم في إفريقيا لا يزال سيئا ، و بان الكثير من بلدان القارة لا تزال تفتقر لبنية التحتية الضرورية للممارسة و لا يزال الاحتراف يراوح مكانه ، و حتى ما تحقق من انجازات كان للفيفا دورا في ذلك بفضل المشاريع الإنمائية التي أعلنها منذ سنوات.

أما انوما الذي يدعو إلى التغيير فهو يراهن على تجربته الطويلة في مجال تسير كرة القدم و التي تمتد لثلاثين سنة ، و على انجازاته المحلية خاصة إطلاق دوري للمحترفين و تالق منتخب الفيلة ببلوغه نهائيات المونديال مرتين خلاله ترأسه للاتحاد عامي 2006 و 2010 ، كما انه نجح في ولوج المكتب التنفيذي للفيفا عام 2006 لغاية اليوم ، غير أن ذلك ليس كافيا للإطاحة بالكمروني في قارة بلغ فيها الفساد حدا لا يطاق ، فانوما يدرك جيدا بان إزاحة حياتو من موقعه ليس بالأمر الهين و لا يعتمد فقط على الطرق الشرعية العلنية ، فلو كانت تلك توصل إلى سدة الكاف لسبقه إليها البوتسواني إسماعيل بامجي الذي رمى به حياتو في غياهب القارة بعدما تجرا هو الآخر و حاول الفوز عليه في الانتخابات التي جرت في يناير 2004 بتونس. براي حلفاء انوما فان الكرة الافريقية كان بامكانها قطع اشواط هامة نحو الامام لو كان تدبير امورها خاصة المادية منها في ايد امنة و مسؤولة.

والحقيقة التي يعلمها كافة المتابعين لأحوال الكاف و حيل حياتو فان الأخير بدا حملته الانتخابية مبكرا و بالضبط خلال الجمع العام الذي عقد في يبروفيل بالغابون خلال نهائيات كاس إفريقيا مطلع العام الجاري ، و الذي خصصه حياتو لتحديد حجم المساندة و الشعبية لدى رؤساء الاتحادات القارية لعد عام من ورود اسمه في عدة فضائح تتعلق بالفساد المالي.

وأكثر من ذلك فقد أوعز حياتو لمعاونيه بالحصول على دعم مكتوب و مختوم من قبل أعضاء العمومية ، و تولى المهمة كل من الغيني الماماي كامارا نائب رئيس الكاف ، و السنغالي بدارا سيني رئيس لجنة التحكيم على مستوى الكاف ، اللذان تنقلا إلى مدينة غاروا مسقط رأس حياتو لممارسة الحملة الانتخابية لحياتو ، و التي اختصراها في ممارسة ضغط رهيب على رؤساء الاتحادات و إجبارهم على بعث رسائل على العنوان البريدي للسكرتير العام للكاف تحمل توقيعهم تنص على منح دعمهم المطلق لحياتو ، و هو الخبر الذي تناقلته تقارير إعلامية من ساحل العاج اعتماد على اعترافات من بعض الرؤساء ممن اتصلا بهم الماماي و سيني.

كما لجا حياتو ndash; الذي أصبح بمثابة اخطبوط ndash; إلى اذرعه الوفية لسياسته رغم ما يشوبها من فساد لجا إليها لتمكينه من العهدة السادسة ، و خاصة ذراعه الرئيسي رئيس الاتحاد الجزائري روراوة الرجل الخبير في المسائل القانونية و صاحب الباع الطويل في إنهاء التربيطات .

وبحكم منصبه دعا حياتو الى عقد جمع عام استثنائي سيجرى في جزيرة السيشل يوم الاثنين الثالث أيلول 2013 و من أهم و اخطر المواضيع المدرجة على جدول أعماله مناقشة عدد من المقترحات التي تقدم بها هو شخصيا أو أعضاء العمومية و المصادقة عليها لتعديل عدد من اللوائح العامة للكاف ، و التي تدخل في إطار تعبيد الطريق لحياتو للبقاء في برجه و لخليفته الذي سيتولى شؤون الكاف بعده.

المقترح الأول كان وراءه روراوة الذي تقدم به باسم الاتحاد الجزائري في يونيو المنصرم و ينص على أن المترشح لرئاسة الكاف يجب أن يكون عضوا حاليا أو سابقا في اللجنة التنفيذية للاتحاد ، و هو المقترح الذي اعتبره الكثير إقصاء للكفاءات الإفريقية من رؤساء الاتحادات و اللجان الاولمبية و اللاعبين القدامى و غيرهم ، و اعتبره متابعون آخرون خطوة أولى لروراوة لخلافة حياتو عام2017 أو احد زملائه في التنفيذية الحالية و لقي انتقادات لاذعة لكونه يهدف إلى حصر رئاسة الكاف في الدائرة الضيقة للتنفيذية مما يضمن لهم استمرار مصالحهم الشخصية بما إن أغلبية البلدان الإفريقية و عددها 39 من أصل 54 ليس لها تمثيل في التنفيذية الحالية على اعتبار أن التنفيذية الحالية تمثل 15 دولة فقط ، و الموجه ضد انوما على أساس أن الأخير ليس له الحق في التصويت داخل التنفيذية وفق اللوائح التي تسمح له فقط بحضور الاجتماعات مما يحد من تحركاته.

أما المقترح الثاني فاقترحه حياتو و يتضمن ضرورة حصول المترشح على تأييد اتحاد بلده و ليس أي اتحاد آخر مثلما ظلت اللوائح تنص عليه ، و هو ما اعتبره النقاد محاولة لقطع الطريق على انوما الذي قد لا ينال ثقة رئيس اتحاد ساحل العاج سيدي ديالو رغم أن انوما نال على دعم الرئيس الحسن وطارا شخصيا و على دعم رؤساء الأندية و الإعلام.

و دعت الكثير من الشخصيات الكروية في إفريقيا على غرار الحارس الكمروني جوزيف أنطوان بال رؤساء الاتحادات الإفريقية إلى التصدي لسياسة حياتو و استغلال عمومية السيشل لقلب الطاولة عليه.

ووفقا لهذه المعطيات ينتظر أن تشهد الساعات التي تسبق التقاء الأعضاء ال54 في السيشل لقاءات و اتصالات سرية كثيرة ستساهم في تحديد النتيجة النهائية للمعركة الأولى قبل التصادم مجددا في مدينة مراكش في مارس القادم.