حطمت كأس العالم للركبي في نسختها الثامنة، المقامة في انكلترا وويلز حتى 31 تشرين الاول/اكتوبر الجاري، ارقاما قياسية بالجملة من ناحية الارباح والعائدات الاقتصادية على تنوعها، ما جعل اختصاصيين في مجال التسويق الرياضي والترويج لاحداثه الكبرى يتوقفون عند هذه الظاهرة.
&
ذلك لأن اللعبة التي اطلقها الطالب الثانوي وليام ويب ايليس ابن مدينة ركبي (70 الف نسمة حاليا) في منطقة وورويكشير، لاعب الكريكيت اصلا، الذي لم يستسغ ان تمرر الكرة بالقدم فقط، فحملها وجرى بها واودعها المرمى خلال مباراة عام 1823، لم تدخل عالم الاحتراف الحقيقي الا قبل 20 عاما، وبالتالي تعد حديثة العهد طرية العود في هذا المجال اذا ما قارناها بكرة القدم، وفق رئيس الاتحاد الدولي الفرنسي برنار لاباسيه، والذي ابدى ارتياحه الكبير لما تحقق، فـ"كأس العالم بمثابة قارورة الاوكسجين للاتحاد الدولي، فمن مداخيلها ننفق على المسابقة الرسمية الاخرى ومنها كأس العالم للسيدات وكأس العالم للشباب (دون الـ20 سنة) وبطولات الركبي بسبعة لاعبين" التي دخلت البرنامج الاولمبي، وهي خطوة تعزز انتشار اللعبة.
&
من الركبي وارثها استوحى بيار دي كوبرتان بعض المثل والافكار، لا سيما التعاون والمشاركة، لاحيائه الالعاب الاولمبية.
&
فقد تأثر البارون الفرنسي، المعجب اساسا بالاسلوب التربوي الانكليزي الذي يعطي الرياضة دورا مهما في التعليم وبناء الشخصية، بما ورد في كتاب توماس هاكز "يوميات توم براون المدرسية". واستوحى من مضمونه مبادىء تربوية للحركة الاولمبية. لذا، كانت لشعلة دورة لندن الاولمبية عام 2012 محطة في مدرسة مدينة ركبي، كلفتة تقدير لمدرستها وبعض مرافقها التي اولت الرياضة اهتماما خاصا، ما ساهم في بلورة حركتها العصرية تدريجا.
&
يفتخر لاباسيه بان الركبي "طريقة حياة" وهي ميزة خاصة تجعلها جذابة ومثيرة لكثيرين. وبواقعية وصراحة يؤكد انها لن تنال يوما من شعبية كرة القدم، وسيبقى الاهتمام بها وتمويل نشاطاتها ادنى مما ينفق على الالعاب الاولمبية وكأس العالم وبطولة اوروبا لكرة القدم، لكن طريقة تفاعل اللاعبين مع الجمهور "نقطة مشعة" في الجانب الترويجي، وهم يتجاوزون في مشاركتهم في مناسبات كثيرة المنصوص عنه في العقود والاتفاقات، علما ان "فلسفة الرعاية" تجمع بين "روح الجماعة والصورة الجذابة والمردود التجاري".
&
تحظى كأس العالم للركبي بـ19 علامة تجارية لرعاة وموردين، وتخطت مداخيلها السياحية الـ2ر1 مليار يورو، واوجدت 41 الف فرصة عمل، منها 16 الف فرصة مرتبطة مباشرة بشؤون المنافسات. وزادت مبيعات عروض "حزم الضيافة" التي تشمل تذاكر لكبار الضيوف 150 في المئة، فقد بيعت 185 ألف تذكرة منها 33 الفا للمباراة النهائية، على رغم اسعارها المرتفعة التي تصل الى 5236 يورو.
&
وايراد هذه الارقام ينسحب ايضا على الارباح المتوقعة والمقدرة بـ1ر193 مليون يورو (بلغت ارباح النسخة الاولى عام 1987 في نيوزيلندا 4ر1 مليون يورو)، وارتفاع المتابعة التلفزيونية الى 5ر4 مليار نسمة في 207 بلدان (800 مليون منزل ومكتب). ويشمل النقل المباشر والبرامج اكثر من 20 الف ساعة، بزيادة 37 في المئة عن النسخة السابقة في نيوزيلنده عام 2011.
&
كما بيعت 5ر2 مليون تذكرة للمباريات الـ48 الموزعة على 13 ملعبا.
&
عموما، تجاوزت ارقام حجم اعمال البطولة للمرة الاولى المليار دولار، ما يمثل ضعف ما كان عليه قبل اربعة اعوام، علما انها تبقى متدنية جدا قياسا بكرة القدم. غير ان السوق الانكليزية شكلت رافعة مثلى لهذا الحدث وضمانة اكيدة لتحقيق الارباح، ما جعل النسخة الثامنة تشكل نجاحا تجاريا بارزا يبنى عليه، لا سيما ان مردوده ينعكس على اركان اللعبة واتحاداتها.
&
&وقد اكد لاباسيه ان توظيف المال سيكون على غرار روح الركبي المتمثلة بقيم "التآخي والتضامن والتواضع"، عكس الصورة القاسية للأداء التي كونها بعضهم استنادا الى الوقائع الميدانية، وهي نافرة احيانا، لكنها محفزة وحماسية بنظر عشاق هذه ارياضة.
&
ويفاخر لاباسيه بان مجمل البطولة وفر 330 مليون يورو عائدات تجارية، منها حقوق البث التلفويوني (178 مليونا) والرعاية (65 مليونا) وبرامج الضيافة وبيع التذكارات وغيرها، الى 275 مليون يورو من بيع تذاكر المباريات واستثمارات في جوار الملاعب. وسيستفيد المنظمون بـ 110 ملايين يورو من هذه العائدات.